شيء من التاريخ/سيدمحمدxy

22 نوفمبر, 2025 - 15:29

غداة الإستقلال كان المنتبذ القصي فى مهب الأطماع الخارجية والتى كادت أن تعصف بكيانه بين ثلاث دول تريد اقتسامه المغرب مالي السينغال.

كان السينغال يعتبر مقاطعات النهر جزءا لا يتجزأ من أراضيه و كان لأطماعه صدي لدى ساكنة تلك المناطق فموريتانيا المستقلة كان الرئيس سينغور يشكك فى بقائها.

و كانت منطقة الحوض تتبع لمالي مابين 1910 إلى 1944 إلى أن ضمها الوالي الفرنسي Laigret سنة 1945 إلى المنتبذ القصي ، وظل الرئيس المالي موديبوكيتا يطالب بالحوض وكانت الخريطة المعلقة فى مكتب وزير الداخلية المالي تظهر منطقة الحوض كجزء من التراب المالي.
وأما المغرب فكانت موريتانيا جزءا لايتجزأ من حوزته الترابية كما يقول.

و باحتواء مطالب سكان الضفة ودمج حزب المنحدرين من غوركول بزعامة ممادو صنبا بولي وما يتمتع به من مكانة اجتماعية فى منطقة فوتا الموريتانية ومن شعبية فى گورگول أثرا كبيرا فى تبديد أطماع السنغال.

وركب المختار ولد داده صحبة وزيره أحمد ولد محمد صالح إلى باسكنو واستقبلهم زعيم أولاد داود " أولاد علوش " سيدي ولد هنون ولد حننه بعد مراسيم الإستقبال قال له ولد داداه جئتك بوصفي مسؤولا عن الحكومة فى انواكشوط وأخرج ولد داداه من سيارته مجموعة من الرشاشات وصناديق العتاد وقال: العرب لايهدى لهم المال ولكن يهدى لهم السلاح ، هذه هديتك والحوض أمانة فى يدك لاتدعه نهبا للأطماع المالية رجع ولد داداه وولد محمد صالح إلى انواكشوط وغسل ولد حننه يديه من مالي.

أدخل ولد داداه الحوض فى الأجندة الوطنية تم اندماج النهضة بقيادة بياگي ولد عابدين سليل تمبدغة فى الحكومة ودخل حمود ولد أحمدو فى الحكومة والتحق الشيخ محمد الامين ولد سيد امحمد بحزب التجمع ، ودخل عبد الرحمن ولد الشين "ديبه " كفاعل سياسي نشط فى حزب التجمع وهو سليل أسرة أهل الشين زعماء "أولاد لكَعَسْ"- ظهْرْ الربْگْ – فى مجموعة " أولاد بُحُمُّد ْ" الحسانية الفاعلة فى "أمرج " بفصائلها ال 22 ، و بدعم قبائل الشوكة " أولاد داود – مشظوف – أولاد مُحمّدْ " درأ ولد داداه أخطار الأطماع المالية.

بقي المغرب يشكل هاجسا أمنيا لقادة الدولة الوليدة خاصة بعد تصاعد لهجة الخطاب المغربي وإذاعته الموجه من الرباط وطنجة، وفتح معسكرات لجيش التحرير فى مالي يدريها أحمدو ولد حرمة ولد ببانا.

ففي يوم 4 نوفمبر 1960 حدثت محاولة اغتيال في كيفه ضد ضابط فرنسي واتهم جيش التحرير بتدبيرها.

وفي يوم 8 من الشهر نفسه، وهو يوم انعقاد الجمعية الوطنية للتوقيع على اتفاق تحويل السلطات، تم اغتيال عبد الله ولد عُبيد عمدة ونائب مدينة أطار، فى "لكصر" واتهمت مصالح الداخلية المغرب بقتله واعتقلت شخصا يدعى سيدنا ولد أعمر ادعت أنه القاتل وأنه أحد عناصر جيش التحرير وتحفظت على بعض الرعايا المغاربة فى المنتبذ القصي.

وفي 26 أغسطس 1961، تم اغتيال محمد الأمين ساغو رئيس فرقة الجمالة في منطقة "بوگادوم" قرب أمرج جنوب النعمة واتهم جيش التحرير بالحادثة، وتم اعتقال مدير مدرسة متهم بأنه القاتل.

فى فبراير 1962 تم السطو على شركة ميفارما من طرف 13 شخصا تابعين للنهضة، استولو على الأجهزة والآلات وصناديق قطع الغيار وبغض البنادق وأصابع الديناميت "أحزمة المين ".

وفى ليلة 29 مارس 1962 وقعت " اعمارت النعمة " تم الهجوم ليلا على نادي الضباط حيث كان فى النادي ضباط فرنسيون بصحبة محمد ولد مولود ولد داداده ابن عم الرئيس والي النعمة والملازم معاوية ولد سيد أحمد الطايع المسؤول فى الحامية العسكرية بالنعمة ، أطلقت قنبلة وأشفعت بوابل من النيران فتم قتل ثلاثة ضباط فرنسيين وجرح مايربو على العشرة.

قالت وزارة الداخلية :" إن النشاط التخريبي الموجه من قبل المغرب انطلاقا من الأراضى المالية وبتواطئ نشط منها قد تكثف واليوم يتمثل فى الاعتداء على نادى الضباط بالنعمة فى 29 مارس والذى ينحصر هدف المخططين له والمدبرين فى القضاء النهائي على الدولة الموريتانية الفتية ".

قبض على المنفذين وهم: الشريف إسماعيل الملقب " امّا اعلي " تاجر ورئيس مكتب حزب النهضة فى ولاته وكان صلة الوصل بين أحمد ولد حرمة فى مالي و نشطاء النهضة فى المنتبذ القصي.

والعسكري سيدي أحمد ولد اسويدات" المعروف ب " اسويدات " الذي كان مرافقا للوالي وحارسا له وتبين فى التحقيق أنه هو مهندس عملية أطار التى راح ضحيتها عسكريون وإداريون فرنسيون وذلك قبل نقل ولد اسويدات من أطار إلى النعمة.

والعسكري الشيخ ولد الفاظل، واحيلوا ثلاثتهم إلى محكمة عسكرية بقيادة محمد ولد الشيخ ولد أحمد محمود الأمين العام لوزارة الدفاع ، وبعضوية الملازم معاوية ولد الطايع الذى كان صديقا لمحمد ولد الشيخ ودخل الجيش بإيعاز منه حيث كان معلما ابتدائيا وأعطى ولد الشيخ التعليمات للمقدم " افرانسوا بيسلاي - francois beslay " باكتتابه وبعد بعثة إلى فرنسا حيث التحق بالكلية الحربية، سلاح المدرعات عام 1958- 1961 عين الملازم ثان معاوية مسؤولا فى الحامية التى يقودها فرنسيون فى النعمة وحكمت المحكمة باعدام الثلاثة.

وفى 14 يونيو 1962 جاء إلى نواكشوط شابان موريتانيان أحدهما من أهل النعمة يدعى شياخ ولد محمد جد أم، والآخر من المجرية يدعى الحيولي ، كانا قد تدربا على السلاح فى الأراضى المالية فى معسكر أحمد ولد حرمه وجاءا إلى نواكشوط بهدف اغتيال الرئيس المختار وويز داخليته أحمد ولد محمد صالح ومحمد ولد الشيخ الأمين العام لوزارة الدفاع وقالا إنهما تخليا تلقائيا عن مشروعهما و قدما نفسيهما لمحمد ولد الشيخ حاملين أسلحتهما " مسدسات أو رشاشات " المخفية تحت ملابسهما، وشرحا له أهداف مهمتهما " وكانت تلك هي آخر عمليات النهضة.

يوم 26 مارس 1963 عاد إلى موريتانيا الأمير محمد فال ولد عمير ولم يلبسه ولد داده على الطهارة وما كاد الأمير ورفاقه يهبطون من الطائرة فى نواكشوط حتى توجهت بهم طائرة خاصة إلى تيشيت حيث وضعوا رهن الإقامة الجبرية ثم أطلق سراحهم ثم اعتقلوا في سمته الداخلية: "مؤامرة مغربية بواسطة شخص يدعى " المداني السباعي " واعتقل ولد عمير فى ظروف قاسية ساءت معها صحته.

وفي العاشر من سبتمبر1969 وجه  الملك الحسن الثاني ملك المغرب دعوة للرئيس المختار ولد داداه لحضور قمة المؤتمر الإسلامي المنعقد بالرباط مما اعتبر بادرة حسن نية من المغرب لتطبيع العلاقات.
وفى 22 سبتمبر 1969 وفي حدث تاريخي هبطت طائرة ولد داداه بمطار الرباط، وبعد انتهاء المؤتمر أقام الملك الحسن الثاني حفل عشاء ودي على شرف ولد داداه والوفد المرافق له: أحمد ولد محمد صالح الأمين الدائم للمكتب السياسي الوطني، وحمدي ولد مكناس وزير الخارجية، وبارو عبد الله وزير الوظيفة العمومية والشغل .

وتم في الاجتماع تحديد مسار يفضي إلى إقامة علاقات ديبلوماسية: بإرسال وفد موريتاني رفيع المستوى إلى المغرب فى أكتوبر، تليه زيارة وفد مغربي من المستوى نفسه إلى موريتانيا قبل نهاية العام.

فى 31 أكتوبر توجهت بعثة مساع حميدة إلى المغرب برآسة أحمد ولد محمد صالح وعضوية حمدى ولد مكناس وبارو عبد الله.
وفى 13 يناير 1970 وصلت إلى نواكشوط بعثة مغربية برئاسة الجنرال محمد أوفقير وزير الداخلية ، وتم تبادل السفراء قاسم الزهيري فى انواكشوط 27 فبراير، و أحمد ولد جدُّو 20 يوليو فى الرباط.

كامل الود