لقد أعجبني خطابك التنويري في المجال الفقهي، وكنت أنتظر أن تقف معي ضد خطاب الكراهية، وإذا بك تطلق تصريحات تثير الفتن وتعبر عن أفكار ودعايات غير العقلانية، مشحونة بالعداء والمقت والاحتقار وتحرض على الكراهية بين فئات الشعب الموريتاني. يجب ألا يكون العلماء أداة تخريب للأخوة الإسلامية، وألا ينفخوا في رماد التعصب الممقوت. صدمت من تصريحاتك وأنصحك بالابتعاد عن خطاب الكراهية، فالكلمة قد تقتل، كما فعلت في رواندا، عندما أدى خطاب الكراهية، الذي تبنته بعض وسائل الإعلام، إلى إشعال الحرب الأهلية التي أدت إلى إبادة التُّوتْسي. هذه الحرب، وحروب أهلية أخرى نشبت في بلاد عدة، أظهرت خطورة خطاب الكراهية، لأن الكثير منها سببه التحريض على الكراهية الطائفية أو القومية أو العنصرية. تصريحاتك تصب في موجة عارمة مثيرة للقلق من الكراهية والعنصرية والتعصّب تغمر وسائل التواصل الاجتماعي. فبات خطاب الكراهية يُستخدم كسلاح لتحقيق مآرب سياسية في شكل خُطب تؤجج المشاعر. ومع انهيار كل قاعدة من قواعدنا الأساسية. تهتزٌ أركان إنسانيتنا المشتركة.
دور العلماء والدعاة في المجتمع
إن للعلماء دوراً عظيماً في تعزيز الإخاء بين المسلمين، والقضاء على خطاب الكراهية؛ ذلك أنهم ورثة الأنبياء في التغيير والإصلاح والأخذ بأيدي الناس إلى صراط الله المستقيم. ويجدر بالعلماء والدعاة أن يبينوا للجميع أهمية الأخوة الإسلامية، ومنزلتها من الشرع، ويبينوا آثارها في حياة الأمة أفراداً ومجتمعات، وأن يذكِّروهم بكل ما من شأنه أن يُرغبهم في التمسك بأخوتهم والالتفاف حولها، ويحذرهم من إهمالها وتضييع حقوقها.
الدعوة إلى تقوية أواصر الأخوة الإسلامية
إن علينا، صديقي العزيز - في هذا الزمن خاصة - أن نكون قدوة حسنة للآخرين ونجتهد في الدعوة إلى تقوية أواصر الأخوة الإسلامية بين كافة الموريتانيين، وإحياء التضامن الإسلامي بينهم؛ حيث لوحظ في الآونة الأخيرة تنامي دعوات الكراهية والنعرات والأفكار والدعايات غير العقلانية المشحونة بالعداء والمقت والاحتقار، والتي تحرض على الكراهية بين فئات الشعب الموريتاني والتي تتناقض مع مبدأ الإخاء الإسلامي. علينا جميعا أن نوقظ مشاعر الإخاء بين الموريتانيين، ونحثهم على احترام حقوق الأخوة الإسلامية، إرضاء لله رب العالمين. وعلينا أن نكون قدوة حسنة أمام الشعب الموريتاني في احترام مبادئ الأخوة الإسلامية والحفاظ عليها، وأن ننأى بأنفسنا عن الإتيان بما من شأنه أن يَضْعِف الإخاء الإسلامي بين الموريتانيين، ويوهن من ترابطهم.
حرية الرأي والتعبير وخطاب الكراهية
في كثير من دول العالم، تم الفصل بين حرية الرأي والتعبير وخطاب الكراهية. بقدر ما يجب ضمان الأولى، بقدر ما تجب محاربة الثاني، من أجل حماية حقوق الناس والأمن القومي. فالتصدّي لخطاب الكراهية لا يعني تقييد حرية التعبير أو حظرها. وإنما يعني اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تفاقم خطاب الكراهية وتحوّله إلى ما هو أخطر من ذلك. وخاصة التحريض على العدوانية والعنف.
حفظ الله وطننا الغالي موريتانيا.
موسى ولد أبنو