![الدكتور محمد محمود مهران/المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي](https://mithak.com/sites/default/files/IMG-20250211-WA0630.jpg)
حذر الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، من خطورة تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة وتحويلها إلى جحيم، معتبرا إياها تحريضا مباشرا على ارتكاب جرائم حرب وتهديدا خطيرا للسلم والأمن الإقليميين.
وقال الدكتور مهران في تصريحات لـ”الشروق”، إن تصريحات الرئيس ترامب بشأن إطلاق الجحيم في غزة وتهديده بوقف المساعدات عن مصر والأردن تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وتحريضا على جرائم حرب، وتتطلب تدخلا عاجلا من الجنائية الدولية، موضحا أن هذه التصريحات تكشف عن جهل عميق بطبيعة العلاقات الدولية والتزامات الدول بموجب القانون الدولي.
وأضاف أستاذ القانون الدولي أن المساعدات الأمريكية لمصر ليست منّة أو هبة، بل هي جزء من التزامات متبادلة يرتبط بعضها باتفاقية “كامب ديفيد” ودور مصر المحوري في حفظ توازن المنطقة، مبينا أن محاولة استخدام هذه المساعدات كأداة ابتزاز سياسي تعكس فهما قاصرا لطبيعة العلاقات الدولية.
وحول التهديدات الموجهة للفلسطينيين، أكد مهران أن دعوة ترامب لإلغاء اتفاق وقف إطلاق النار وتحويل غزة إلى جحيم تمثل تحريضا مباشرا على ارتكاب جرائم حرب، مشدّدا على أن هذه التصريحات تدخل في نطاق الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية، مشدّدا على ضرورة التزام كل الأطراف بالاتفاق وعدم خرقه.
وشدّد الخبير الدولي على أن الوضع الراهن يستدعي تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، التي أنشئت عام 1950، في أعقاب احتلال الأراضي الفلسطينية، وما مثله ذلك من تهديد للأمن القومي العربي، مشيرا إلى أنه، آنذاك، وقعت عليها جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وكان الهدف الرئيس منها إنشاء نظام دفاعي جماعي لحماية الأمن القومي العربي.
ويوضّح مهران أن الاتفاقية تستند إلى مبدأ جوهري مفاده أن أي تهديد أو اعتداء مسلح على أي دولة عربية يعتبر اعتداء على جميع الدول العربية، مشيرا إلى أن الاتفاقية في مادتها الثانية تنص صراحة على أن أي اعتداء على دولة عربية يعتبر اعتداء على جميع الدول الأعضاء، مشددا على أن التهديدات الموجهة لمصر والأردن تستوجب موقفا عربيا موحدا.
وأشار مهران إلى آليات تفعيل الاتفاقية قائلا: “تنص المادة الثالثة من اتفاقية الدفاع العربي المشترك على التزام الدول الأعضاء بالتشاور فورا عند وقوع تهديد لأي منها، واتخاذ التدابير اللازمة، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية لرد العدوان”.
وفي سياق متصل، أشاد مهران بـموقف مصر الثابت في دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة ورفض مخططات التهجير القسري، مؤكدا أن بيان وزارة الخارجية المصرية يؤكد التزام مصر بالقانون الدولي وحماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
كما أوضح أنه يجب على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم من هذه التصريحات التحريضية، معتبرا الصمت على مثل هذه التهديدات يشجع على المزيد من انتهاكات القانون الدولي وتقويض السلم والأمن الدوليين.
وفي السياق ذاته، شدّد الدكتور مهران على أن الوضع الحالي يستدعي تشكيل قوة عربية موحدة لردع أي محاولات للمساس بالأمن القومي العربي، مؤكدا أن التكاتف العربي في هذه المرحلة الحرجة ضرورة حتمية لحماية المصالح المشتركة ومواجهة التحدّيات الإقليمية.
كما نوّه أن الوقت قد حان لاستخدام الدول العربية أوراق الضغط الاقتصادي والسياسي التي تمتلكها، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالمصالح السياسية، بل يرتبط بالتزامات قانونية دولية تفرض على الدول اتخاذ تدابير لمنع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ويضيف مهران أن الدول العربية تمتلك أدوات ضغط اقتصادية قوية، بدءا من إمكانية تعليق الاتفاقيات التجارية والأمنية الثنائية، مرورا بتقليص التبادل التجاري، وصولا إلى استخدام سلاح النفط، موضّحا أن هذه الخيارات مشروعة وفقا للقانون الدولي كإجراءات مضادة لمواجهة الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي، مطالبا بالتلويح بهذه الخيارات بداية.
وفي ختام تصريحاته، شدّد على أن تجميد العلاقات الدبلوماسية وتعليق الاتفاقيات الأمنية والاستخباراتية، فضلا عن وقف تصدير المواد البترولية، كلها أدوات ضغط فعّالة يمكن أن تدفع المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته تجاه حماية المدنيين في غزة، لافتا إلى أن التاريخ يثبت أن الضغط الاقتصادي المنسّق يمكن أن يحقق نتائج ملموسة في تغيير السياسات العدوانية.
المصدر :الشروق أونلاين