الريسوني ونيرانه الصديقة

23 أغسطس, 2022 - 12:01
لشيخ الريسون

حرصت على تخصيص الوقت الكافي للبحث عن المقابلة التي خص بها  الشيخ الريسوني قناة ابلانكا تي في ووطنت نفسي على متابعتها من ألفها إلى يائها على الرغم من أنها امتدت لما يقارب الساعتين 
كما صادفت أثناء البحث مقطعا آخر سجل منذ سنوات ضمنه نفس الرأي وسأعلق عليه أيضا بشكل مختصر 
في مقابلته الأخيرة أقحم الشيخ موريتانيا في الحديث من دون سبب، فبعد حديث مطول - عن تاريخه وعن تجربة حكم العدالة والتنمية وعن الربيع العربي وتجربة الإخوان في مصر  - سأله محاوره قائلا : وقضية الصحراء ما رأيكم ؟
فبدأ الإجابة بضحكة ثم أردف بالنص ( قضية الصحراء على كل حال ما نؤمن به قطعا وووو أنا شخصيا ..أنا على فكر علال الفاسي .سبق أن ذكرت حتى- حتى وجود موريتانيا غلط فضلا عن الصحراء ، فالمغرب يجب أن يعود كما كان قبل الغزو الأوروبي، كانت موريتانيا جزءا من المغرب، الآن نحن نثبت مغربية الصحراء ببيعة أهلها للعرش الملكي، وعلماء موريتانيا وأعيان موريتانيا، أو ما يسمى الآن موريتانيا بلاد شنقيط، أيضا بيعاتهم ثابتة 
إذا هذه صناعة استعمارية قضية الصحراء وقضية موريتانيا ،ولكن قضية موريتانيا - اعترف بها المغرب على كل حال تُركت للتاريخ ليقول كلمته في المستقبل لكن قضية الصحراء على الأقل مادام المغرب تمسك بصحرائه فطبعا أن نقول الصحراء - مشكلة الصحراء صناعه استعمارية وللأسف أن تتورط دول شقيقة، دول عربية وإسلامية، في دعم بل في تبني هذه الصناعة الاستعمارية، هذا من جهة ولكن من جهة أخرى، للأسف وهذا أيضا كتبته للأسف أن معالجة قضية الصحراء تتم بمعزلٍ عن الشعب، لأن معالجة قضية الصحراء بمعزل عن الشعب هو الذي جعل بعض المسؤولين يتوهمون أن إسرائيل تنفعنا، فلنأتي بإسرائيل، لكن لو كان الاعتماد على الشعب، الشعب 35 مليون مستعد أن يجاهد بماله ونفسه، وأن يتعبأ، كما تعبأ في المسيرة الخضراء، وأن يقطع آمال الذين يفكرون في فصل الصحراء ولا في خلق أي مشكله للمغرب المغرب مستعد إذا دعا جلالة الملك إلى مسيرة بالملايين بالملايين إن دعا للجهاد بأي شكل، بالمال.. نحن مستعدون، علماء المغرب، دعاة المغرب، مستعدون أن يذهبوا ويقيموا بالأسابيع والشهور في الصحراء وفي تندوف، نحن لا نقيم مسيرة إلى العيون، بل مسيرة إلى تندوف، فللأسف الدولة، بدل ماتعتمد على الشعب، ذهبت الآن تعتمد على إسرائيل، وستكتشف السراب وعسى أن تعود إلى الشعب إذا فقضية كهذه، لا بد من الرجوع فيها إلى الشعب وقواه وطاقاته التي لا نهاية لها )
في التسجيل الثاني تحدث عن نشأة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في لندن وعن دوره فيه ثم عن استقالة الشيخ عبد الله بن بيه بعد هبوب رياح الربيع العربي وقال بالنص( استقال الشيخ عبد الله بن بيه الي هو موريتاني طبعا تعرفونه ولكن هو مغربي في الحقيقة يكفي أنه ديمه لابس الجلابيه ويتحدث ويقول نحن في المغرب ونحن في المغرب وهذا دائما وأنا حاضر  خاصة في الأمور الفقهية المالكيه يقول نحن في المغرب ونحن المالكية 
فعلا هو كأي واحد فيه الروح الإسلامية من موريتانيا كيعتبر نفسو مغربي  
موريتانيا هذي مسألة طارئة للأسف ولذلك الناس الي عميقين في أصالتهم   المغرب) 
وذكر أن بن بيه في مرة من المرات اعتبر حديثه هو عن المغرب يغني عن الحديث عن موريتانيا وأن القصة تكرر مع أستاذ فلسفة لم أستبن إسمه وأظنه السيد ولد اباه
بعد مشاهدة المقابلة والمقطع الآخر  لم أستطع إلا أن أتقدم ببعض الملاحظات والإستشكالات التاريخية والمنطقية على رواية الشيخ ورؤيته للعلاقة الموريتانية المغربية 
إن البداية الصحيحة هي أن نتذكر جميعا أنه لاعار في أن نكون جزءا من المغرب أو الصحراء أو الجزائر سواء تعلق الأمر بالماضي أو بالحاضر  , بل إننا نتطلع إلى وحدة مغاربية في المستقبل تفرضها وتحميها المصالح واللغة والقومية والدين ، على أنه لا يمكن لذلك أن يتحقق بالأحاديث المستفزة التي تصدر عن شخصيات محترمة من مملكتنا الشقيقة . من جهة أخرى لا يختلف اثنان على المكانة التي يحظى بها الأشراف في هذا البلد وقد اشتهر بين الموريتانيين منذ القدم شرف سلاطين المغرب فأحبتهم الناس وهذا رأس مال رمزي لا يجب هدره وتضييعه بالتصريحات غير المنضبطة والسهام الطائشة ، وأذكر أن والدي كان من ذلك الجيل الذي يبجلهم و يعظمهم لكنه مع ذلك كان جيلا موريتانيا فقط
والآن لتنتقل إلى نقاش  المسألة التي يثيرها الشيخ الريسوني وغيره من المغاربة فهل من شواهد أو وثائق أو وقائع تثبت أن هذا البلد المترامي الأطراف المتنوع الأعراق كان جزءا من مغربنا الغالي
كان فضيلة الشيخ : محقا في قوله إن موريتانيا والصحراء صنعهما الاستعمار ،  إلا أنه نسيي أنه صنع دولنا جميعا وكان المغرب أولها.
إن الاستعمار صنع المغرب في البداية وأعطاها استقلالها على قطعة أرضية معينة !وكانت سعيدة بذلك ومازالت تحتفل بهذه المناسبة كل عام
فلماذا رضيتم من الصانع بما صنع ؟ ولماذا فرحتم بصنيعه ؟
 كيف تخلى البلد عن جزئه الثابت أو المتوهم ثم احتفل وواظب على الاحتفال؟
لنعد إلى فترة الاستعمار وتحديدا إلى اتفاقية 1912 التي جعلت المغرب مستعمرة أوربية
يذكر التاريخ أن هذه الاتفاقية لم يرد فيها ذكر لموريتانيا على الرغم من أنها قسمت أرض المغرب بين الفرنسيين والأسبان وذكرت حدود سيطرة كل منهما
فكيف غفل المغرب عن جزئه ؟ 
