الوطن أمام مفترق طرق/ سوناتور مصطفي سيدات

27 مايو, 2025 - 14:06

 
 لايختلف عاقلان اليوم في موريتانيا؛ أنها تعيش منعطفا تاريخيا خطيرا ، نتيجة فشل مسار الانتقال الديمقراطي؛   الذي بدأ فى التسعينيات من القرن الماضي ،  وأدى بالنتيجة إلى اختفاء الحركات السياسية السرية والانتماءات الادلوجية؛  في حين سمح  بالتعددية الحزبية والنقابية  و تأسيس منظمات المجتمع المدني  ، كما فتح الباب نظريا للتناوب السلمي على السلطة. 

و رغم نمطية هذه الصورة من الديمقراطية؛ فإنها أنعشت الساحة السياسية لسماحها بإنشاء عدد كبير من الأحزاب السياسية  والنقابات  و كذلك تأسيس العديد من منظمات المجتمع المدني،  كما تم من خلالها تنظيم العديد من الانتخابات البلدية والنيابية والرئاسية بانتظام ، لكن اقدام السلطات على شراء الذمم واستخدام المال العام و تدخل الإدارة الإقليمية بإفراط في الانتخابات وتزويرها لصالح مرشح حزب السلطة ، افرغ الممارسات  الديمقراطية من مضمونها. 
و مع تكرار هذه الممارسات والاختلالات؛ التي ظهرت في تجربة الانتقال الديمقراطي؛ أفقد المواطن ثقته فيها؛ مما أدي  بالنتيجة إلى تخريب كل البنية التنظيمية للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد؛ كما بدد كل الطموحات في بناء وطن يسع الجميع .

لقد زاد  هذا المشهد قتامة بتقاعد أغلبية جيل  الموظفين الكبار و الضباط والاداريين  الذين اشرفوا على مسار الانتقال الديمقراطي؛ خلال العقود الماضية وكذلك  شيخوخة معظم الزعماء السياسيين والوجهاء  والمشايخ؛ الذين واكبوا هذه التجربة  دون السماح  بظهور جيل جديد لخلافتهم و سد الفراغ في الحياة العامة ، و هذا الفراغ الجيلي يهدد حاضر و مستقبل البلد .

 يستنتج من هذا السرد أن المشهد السياسي في تحول كبير و إعادة تشكل لا محالة ، وأن نمط الحكم المعمول به منذ تسعينيات القرن العشرين فقد مصداقيته و  لا يمكن التأسيس عليه  لمستقبل إدارة  البلاد .
الأمر الذي يفرض  أن تكون المأمورية الرئاسية الحالية هي الحلقة الأخيرة من مسلسل  الحكامة القديمة،  ولضمان مستقبل البلاد ، ينبغي العمل على  إجراء إصلاحات جوهرية تمكن من إعادة تأسيس الدولة على أسس جديدة  اكثر استقامة  وصدقا  وفعالية، عبر إقامة دولة القانون والمؤسسات؛  الضامنة لتحقيق دولة المواطنة، باعتبار هذه العوامل؛ هي شروط استقرار الدولة وتطوريها وازدهارها  .

إن التحول المنشود اذا لم يتم تأطيره بحكمة وتبصر وتعاون بين كل النخب الوطنية - والمسؤولية هنا تقع أكثر على النخبة السياسية و السلطة الحاكمة- فإن موريتانيا ستتجه إلى الانزلاق والانهيار لاقدر الله . 
في الخلاصة؛ 
 إن استشعار الخطر محفز على البحث عن التدابير والحلول لتفاديه، والتي من بينها طبعاً الحوار الجاد  بين كل المهتمين بالشأن العام؛ سبيلا لإيجاد تصور عام لحل كبريات المشاكل الوطنية وتلبية تطلعات جميع  المواطنين ، سعيا الى تحقيق العدالة  و الحرية والمساواة بين المواطنين، بوصفها هي الضامن  للاستقرار البلد،  ولن يكون ذلك ممكناً إلا بوحدة القوى المؤمنة بإصلاح  أوضاع الدولة الموريتانية الموجودة حالياً خارج البنى الحزبية القائمة و هو أمر ضروري و ملح لضمان إنجاح التحول المنشود .

والله ولي التوفيق

المصطفى سيدات 
   شيخ  تجكجة 
والامين العام لمنظمة
 الشفافية الشاملة