الشكوة سرّ "أزريك" موريتانيا

5 أغسطس, 2020 - 19:49

يفضل الموريتانيون شراب الـ"أزريك" المعدّ في الشكوة على غيره من المشروبات الأخرى، ويرتبطون به ارتباطاً وثيقاً، إذ يعتبرون حليب الشكوة صناعة تقليدية خاصة بهم، ما يجعل الشراب منتشراً لديهم في العاصمة والمدن الكبرى، وفي الريف، وفي البوادي.
تؤكد عائشة بنت محمد أنّ لديها خبرة كبيرة في صناعة الشكوة، إذ تلجأ إليها النسوة في سكان قريتها في الريف الموريتاني من أجل مساعدتهن في صناعتها وتجهيزها، وهو ما يبدأ بإعداد جلود الغنم، ونزع وبرها وتركها لأيام داخل إناء يحتوي الصلاحة، والملح، والماء، ثم أخذ الجلد بعد ذلك وغسله جيداً، من الداخل والخارج، وبدء استعماله في تهيئة الحليب الرائب داخله، وعند هذه النقطة بالذات يطلق على قطعة الجلد هذه اسم شكوة.
تضيف بنت محمد أنّ التقاليد الموريتانية مليئة بالصناعات التقليدية الخاصة بالنساء، خصوصاً في مجال التجهيزات المنزلية وما يتعلق بها، كما تحضر المرأة في التراث المحلي بقوة ولها خصوصيتها وأدواتها المنزلية ومعدات الزينة الخاصة بها، وهو ما يعكس تنوع التراث الموريتاني وغناه بكلّ ملامح الحياة اليومية لأبناء البلاد.
لكنّ الأمر لا يخلو من تهديد لهذا التراث، إذ تشير بنت محمد إلى أنّ الشكوة تحاصرها اليوم المعدات الحديثة ووسائل حفظ الألبان العصرية. بالرغم من ذلك، تشير إلى أنّ المرأة الموريتانية ما زالت متمسكة بشكل قوي بوعاء الشكوة، وهكذا تنتشر صناعته اليدوية في مختلف مناطق البلاد. وتشير إلى أنّ تفضيل الموريتانيين شراب الـ"أزريك" يعني أنّ الشكوة مستمرة، إذ يبتعدون غالباً عن الحليب المجفف، حتى إن كانوا في العاصمة والمدن الكبرى.
لكنّ للصيف وطقسه الحار أحكامه أحياناً خصوصاً عندما يتسبب في نقص كبير في حليب المواشي بسبب بحث أصحاب القطعان عن أماكن رعي جديدة في أماكن بعيدة أو على الحدود مع بعض الدول الأفريقية في هذا الفصل. وهكذا يضطر البعض إلى تناول الحليب المجفف بعد خلطه بالماء الساخن وتبريده، وهو ما لا يمكن أن يتحول إلى شراب مماثل لشراب الـ"أزريك".
تؤكد آمنة بنت لقظف، وهي من سكان الريف الموريتاني، أنّ الشكوة والعمل في إعداد الحليب عبرها، لا يخلو منها أيّ منزل أو خيمة في موريتانيا، فهي الوعاء الذي يتبادله الجيران في حال عدم توفره لدى كلّ أسرة، بهدف تجهيز ما لديها من حليب وتحويله إلى عدة أشكال من المنتجات لا سيما الـ"أزريك". تضيف بنت لقظف لـ"العربي الجديد" أنّ إعداد الـ"أزريك" بالشكوة له أوقات شبه محددة لدى الموريتانيين من أبرزها الصباح الباكر بعد بقاء الحليب الليل بأكمله داخل الشكوة. ومع الانتهاء من الإعداد يوزع مباشرة على أفراد الأسرة والضيوف، كما يرسل كوب من الـ"أزريك"، إلى الجيران هدية في الصباح. كذلك، يعدّ الـ"أزريك" عند الظهيرة، أما في ما عدا ذلك فلا يعدّ إلا إذا وصل ضيوف فجأة، فيقدم لهم قبل الشاي الموريتاني الشهير، بحسب بنت لقظف.

نقلا عن " العربي الجديد"