نواكشوط/ محمد البكاي/ الأناضول:
حسم رسام الكاريكاتير والفنان التشكيلي الموريتاني، مولاي إدريس، ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في بلاده منتصف 2019، واصبح أول موريتاني من يعلن عزمه الترشح .
إدريس الذي يعد أحد أشهر الفنانين التشكيليين الموريتانيين، شارك بمعارض دولية، وفاز بجوائز كان آخرها حصوله على المركز الأول بجائزة الكاريكاتورالسياسي، في قطر عام 2013.
استطاع بداية تسعينيات القرن الماضي، مع مجموعة من رفاقه، تأسيس اتحاد الفنانين التشكيليين الموريتانيين، لجمعهم في إطار واحد.
كما استطاع أن يساهم في المجهود التربوي من ناحية الرسومات المدرسية والمساهمة في التوعية الصحية.
وعمل إدريس على ترسيخ ثقافة الكاريكاتير بالصحافة المحلية، ونقل الثقافة الموريتانية للعالم عن طريق مشاركته في المهرجانات والمعارض الدولية.
علاقة “مولاي” بدأت بالفن التشكيلي في مراحل مبكرة، فحين كان طالبا في المرحلة الإعدادية استهواه الأمر، فبدأ الرسم على الجدران، ثم الورق.
وعلى الرغم من الغياب التام لفضاءات الرسم في موريتانيا، فإنه تحول في فترة قصيرة نسبيا، إلى واحد من كبار الفنانين التشكيليين في الوطن العربي.
وسنة 1995، بدأ إدريس الاهتمام بالعمل السياسي، واستطاع خلال السنوات الماضية نسج علاقات واسعة مع الأحزاب السياسية، خصوصا المعارضِة منها.
** فكرة الترشح للرئاسة
في حديث للأناضول، يقول مولاي إدريس إنه فكر في الترشح للانتخابات الرئاسية، “بعد احتكاكه بالفقراء والمنسيين في أحياء الصفيح (العشوائيات)”.
ويضيف أنه “يطمح في الوصول إلى كرسي الرئاسة من أجل هؤلاء”.
“مولاي” يقول إن طموح الترشح للرئاسة “جاء بعد النجاحات التي حققها في مجال الفن التشكيلي”.
ويتابع: “اقتنعت أن النجاحات التي حققتها بإمكاني تحقيقها في مجال السياسية، ما دفعني لاتخاذ قرار الترشح للانتخابات الرئاسية في 2019 (لم يحدد موعدها بعد)”.
** تنسيق سياسي
يعتبر إدريس نفسه مرشحا غير تقليدي، نظرا لكونه دخل السياسية من بوابة العمل الاجتماعي، لكنه يؤكد أنه بدأ بالفعل خلال الأشهر الأخيرة التنسيق مع العديد من الأحزاب السياسية، استعدادا للانتخابات الرئاسية.
ويشير إلى أنه عقد حتى الآن لقاءات مع رؤساء أحزاب سياسية، بينهم رئيس حزب “اللقاء الديمقراطي” (معارض)، محفوظ ولد بتاح،
كما أجرى لقاءات مع قادة منظمات حقوقية ونقابية، بينها رئيس حركة “إيرا” المدافعة عن الرقيق السابقين، بيرام ولد اعبيدي.
يؤكد أدريس، أن السياسيين الذين قابلهم مرتاحون لفكرة ترشحه ويعتبرونه إضافة مهمة بالنسبة للمعارضين لنظام الرئيس (الحالي) محمد ولد عبد العزيز.
وعلى الرغم من هذه اللقاءات، فإن إدريس لم يعلن بشكل رسمي ما إذا كان قد تلقى تأكيدا بدعم أحزاب سياسية معنية لترشحه.
لكنه يؤكد أنه يعول في الأساس على الجمعيات الشبابية والأندية الثقافية والمنظمات النقابية والحقوقية التي تربطه علاقات واسعة معها، كما يقول.
** جدية الترشح
ويؤكد إدريس أيضا أن ترشحه للانتخابات الرئاسية “جاد”، مشيرا إلى أنه اتخذ كل الإجراءات من أجل دخول الحملة الانتخابية “كمرشح منافس وقوي وجاد”.
وتوقع “مساندة جمهور عريض من الشباب الطامحين لمستقبل أفضل، وفئات كبيرة ممن سماهم المهمشين والمنسيين في أحياء الصفيح بالمدن الكبرى كالعاصمة نواكشوط والعاصمة الاقتصادية نواذيبو”.
ولم يخفِ توقعه بمساندة قوية من المثقفين والكتاب والأدباء والشعراء.
لكن رغم الحماس الذي يبديه إدريس وحملته المبكرة، إلا أن تعقيدات المشهد السياسي وهيمنة أحزاب معينة، تعقّد مهمته وتجعله أقرب لمرشح شكلي، كما يرى متابعون.
** حملة سابقة لأوانها
وبدأت موريتانيا منذ أيام، تعيش ما يشبه حملة انتخابية سابقة لأوانها، إذ شكل ولد عبد العزيز، في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، لجنة خاصة كلفها بتهيئة حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” (الحاكم) للاستحقاقات (الانتخابات) القادمة.
في الوقت نفسه، أصدرت أحزاب المعارضة الرئيسية في البلاد، بيانا دعت فيه لتنظيم الانتخابات في موعدها، وحذرت الرئيس من الترشح لولاية رئاسية ثالثة.
وفي 8 من الشهر الماضي، صادق برلمان البلاد على توسيع صلاحيات اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وزيادة أعضائها، في إطار التحضير للانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية.
ومن المقرر أن تشهد موريتانيا نهاية العام الجاري انتخابات نيابية ومحلية، فيما تنظم الانتخابات الرئاسية منتصف 2019.
وتشهد موريتانيا منذ أغسطس/آب الماضي، جدلا واسعا بين المعارضة والموالاة، بسبب دعوات يطلقها عدد من قادة الأغلبية الحاكمة، بضرورة تعديل الدستور بحيث يتاح للرئيس الحالي الترشح لولاية رئاسية ثالثة.
ويسمح الدستور الموريتاني بالترشح لولايتين رئاسيتين فقط.
ورغم تأكيد ولد عبد العزيز أنه لن يترشح لولاية ثالثة، فإن أحزاب المعارضة تشكك في جدية تصريحاته، وتحذر من أن ذلك سينسف تجربة البلاد الديمقراطية ويدخلها أزمة سياسية عميقة.