ما الذي أنتجه انقلاب العاشر من يوليو؟ كتب: الدكتور محمد ولد الراظي

10 يوليو, 2023 - 17:08

في مثل هذا اليوم من عام 1978 انقلب العسكر علي حكم المرحوم المختار ولد داداه  بحجة عدم قدرة البلاد علي مواصلة البقاء في إقليم واد الذهب، رغم أن تلك الفترة كانت من أكثر يوميات الصراع هدوءا، ورغم وجود الآلاف من القوات المغربية الداعمة في الأراضي الموريتانية.. مما قد يعطي لتحرك العاشر يوليو عنوانا آخر غير الذي قيل. فما الذي جنته موريتانيا من تحرك ضباط العاشر من يوليو؟ وما الذي خسرته البلاد جراء ذلك؟ 
يعتبر ضباط العاشر يوليو أن هدفهم الأساس كان إخراج البلاد من حرب لم تعد قادرة علي مواصلتها، وزادوا على ذلك بوعود إعادة السلطة للمدنيين وبناء مؤسسات ديمقراطية.. إلخ. وفوا بوعدهم في إخراج البلاد من الحرب، وهو مكسب كبير من حيث المبدأ، فالحروب مَهلكة كبيرة، ولكن تلك الحرب كانت لتتوقف عملياتها القتالية بعد ذلك بقليل على الجبهات جميعها، دون أن يلحق ضرر بأي طرف آخر، مما يفقد الإنجاز الكثير من بريقه. وتأجل الباقي من الوعود حتي إعلان لابول الذي أنتج ديمقراطية مفصلة بمقاسات ولأهداف خارجية.
خسرنا إقليما مهما من المناطق الصحراوية من حيث قيمته البشرية والإقتصادية والإستراتيجية ضمته المملكة المغربية بسرعة قياسية.
و رغم الملاحظات الكثيرة التي يدفع بها من عارض نظام الحكم المنقلب عليه، فلا شك في أننا خسرنا بزواله نظام حكم مدني كان قادرا على تطوير وتجديد نفسه من الداخل في اتجاه تأسيس نظام ديمقراطي حقيقي، كما حصل في الجار الجنوبي الذي لم يشهد محاولة تغيير غير دستوري منذ تلك التي قيل إن مامادو جا قام بها عام 1962.
خسرنا فلسفة حكم رسخت مفهوم الدولة وجعلت من كيانها الهوية الوحيدة الجامعة بتؤدة وكياسة، وخسرنا ثقافة حكم خلٌَقت تسيير الشأن العام ونظام حكامة ما كان بالإمكان معه نهب مال عام ولا تبديد لثروات الأمة.
كان لموريتانيا قبل الإنقلاب دور بحجم وزنها الحقيقي أضعافا مضاعفة، وكانت لها دبلوماسية نشطة ومؤثرة على مستوى القارة والعالم، وكان نظامها التعليمي نظاما جمهوريا يخدم مشاريع التنمية ويؤسس للتطور والإزدهار.
ومنذ ذلك اليوم  ضاع كل شيء؛ خسرنا الأرض ولم نكسب التنمية، وخسرنا التعليم وفقدنا البوصلة فلم نعد نميز بين المقبول واللامقبول، وتاهت نخبنا السياسية تبحث يمنة ويسرة عن فتات من هذا النظام أو ذاك.. إلخ.
رحم الله الجميع مدنيين وعسكريين وأسكنهم فسيح جناته في عليين مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين