وتفرقَ حبر النشيد بين الشعراء..

2 أكتوبر, 2017 - 18:23

ها قد تفرق مداد كلمات النشيد الوطني بين أنامل الشعراء و طفقت كلماته تحمل شتى الأحاسيس: مبهمها و مستنيرها في متنوع و مختلف التراكيب اللفظية و إن في وحدة البحر ليشدو بها الوطن في حلة جديدة راميا وراءه جزء من ميلاده بلدا موحدا مستقلا رايته معلومة خفاقة بخضرة و صفرة يبتسم لهما السماء و يعانق، و نشيده متماسك شعريا تُسمعه لغة ثرية ندية أخاذة بشهادة الغير و تحمل كل تعريف بالبلد.

و إذ  ا يشكو النشيد الجديد إلا صفر التراكم و انطفاء جوهره، فإن النشيد القديم لا يشكو هو طذلك إلا من بُعد قياس الحاضر.. و قد تسللت السياسة بين الماضي التراكمي الذي هو الأساس و المنطلق و بين الحاضر المتحرك بسرعة العصر على إيقاع المستقبل؛ الساسة التي لم تتحرر بعد من قيود الماضي السلبية و لم تأخذ بأسباب التماهي مع مقومات الحداثة و نبل مضامينها و مراميها، لتقيد النوايا عن حسنها و تقلب آيات المطالب الوطنية بخلفية التفاهم على مناطق التغيير الناطقة و محاور التحول المتوازن المنشود.  

 

قيد التقليد و  طوق المحاكاة؟

إن غياب الطابع الموريتاني في شتى الفنون و الصناعات و المعمار أمر لا تخطئه عين، و إن ما ندعيه من الأسبقية في علوم الدين ينكره اتباع مرجعية الآخرين و اعتماد أمهات كتبهم و محاكاة نهجهم.

و على نطاق شامل تبقى المحاكاة و التقليد و اختزال الخطى، إلى كل مستسهل هين و رخيص قريب، منتهى المُتَّبَع  الذي لم يبرع أهله يوما في حرفة أو معمار أو تصنيع أو نسج أو ري أو أي فن آخر سوى أن يحاكوا للضرورة القصوى في أقله و في أضيق حيز و أقل حرفة أو مهارة.

و الدليل على هذا الواقع الشاذ أن هذا البلد منذ كان بفضاءاتها المعروفة بالنزعة "السائبة" تقريبا إلا من التعقل الذي يحفظ أقل قدر من التعايش و نزره القليل الوجوبي من التفاهم و التبادل، فإن البقاء فيه ظل رهينَ التقليد تدعمه بعض معالم أسبابه قائمة لتصارع الزمن الذي يمنحها تجاوزا معه إلى كل مرحلة بعد الأخرى.. و إن هذه المحاكاة التي أصبحت عضوية بأقل العطاء و أرخصه وجدت ضالتها في:

·        تقليد الموضة الهابطة،

·        و مجاراة الإعلام الرخيص،

·        و محاكاة الصالونات المبتذلة،

·        و مسايرة الأدب البهلواني،

·        و تقمس السياسة الحربائية التي تمتهن الضمير و تكبل الوطن..

و الجميع يقلد.. بأقل جهد في سعي محموم على كف الهوان إلى سهل النتيجة.
الولي سيدي هيبه