بعد سنوات من التشرد والحرمان خرج اللاجئون السوريون في موريتانيا عن صمتهم ووجهوا انتقادات لاذعة للنظام القطري، حيث اعتبروه طرفاً مساهماً في استمرار المأساة التي مازالوا يعيشونها حتى الآن، ورأى العديد من هؤلاء أن قطر هي المسؤول الرئيسي عن انحراف الثورة السورية عن مسارها بدعمها للجماعات المتطرفة، أما الشعب السوري فلم يحصل منها إلا على الوعود الفارغة.
وأجمع جل المستطلعين على أن جريمة تنظيم الحمدين بحق الشعب السوري لا تقل فظاعة عن جريمة نظام بشار الأسد بل قد تتجاوزها بشاعة، وعلل بعضهم ذلك بأن دعم تنظيم الحمدين للإرهابيين لطخ سمعة الثورة السورية من جهة ومن جهة أخرى خلق مبرراً لجرائم القتل التي يرتكبها النظام على اعتبار أن ما يقوم به هو حرب مشروعة على الإرهاب.
أبو ماهر رجل مسن من مدينة حلب لاجئ سوري قدم إلى موريتانيا 2013 قال لـ «لبيان»، إنه كان يدرك منذ البداية أن سياسة قطر تجاه الأزمة السورية ستكون لها نتائج كارثية، مؤكداً أنه كان شاهداً على ما تقوم به الدوحة من تمويل وتسليح للتنظيمات الإرهابية المتشددة التي جلبت الويلات للشعب السوري، وأردف أبو ماهر «أموال قطر لم تكن تصل إلى المدنيين السوريين إطلاقاً بل كانت موجهة حصراً لمساعدة الإرهابيين».
وأضاف «نحن نعيش بعيداً عن وطننا ونعيش أوضاعاً صعبة، أصبحنا نتسول ونبحث عن معين ووجدنا بعض الأشقاء العرب الذين ساعدونا جزاهم الله خيراً بينما لم تقدم لنا قطر سوى التفرقة والشتات وزرع الكراهية عبر قناتها الجزيرة». وشدد أبو ماهر على «أن ما قامت به الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب تجاه قطر هو الصواب بعينه، فقطر لا بد أن تتحمل مسؤولية جرائمها ضد السوريين وغير السوريين»، على حد تعبيره.
معاناة
أم أيمن وأختها وفاء قدمتا من حمص إلى موريتانيا في العام 2014 بعد رحلة شاقة تتذكران جيداً تفاصيلها وتفاصيل المعاناة التي مرتا بها منذ غادرتا منزلهما في حي الوعر في حمص، تقول أم أيمن منذ أن بدأت الأزمة في العام 2011 كنا نشاهد كيف كانت قناة الجزيرة القطرية تحثنا على الخروج على النظام وكنا نعتقد حينها أن قطر ستتلقفنا بالأحضان وستكون لنا عوناً وسنداً ولكن هذا لم يحدث، فلم نر ولم نسمع منها إلا الوعود الجوفاء والخطاب الإعلامي المحرض.
تقاطعها أختها الصغرى وفاء قائلة، «قطر تقدم مساعدتها لعوائل الدواعش فقط وبما أننا لسنا منهم فقد حرمتنا منها»، وتضيف وفاء «أريد أن أشكر الدول التي وقفت معنا مثل السعودية والإمارات ونحييها دعمها للشعب السوري دون تمييز، كما أوجه شكراً خاصاً لموريتانيا التي استقبلتنا على أراضيها وسمحت لنا بالإقامة وقدمت لنا حاجاتنا من أكل وشرب ومأوى».
عدو
هذا الموقف يشاطرهم فيه الشاب وائل ابن مدينة داريا الذي وصل موريتانيا 2014 رفقة زوجته وبنته ذات الأعوام الخمسة، يقول وائل: «قطر هي العدو اللدود للشعب السوري وليس نظام الأسد فقط، لقد رأيت كيف كانت قطر تصنع الإرهاب في بلدي من خلال التمويل والتدريب والتسليح».
ويستطرد «الكثير من أصدقائي الشباب اضطروا إلى الالتحاق بالجماعات المتطرفة التي تساندها قطر، إما خوفاً من بطش تلك الجماعات أو طمعاً في الليرات القليلة التي سيحصلون عليها نظير الانضمام لها». ويشيد وائل بمواقف الدول العربية التي قررت مقاطعة قطر لإجبارها على التخلي عن دعم الإرهاب، كما يثني على قرار الحكومة الموريتانية قطع علاقاتها مع نظام الدوحة الذي يصفه بالنظام الإرهابي.
2013
بدأ اللاجئون السوريون بالتوافد على موريتانيا منذ العام 2013 عبر الرحلات الجوية القادمة من تركيا أو بيروت أو الجزائر، حيث تتواجد أعداد كبيرة منهم، وقد أقامت لهم الحكومة الموريتانية مخيماً في ضواحي نواكشوط وتقدم لهم إعانة مالية يومية تبلغ (4000 أوقية) حوالي (11 دولاراً) للفرد، لكن قد فضل الكثير منهم التسول في الشوارع على الإقامة في المخيم، وفي الوقت الحالي يقدر عددهم بالمئات.