الخارجية تنتقد التجمهر عند الحدود وتتمسك بإغلاقها

26 مارس, 2020 - 18:15

اعتذرت الحكومة الموريتانية  لمواطنيها المتجمهرين منذ أيام على مستوى معبر روصو الحدودي مع السنغال والراغبين في العودة إلى البلاد، مؤكدة عدم التراجع عن قرار إغلاق الحدود.
وجاء هذا الاعتذار بعد أن وجه العالقون على الحدود طلبات للحكومة وبعد أن مارسوا عبر الإعلام الاجتماعي شتى أنواع الضغوط للسماح لهم بالدخول مع استعدادهم للحجز الطبي.
وتزامن هذا مع ازدياد تفشي وباء كورونا في السنغال المجاورة بمعدلات مخيفة، حيث قاربت حالات الإصابة الداخلية سبعين حالة مؤكدة.
وأكدت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، في بيان ردت فيه أمس على طلبات العالقين الراغبين في الدخول، أن «ظروف الأزمة الصحية الخانقة التي سببها انتشار فيروس كورونا على مستوى المعمورة قد قاد العديد من البلدان إلى إغلاق حدودها للاحتماء من هذا الوباء غير المسبوق».
وذكرت الوزارة بأنها «أصدرت بأمر من رئيس الجمهورية تعليماتها للبعثات الدبلوماسية والقنصلية لتكون على اتصال دائم بمواطنينا في الخارج ولتأمين المساعدة الضرورية في حدود المستطاع، ولمتابعة المشاكل التي يطرحها المواطنون بكل عناية لتقديم ما يمكن من حلول».
«وفي سياق هذه الأزمة الصحية التي نتجت عن انتشار فيروس كوفيد 19، تضيف الوزارة، يوصى بالحد من التنقلات وبالابتعاد عن نقاط الحدود سواء في ذلك المطارات والحدود البرية والبحرية والنهرية، إذ إن جميع الخبراء يوصون بتجنب التنقل إلى أقصى الحدود، وبالتزام العزل الصحي لحماية النفس وحماية الأسر».
وأضافت الوزارة، في بيانها الذي قابله بعض المدونين بانتقادات شديدة: «في مثل هذه الحالات لا ينبغي أبداً محاولة الفرار من الوباء، ويجب البقاء في مكان السكن الاعتيادي لتفادي نشر الفيروس، وهذا ما أوصت به عدة دول صديقة مواطنيها المقيمين في موريتانيا».
وزادت: «حين كانت الأزمة محدودة في معقل واحد، في الصين، أساساً (حول منطقة ووهان) اتخذت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج الترتيبات الضرورية لتسهيل إجلاء طلابنا الثمانية المقيمين في و»وهان» في إطار عمليتين منظمتين بالتعاون مع بلدين شقيقين، ولما قررت بعض البلدان قبلنا إغلاق مجالها الجوي أو حدودها اتخذت السلطات إجراءات تهدف إلى تسهيل العودة جواً وبراً للعديد من مواطنينا الذين في حالة وجود مؤقت في الخارج، وتمثلت هذه الإجراءات خصوصاً في رحلات جوية إضافية وفي الترخيص لرحلات برية تربط بلادنا بالبلدان الشقيقة المجاورة، وهو ما مكن من عودة المئات من مواطنينا من بينهم طلاب قادمون من الجزائر والمغرب والسنغال وتونس وبلدان أخرى».
«يجدر التأكيد هنا، تضيف الوزارة، إلى أن هذه الإجراءات كانت تهدف، بالأساس، إلى تسهيل عودة غير المقيمين خاصة من مواطنينا الذين كانوا في الخارج لأسباب صحية أم مأموريات قصيرة المدة، لأنه يفترض أن يبقى المقيمون في بلدان إقامتهم كما تم تطبيقه في الكثير من الدول، ولم يكن الطلاب الذين يعتبرون مقيمين في بلدان دراستهم معنيين بهذه الإجراءات، ومع ذلك فإن عدداً كبيراً منهم سمح له بالعودة بعد إغلاق الحدود خاصة مع المغرب والسنغال وتونس». «وينبغي الاعتراف، تقول الوزارة، بأن تنقلات مواطنينا المستمرة إلى الحدود بعد إغلاقها من طرف البلدان المجاورة، وتجمهرهم عند نقاط المغادرة، قد سببت الكثير من الإحراج لسلطات تلك البلدان وزادت من صعوبة تنفيذ إجراءاتها الخاصة بها في مجال الحماية والحجر الصحي، ومع ذلك فقد كانت هذه السلطات صبورة ومتعاونة إلى أقصى الحدود، علماً بأن لدينا الآلاف من المواطنين في البلدان المجاورة، وأنه كلما سمح لمجموعة بالدخول تشكلت في الغد مجموعة جديدة على الحدود، بنفس المظهر المؤثر والمطالبة للسلطات، ورغم تأثرنا العميق بهذا الوضع، فإنه ينبغي وضع حد لهذا التدفق المستمر».
وتابعت: «وهكذا، فإن الحل الوحيد الذي يفرض نفسه اليوم، والذي يوصي به الخبراء، يتمثل في الحجر الصحي للمسافرين القادمين من المناطق الموبوءة (يتعلق الأمر بمئات الأشخاص) وهذا الحجر يتم في فنادق وإقامات مؤمنة طاقاتها محدودة جداً».
«منذ ذلك الحين، يضيف البيان، قررت السلطات الموريتانية يوم 22 مارس أن تغلق كل المعابر دون أدنى استثناء لتمكين السلطات الصحية الوطنية من رقابة ومتابعة الحالتين الموجودتين في البلاد ومتابعة اتصالات مئات الأشخاص الخاضعين للحجر الصحي؛ وهو عمل يتطلب طاقة وجهداً كبيرين، وواجبنا جميعاً أن نحمي مواطنينا من هذا الداء الرهيب». وانتقد الإعلامي أحمد محمد مصطفى منع الحكومة الموريتانية العالقين من العبور، مضيفاً في تدوينة حول الموضوع: «العديد من الدول قامت بإجلاء مواطنيها بناء على رغبتهم، ومن الواضح أن هذا المطلب في سياق الواقع الموريتاني حلم بعيد المنال؛ فالمطلب الآن لا يتجاوز مجرد السماح لمواطنين وصلوا المعبر الحدودي أو اقتربوا منه بالدخول إلى وطنهم، وليتخذ في حقهم ما شاءت الجهات الصحية من إجراءات احتياطية».
وقال: «الخلط بين مطلب إغلاق الحدود لتأمين البلاد من الفيروس، والدعوة لاحترام حق المواطنين في الرجوع لوطنهم مغالطة أكبر يمارسها من مارس سابقتها. لا أحد في هذا الفضاء، حسب متابعتي، طالب بإعادة فتح الحدود أو بالتساهل فيها، لكن هناك قلة تطالب بالاعتداء على مواطنين آخرين بمنعهم من حقهم في العودة إلى وطنهم متى شاءوا، وهو حق لا يسقطه أي جرم مهما بلغ، فكيف بأُسر وطلاب علم لم يرتكبوا أي جرم».
وطالب حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض، في بيان وزعه أمس، السلطات بالتحرك العاجل، لإيجاد حل ينهي معاناة المواطنين العالقين في هذا الظرف العصيب».
ودعا اتحاد الطلبة الوطنيين «السلطات إلى فتح الحدود أمام الطلبة الراغبين في دخول البلاد»، مطالباً بإجلاء الطلاب الراغبين في العودة إلى البلد خصوصاً من تركيا والجزائر وتونس والمغرب». وأكد الاتحاد «أن عشرات الطلاب الموريتانيين العالقين على المعابر الحدودية يعيشون ظروفاً صعبة للغاية، خاصة بعد إعلان الدول التي يوجدون بها حالة طوارئ، وإغلاق الحدود الموريتانية في وجوههم».
«ويوجدُ عشرات الطلاب القادمين من السنغال منذ أيام، يضيف الاتحاد، عند معبر روصو الحدودي بعد أن رفضت السلطات السماح لهم بالدخول بعد قرار إغلاق الحدود مع السنغال، كما يوجدُ عشرات الطلبة القادمين من المملكة المغربية عند الحدود بين البلدين في نفسِ الظروف».