أقرّت تل أبيب وبشكلٍ رسميٍّ أنّها تُقدّم المُساعدات والمعونات للتنظيمات المُسلحّة التي تُحارب الدولة السوريّة وتعمل منذ سبع سنوات على تمزيق سوريّة وإسقاط الرئيس الدكتور بشّار الأسد من سُدّة الحكم.
ويتبيّن من تصريحات المصادر الأمنيّة والعسكريّة في إسرائيل بأنّ الدعم لهذه الجماعات لا يقتصر على علاجهم في المستشفيات الإسرائيليّة فقط، بل يتعدّى ذلك، وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “هآرتس″، نقلاً عن مصادر إسرائيليّة رسميّة ورفيعة المُستوى، كشفت النقاب عن معلومات تفيد بأنّ الدعم العسكريّ المقدم من جيش الاحتلال إلى المسلحين السوريين في العام الحالي تقدر بأكثر من 115 مليون شيكل، ما يوازي أكثر من 32 مليون دولار.
وأوضحت الصحيفة العبريّة، نقلاً عن المصادر عينها، أنّ الجيش الإسرائيلي استثمر 20 مليون شيكل، أيْ أكثر من 5 ملايين دولار من ميزانيته لهذا العام عبر إقامة وتشغيل الهيئة التي أُسّست قبل حوالي العام وتُعنى بدعم المسلحين في سوريّة، وتسمى “جيرة حسنة”، مشيرةً إلى أنّ هذه المبالغ لا تشمل كلفة المعالجة الطبية لجرحى المسلحين السوريين التي تقدّر بعشرات ملايين الشواكل وتقوم بتمويلها وزارات الأمن والمالية والصحة، فيما أكّدت تقارير أخرى بأنّ دولاً عربيّة من محور الاعتدال هي التي تقوم بتحمّل تكلفة علاج الجرحى السوريين في مستشفيات الدولة العبريّة..
وذكرت الصحيفة العبريّة أيضًا أنّ إدارة “جيرة حسنة” أُنشِأت في شهر آب (أغسطس) من العام الماضي، والمبلغ الذي خُصص لها للعام 2017 يشمل كلفة إقامتها، وتشغيلها بشكل دائم ودفع أجور عناصر الخدمة الدائمة في المشروع وهم ضابط برتبة مقدم يترأس المديرية وثلاثة ضباط إضافيين، لكن المبلغ الأساسي الذي يموِّل نقل التجهيزات الطبية والغذاء والأدوية لا يأتي من الجيش، بل من تبرعات خاصة، لرجال أعمال من أصل سوري يقطنون في شيكاغو ومنظمات مختلفة، مثل مركز “بيريس للسلام” ولجنة مكافحة الإبادة الجماعية، على حدّ قول المصادر الإسرائيليّة الرسميّة.
وفيما يتعلّق بكيفية إرسال الدعم العسكري والطبيّ للمسلحين أشارت الصحيفة العبريّة، نقلاً عن ذات المصادر، إلى أنّ ضبّاط إدارة الارتباط في “جيرة حسنة” يتحدثون مع عناصر ارتباط محليين في القرى من وراء الحدود من أجل إرسال التجهيزات، وأحيانًا أيضًا يلتقي قائد الفرقة المناطقية في هضبة الجولان، العميد ينيف عاشور، مع مسؤولين في القرى، في محاولة لاستيضاح نوعية التجهيز الذي ينقص السوريين.
وبحسب الصحيفة، فإنّ جيش الاحتلال بدأ في البداية بإرسال التجهيزات محاولاً إخفاء الكتابات باللغة العبريّة المطبوعة على المنتجات، لكن بعد عدة أسابيع توقف عن فعل ذلك، فيما كان حجم البضائع التي نقلت كبير جدًا.
وبيّنت الجولة التي أجرتها “هآرتس″ في الأيام الأخيرة على الحدود مع سوريّة كيف تُدار عملية “جيرة حسنة”، التي بموجبها تُنقل كل شهر عشرات الأطنان من التجهيزات خلف الحدود، كما يتمّ في كلّ ليلة نقل تجهيزات، لذلك تم إعداد مناطق مخصصة في عدة نقاط على مقربة من السياج الجديد الذي تم بناؤه على الحدود.
وأوردت الصحيفة العبريّة أنّ عملية نقل التجهيزات تتم على الشكل التالي: أولاً، تقوم الجرافات بتسوية الأرض لتجهيزها قبيل عملية التسليم. ثانيًا، يقوم ضابط إسرائيلي من إدارة “جيرة حسنة” بالتواصل على الأغلب بواسطة هاتف محمول بشخص من خلف الحدود. ثالثًا، يتّم تنسيق وصول شاحنة سورية إلى الأراضي المحتلة. رابعًا، في ساعات الليل، يتم فتح قفل البوابة الحدودية وتجتاز الشاحنة السياج تحت مراقبة قوات عسكرية وتدخل إلى الأراضي المحتلة، وخامسًا وأخيرًا، تقوم بنقل التجهيزات التي تكون موجودة في الوقت المحدد بعد تحميل كل التجهيز، تغادر الشاحنة المكان، وتعود أدراجها إلى سوريّة ويتم إعادة إقفال البوابة ثانية، كما أكّدت المصادر الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة للصحيفة العبريّة.
وكان الجيش الإسرائيليّ قد أقّر سابقًا بأنّ عدد الجرحى السوريين، الذي يُعالجون اليوم في المستشفيات الإسرائيليّة يصل إلى 1400، مُشدّدًا على أنّه بحسب معطيات جيش الاحتلال فإنّ 90 بالمائة من الجرحى هم من الرجال، الأمر الذي يُعزز الرواية بأنّهم ينتمون إلى الجماعات المُعارضة المُسلحّة، التي تُحارب الدولة السوريّة والجيش العربيّ السوريّ.
جديرٌ بالذكر أنّ عدد الجرحى السوريين في مستشفيات الدولة العبريّة، في ارتفاعٍ حادٍ، إذ أنّ تكلفة اليوم الواحد في المستشفى الإسرائيليّ تصل إلى مبلغ 2500 شيكل (حوالي 750 دولار)، وبما أنّ الجرحى غير مؤمَّنين في صناديق المرضى في الدولة العبريّة، ويتّم نقلهم إلى المستشفيات من طريق الجيش، فإنّ تكلفة اليوم الواحد تصل إلى أكثر من ألف دولار.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التكلفة ترتفع بشكلٍ كبيرٍ في حال إجراء الأطبّاء عمليات جراحيّة للمصابين. وبمّا أنّ عدد الجرحى السوريين الذين يُعالجون في المستشفيات الإسرائيليّة هو نحو 300 جريح، فإنّ التكلفة الشهريّة لعلاجهم تصل إلى نحو 9 ملايين دولار.