
يتردد طوال العقدين الماضيين مصطلح تجديد الخطاب الدينى ويكون المعنى كامنا بنفس من يطالب به دون أن يعرف معنى الخطاب أو المعنى الدينى، وقد أسهب بعض الشيوخ فى ايراد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الخاص بأن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة دينها .
فهل يقصد تجديد الدين أم تجديد فهم الدين وأساليب الدعوة إليه وهل لهذه الدعوة دواع سياسية. تثير هذه المسألة الكثير من الأسئلة المنهجية ولكن أذكر أننى عندما كنت عضوا فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية قبل سنوات عقد مؤتمر فى مقر المجلس ضم عددا من المفكرين من مختلف الاتجاهات تحت رئاسة وزير الاوقاف العالم المستنير الدكتور محمود حمدى زقزوق وقدمت أفكار كثيرة تفيد طرق الدعوة إلى الدين ولكن المشكلة أنه كلما زادت الحساسية من التيار الإسلامى ارتفعت نبرة الدعوة إلى تجديد الخطاب وقد علمت ما يتردد فى ذلك الوقت بأن الولايات المتحدة طلبت من السلطات السياسية فى مصر هذا الموضوع فكان عقد المؤتمر يدخل فى اطار العلاقات السياسية بين مصر والولايات المتحدة.
السؤال الأول هل يقصد بالتجديد تجديد الدين بمعنى فرز الثابت والمتغير فيه أم تجديد وسائل الدعوة إلى هذا الدين.
السؤال الثانى لماذا التركيز على الإسلام ولم يطالب أحد يتجديد الخطاب المسيحى أو الكنسي واليهودى أو الحاخامى ولماذا الهجوم على الأزهر بالذات وهذا الهجوم مشبوه لأنه يعكس الهجوم من جانب أعداء الاسلام على الإسلام نفسه وليس على التيارات الإسلامية.
السؤال الثالث هل تنقية الخطاب الدينى مما شابه من غرائب يدخل فى اطار الحديث الشريف كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار علما بأن الحديث عن البدع فى البيئة العربية الحالية يخلط تماما بين السياسة وصحيح الدين وذلك الحديث عن المطلق والمقيد والحديث عن النصوص والمصادر قطعية الثبوت وقطعية الدلالة وموقع التراث في الحملة على ماحدث بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة فى مؤتمر تجديد الفكر الإسلامى .
السؤال الرابع إذا كان التجديد مطلوبا فى كل وقت فما هى قواعد التجديد الآمن الذى يكون لوجه الله والدين.
السؤال الخامس هل التجديد يقوم به من يشاء وفى أى قطاع من قطاعات الدين وهل هو عملية شعبوية أم نخبوية وإذا كان الهجوم على النخبة الدينية الإسلامية المتخصصة فكيف تأتمن النخب السياسية وغير المتخصصة فى هذا المجال الهام وإذا لم يكن شيخ الأزهر هو حارس المرجعية فمن يكون.
وأخيرا أذكر أننى حضرت ندوة منذ سنوات فى كلية الدراسات الإسلامية فى الجزائر حول الثابت والمتغير فى الشريعة الإسلامية وكانت ندوة ثرية تدخل فى صلب الموضوع المطلوب التجديد فيه فلايجوز أن يتخذ التجديد شعارا وستارا للهجوم على الدين والنفاذ إلى مصادره الرئيسية القرآن والسنة وتلك قضية بالغة الأهمية وتستدعى من كل المتخصصين الدعوة إلى فهم جديد للنصوص الثابتة تستجيب لكل المتغيرات ولكنها لا تمس النص الثابت والنص يقصد به القرآن والسنة وحدهما أما اجتهادات الفقهاء فيؤخذ منها ويرد رغم أن الفقه الإسلامى هو أحد مصادر التشريع فى بعض الدساتير العربية.
السفير د. عبدالله الأشعل
*مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق