السلام عليكم و رحمة الله و بركاته لقد ظن بعض الإخوة تعارضا بين مقطعين تكلمت فيهما عن حكم الاحتفال بالمولد، ففي الأول بينت أنه بدعة، وفي الثاني فصلت فيه بحسب حال المحتفل فأحببت التنبيه إلى أنه لا تعارض بين المقطعين فالعبرة بالنية (إنما الأعمال بالنيات)، فمن اعتقده عيدا ابتدع ومن أراد الفرح بيوم وفاته كفر ومن فرح بمولده كالفرح بيوم نجاة موسى فلا حرج بل ذلك من توقيره و تعزيره الذي أمر الله به و لا يقال لم يفعله السلف لأنه ثبت في صحيح مسلم جوابه صلى الله عليه و سلم عن صيام يوم الاثنين بأنه يوم ولد فيه و كون الصحابة و التابعين لم يخصوا هذا اليوم بشيء يجاب عنه بأن علاقتهم به صلى الله عليه و سلم أكمل فهو حاضر في أذهانهم و شعورهم و معرفتهم كل يوم يبكون عند ذكره بل يكون تأثرهم أبلغ من ذلك كما نقل مالك عن جعفر ابن محمد و محمد ابن المنكدر و قد ذكر ذلك عياض في الشفاء.
أما من بعدهم فلم يعودوا يوقرونه هذا التوقير في كل حياتهم فاحتاجوا إلى الذكرى و هي تنفع المؤمنين.
وما تجدد لدي من العلم في هذه المسألة إلا أمر واحد و هو أن يوم وفاته لا يمكن حسابيا أن يكون يوم الثاني عشر بل إما الثالث عشر و إما الرابع عشر و إما الخامس عشر و إما السادس عشر لأن وقوفه بعرفة لا خلاف أنه تاسع ذي الحجة و قد تواتر أنه يوم جمعة و عليه فإن كان ذو الحجة ناقصا كان فاتح المحرم يوم الجمعة و إن كان تاما كان فاتح المحرم يوم السبت فإن كان المحرم ناقصا على احتمال بدئه بالجمعة يكون فاتح صفر السبت و إن كان تاما كان فاتح صفر الأحد و كذلك على احتمال بدء المحرم بالسبت عند نقصانه ففاتح صفر الأحد أيضا و عند تمامه فاتح صفر الاثنين، فعلى احتمال كون فاتح صفر السبت فإن كان تاما ففاتح ربيع الاثنين و إن كان ناقصا الأحد، و على اعتبار بدء صفر الأحد فإن كان تاما كان فاتح ربيع الثلاثاء و إن كان ناقصا ففاتح ربيع الاثنين و على اعتبار فاتح صفر الاثنين فعلى نقصانه ففاتح ربيع الثلاثاء و على تمامه الأربعاء، فربيع إذا إما أن يكون فاتحه الأحد فالثاني عشر منه الخميس أو فاتحه الاثنين فالثاني عشر منه الجمعة أو فاتحه الثلاثاء فالثاني عشر منه السبت أو فاتحه الأربعاء فالثاني عشر منه الأحد، و على هذا فيوم وفاته صلى الله عليه و سلم إما الثالث عشر أو الرابع عشر أو الخامس عشر أو السادس عشر من ربيع الأول و أرجحها الرابع عشر و حكاية الناس الإجماع فيها نظر لأن الإجماع حجة في الأحكام و لا يعتبر في العقليات و لا العاديات و إنما يقصد به هنا في الحسيات التواتر و لم تتوافر شروطه و الحساب قطعي و يمكن بالحساب تحديد احتمالات يوم مولده صلى الله عليه و سلم فهو يوم الاثنين في ربيع الأول قطعا و الله أعلم.
كتبه محمد الحسن بن الددو الشنقيطي يوم الاثنين الثاني عشر أو الثالث عشر من ربيع الأول عام 1438