العشق الممنوع.. عن الحب العربي لإسرائيل

9 أبريل, 2016 - 08:49

أراني مضطرا، في هذه المقالة، للهبوط بمستوى اللغة، ليس استخفافا بذائقة ووعي القاريء لا سمح الله، ولكن نزولا إلى مستوى المعنيين من الفلسطينيين والعرب الذين يعشقون إسرائيل وينسقون معها.

لذا، أسمح لنفسي باستعارة اسم مسلسل تركي ذائع الصيت في وصف العلاقة سيئة الصيت بين النظام الرسمي العربي وإسرائيل. وإذ أعمد إلى صيغة التعميم، فإنني لا أهرب من عواقب التخصيص، بل أقترب من الحقيقة التي لا تقبل الاستثناء في زمن الفضيحة العربية الشاملة، في هذا الفصل المشؤوم في تاريخ الشرق.

الكل يحب إسرائيل، ويسعى للتقرب منها سرا وعلانية، بل إن دولا عربية في المحورين الوهميين: المعتدل والمقاوم، تتنافس فيما بينها للحظوة بالرضى الإسرائيلي الذي يفتح أبواب الجنة الأمريكية، وليست الخصومة واختلاف المواقف المعلنة بين مكونات النظام العربي إلا غبارا تبدده أمطار الكشف المحمولة في الغيوم السوداء القادمة من تل أبيب.

هناك هرولة عربية إلى تل أبيب، وليس هناك غائب واحد عن ماراثون التطبيع الذي يجري على أكثر من قدم وساق ولسان وبيان في وطن عربي ينتحر بمحض إرادته إرضاء لذوي العيون والسياسات الزرقاء بلون نجمة داود. ومن ينكر اليوم سيعترف غدا بالعلاقة الآثمة مع هذه العشيقة المدللة المسترخية على شاطئين كنا نظنهما عربيين.

العاشقون العرب لإسرائيل يحاولون مداراة هذا العشق لأنه ممنوع في شوارعهم، لكن العشيقة تبوح وتفضح.. وتكشف ما خفي من كبائر النظام العربي.

قبل أيام تناول الكاتب الإسرائيلي اليساري يوري أفنيري بعض تفاصيل العلاقات السرية بين أنظمة عربية ودولة الاحتلال، وعبر أفنيري عن دهشته لهذا التسابق على الحظوة برضى “أبناء العم”.

وقبل ذلك تطرق الكاتب الإسرائيلي الأكثر قربا وقناعة بالحق الفلسطيني جدعون ليفي إلى هذه العلاقة الآثمة معاتبا العرب على هرولتهم المجانية إلى تل أبيب! لكن أحدا لم يكترث، ويبدو أن أحدا لن يكترث بعد أن صار الغسيل العربي منشورا على كل حبال الدنيا، وبعد أن وصل النظام الفلسطيني الحاكم، بموجب انتمائه للنظام الرسمي العربي، إلى مرحلة الاعتزاز بالمنجز الأمني في حماية الكيان الاحتلالي وحواجزه العسكرية وقطعان مستوطنيه، وبعد أن تقدمت الصداقة مع السفاح على وجع الجموع من المقموعين والمحاصرين والسجناء والجرحى والشهداء الذين يختار “مناضلون” أن يتحرروا من “عقدهم” ليؤدوا واجب العزاء في سفاح مقبور قتل في حادث سقوط طائرة.

لم يعد التطبيع حكرا على الحكومات فرجال الأعمال الإسرائيليون يجوبون العواصم العربية ويقيمون الشراكات التجارية مع مستثمرين عرب، والفرق الرياضية الإسرائيلية تشارك في البطولات الرياضية المقامة في عواصم عربية وتقف تحت العلم الإسرائيلي في ملاعب العرب.. الكل يلعب تطبيع، الحكومات، ورجال الأعمال الشرهون، والصحفيون المتهتكون، والرياضيون المدربون على الركض في الانسحابات، والأعضاء المكتملو القدرة العقلية في البرلمانات العربية.. والجهاديون الباحثون عن الحوريات في مستشفيات تل أبيب، والمقاتلون الذين لم يأمرهم الله بمقاتلة اليهود، والاسلاميون المتأمركون ليكونوا إخوانا.. للشيطان.

التطبيع مهنة الحكومات وهواية المجتمعات المعجبة بالنموذج الإسرائيلي، وهو هدف معلن للدول سواء تلك التي تسبح بحمد أمريكا أو تلك التي تلعن الشيطان الأكبر علنا وتنسق معه سرا لإخراج العرب من الجغرافيا ومن التاريخ.

لكن شيئا لن يتغير، فالكف التي تواجه المخرز قادرة على مواجهة المخارز، لكن المستفز حقا في تطورات العشق العربي لإسرائيل هو إصرار الجامعة العربية على الاحتفاظ بلجنة مقاطعة إسرائيل! وإصرار النظام الرسمي العربي على الاستمرار في إصدار البيانات التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس!

أيها السادة كفانا كذبا.

فؤاد أبو حجلة

كاتب فلسطيني