أعلم أن التاريخ الحديث لا يعكس حقائق الأمور لذلك سأعود إلى التاريخ الأقدم ، لأنظر هل من سند تاريخي مكين لقول الريسوني إن المغرب يجب أن يعود إلى ماكان عليه قبل الغزو الأوربي حين كانت موريتانيا جزءا منه ، وقد تحدث عن بيعة أعيانها وعلمائها للسلاطين 
فلنفترض جدلا حصول الأمر ، فهل سيخبرنا عن الطريقة التي تمت بها البيعة؟ 
هل حضر المبايعون في وفد يمثل أهل هذه الأرض جميعا أم أن الأمر تعذر فحضر وجهاء وأعيان كل قبيلة أو كل جهة  بشكل مستقل ؟
ومتى وأين حصل ذلك ؟ 
وهل تجددت البيعة مع تعاقب السلاطين ومتى وكيف ؟  
لا شك في أن كل شيء موثق
هل كان تقديم الولاء والبيعة للسلطان من عرف زعماء القبائل الموريتانية متى تولوا السيادة ؟
هل من أمثلة على حصول ذلك من جهات موريتانيا كلها ؟هل كانت راية المملكة ترفرف على سارية بيت كل وجيه في صحرائنا هذه  ؟
إن كانت بحوزتكم إثباتات فقدموها 
هل تمتلك ياشيخنا أنت أو غيرك أي رقم عن حجم الخراج أو الضريبة أو الزكاة التي كانت تدفع من طرف سكان بلادنا السائبة ؟  
وهل في مقدورك أن تتحفنا بأسماء عمال المملكة على الإقليم الشنقيطي أو الموريتاني
 إن من عادة الممالك أخذ البيعة على القبائل لكل سلطان تولى الأمر  وأخذ البيعة للسلطان على كل وجيه تولى زعامة قبيلته ، وأخذ الضرائب والزكاة وغيرها لخزينة الدولة ، وتقديم العون  للناس عند اللزوم ، وتعيين الولاة على ولاياتهم وإلزام الناس بالدعاء لولي الأمر على المنابر  وفي الأعياد والمناسبات المهمة ، وتعيين القادة العسكريين والقضاة فهل تملكون في مملكتنا الحبيبة وثائق شاملة كاملة تقنعنا بأن المملكة مارست كل هذه الصلاحيات هنا  ؟
 على أن بيعة شخص معين من الأعيان أو جماعة معينة تبقى أمرًا محتملا فالأفراد والجماعة المحددة يمكن أن يقع منهم ذلك دون أن يكون له تأثير على مجموع  أهل هذه الديار ودون أن يكون ملزما لهم 
شيخنا الفاضل دعني أذكرك بتاريخ لا مناكفة فيه وبيعة متفق عليها وسيطرة لايماري فيها إلا مكابر
في يوم ميمون قبل ألف عام بالضبط انطلق من هنا ( من موريتانيا ) جيش جرار  من أسود القبائل اللمتونية أحفاد ألأقيال وعبر هذه الصحراء نحو الشمال فبسط نفوذه على كل المنطقة  وأقام دولة المرابطين ثم عبر إلى الضفة الأخرى وانتزع الأندلس من بين مخالب آلفونسو  
هذه هي الحقيقة وهذا هو الجيش الوحيد الذي أخضع البلدين لسلطانه الشامل ، ومنذ أن زالت دولة المرابطين لم نعرف في هذا القطر حكما مركزيا ولم نكن جزءا من دولة حتى اكتنفنا الاستعمار الفرنسي .
في المقطع الآخر تحدث السيخ الريسوني عن الشيخ عبد الله ابن بيه وقال إنه مغربي ويقولها دائما وأنه يكفي لبسه الدائم " للجلابية " فهل صار ممكنا  ضم البلدان بحجة كهذه ؟
أما علم الشيخ الريسوني بأن الجلابية من ضمن أزيائنا وأننا نسميها "الفقية" ولعله اسم اشتق لها من لبس الفقهاء لها . 
إذا وفقا لهذا المنطق يمكن للشيخ الريسوني الاطمئنان إلى أن الناس  في معظم البلاد العربية والإسلامية يلبسون الجلابية  وإن اختلفت الأسماء والأشكال . فهنيئا له بذلك الفتح المبين
أما قول ابن بيه بأنه مغربي ، فهو مجاملة فقط وإلا لكان قد تقدم بطلب للجنسية المغربية ، وحتى لو فعلها وصار مغربيا فإن هذا لا يكفي لضم بلد مساحته ضعف مساحة المغرب، 
إن ضم الدول بملابس الرجال بدعة شنيعة يافقيهنا
من المهم أن أنبه إلى أن أمراء اترارزة يحفظون لملوك المغرب جميلهم لأنهم أعانوهم على استعادة إمارتهم ، لكن الحب والود والعرفان بالجميل الذي يعمر  ويغمر قلوبنا جميعا للمغرب شيء والانتماء والانتظام  الشامل في سلك البلد بما له وما عليه شيء آخر.
أيها الشيخ لقد كانت لك مندوحة في الحديث عن التعاون والشراكة والاعتماد المتبادل تكفيك إثم هذا الحديث ،وكان لك في سبته وامليلة شغل وأي شغل .
لماذا يا أستاذ المقاصد تريدون إعلان الجهاد على الإخوة في القومية والدين  في هذا الوقت ؟ 
ألا يخرج هذا الفكر وفكر الدواعش من نفس المشكاة ؟ 
لا أخفيكم أنني مقتنع بأنكم جماعة واحدة من الناحية الفكرية على الأقل.
من جهة أخرى فإن من يرفض التطبيع لا يسعى إلى إعلان الجهاد على عملاق مغربنا الكبير وأعني الجزائر ، بل إن من يعادي الحزائر يخدم أعداء الأمة بشكل مباشر 
فالجزائر الحبيبة تتربع في وسط المغرب الكبير كتربعها في قلوب أبنائه ولها حدود مشتركة مع جميع بلدانه بدون استثناء وتملك طاقات بشرية واقتصادية وتجربة نضالية لا مثيل لها وكما افتك أبطالها بلدهم من قبضة الامبراطورية الفرنسية التي لا تغيب عنها الشمس سيفتك الفلسطينيون وطنهم من يد الاحتلال بمساعدتنا جميعا وبمساعدة جزائر الأحرار قبل الجميع
لذلك كله استميحك العذر في أن أسأل ببساطة ماسر حماستك للمبايعة على الجهاد والسير إلى تيندوف ؟ هل قرر اتحادكم "العالمي " مثلا توجيه بوصلته بعد ليبيا والمشرق العربي إلى بلداننا لإشعالها وإشغالها وبأمر من من؟
وهل تحسبون أن المغرب سهل الانقياد ؟
هل سنسمع هدير طائرات الناتو فوق رؤوسنا بعد أن مهدتم لها بدعوتكم الجهادية هذه ، فقد اعتدنا من رموز اتحادكم "العالمي" تمهيد الطريق لتدخلات الحلف ؟ 
إن استحضار المقدس ( البيعة - الجهاد) هو خير مثال على إلباس الأنشطة المريبة التي تمارسها الجماعة لباس الدين ، فكم من حريق بحجم أمة أشعلته وكم من وطن آمن قوضته وهي تدغدغ مشاعر أبنائه بشعارات البيعة والجهاد والخلافة والفرقة الناجية ، حتى إذا دارت عليهم الدوائر وخرج البلد من حسابات أعداء الأمة نكصت الجماعة على أعقابها ، لتبدأ في البحث مع رعاتها عن ضحية جديدة من بلدان المسلمين .
أيها السيد الريسوني لدي الكثير والكثير من الملاحظات على موقفكم من موريتانيا ومن غيرها غير أنني أكتفي بهذا القدر ولعلي أن أعود إلى الموضوع مرة قادمة
ملاحظة : يتأكد إظهار الشًدَة على ياء النسبة كما تعلمون ، ويتأكد الأمر في حق من ينتسبون إلى فاس فانتبه لذلك مستقبلا لأن قدوتكم علال الفاسيّ ناله ضرر كبير من نيرانكم الصديقة
موسى ولد بياه