الأمة بين ثمار الهجرة والضياع/الهادي محمد المختار النحوي

30 يوليو, 2022 - 11:33

هاجر سيدنا رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم من مكة إلى يثرب من أجل دين اللـه ومن أجل تأسيس دولة إسلامية تقوم على العدل وكرامة الإنسان وتكريمه ومن أجل بناء حضارة تجسيدا للمعنى الشامل للاستخلاف..
تحمل عليه الصلاة والسلام مع صاحبه الصديق رضي اللـه عنه المخاطر وبعد الشقة من أجلنا نحن ومن سبقنا ومن بعدنا ليخرجنا من الظلمات إلى النور وليهدينا إلى سعادة الدارين..
أخذ عليه الصلاة والسلام ما تهيأ له،صلوات اللـه وسلامه عليه، من أسباب في رحلة الهجرة في رسالة واضحة إلى الأمة أن الأخذ بالأسباب للوصول إلى الأهداف من أوجب الواجبات مع التوكل  على اللـه.
أحسن صلى اللـه عليه وسلم البناء ، بناء المجتمع وبناء الدولة- دولة العدل  وبناء الإنسان المؤمن فربى أجيالا من العظماء الذين خرجوا من صحارى قاحلة وفتن جاهلية وتفاخر بالأنساب ليقودوا حضارة عظيمة وينشروا دين اللـه في مشارق الأرض ومغاربها.. واستمر البناء جيلا بعد جيل. ومن سنة اللـه في خلقه أن يتصدع البنيان أحيانا ويشيد ويرمم تارة أخرى لأن الأمة في صراع أبدي عنوانه الصراع بين الحق والباطل.. 
هزمت الأمة مرات بفعل أعدائها من الخارج وضعف بعض أبنائها من الداخل.. لكنها انتصرت أيضا على قدر ما يتحلى به قادتها من إيمان وعزة وكرامة..
وهكذا يتبدل حالها من حال إلى إلى أن وصلت حالة من التردي في العصور الأخيرة وخاصة في عصرنا الحاضر حتى أصبحنا لا نعرف لأنفسنا هوية ولا نبالي بالتمسك بكرامة ولا نعي معنى لعزة..
اختلت علينا الأولويات وأصبح همنا أن نخاصم بعضنا أفرادا ومجتمعات ودولا.
انهمكنا في خلافات وقودها المعادلة الصفرية أو التفكير الصفري حتى أصبح رأس السنة الهجرية وغيرها من المناسبات العظيمة في تاريخ الأمة مواسم للنقاش البيزنطي وعنوانا للتبديع والتفسيق في جدال لا ثمرة له..
أسئلة تتكر كل سنة : هل هو عيد ؟ هل تجوز التهنئة به أم لا تجوز؟
يقول  الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله: (أيها المسلمون إننا في هذه الأيام نستقبل عاماً جديداً إسلاميا هجريا ليس من السنة أن نحدث عيداً لدخوله وليس من السنة أن نهنئ بعضنا بدخوله ولكن التهنئة إنما هي أمر عادي وليس أمراً تعبديا).
ولا يكون علاج هذه الحالة إلا بهجرة جديدة على خطى الحبيب عليه الصلاة والسلام..
هجرة من المعاصي إلى الطاعات..
هجرة من الفرقة إلى الوحدة والأخوة..
هجرة إلى تغيير المفاهيم ..
هجرة من الضياع إلى الوعي.
هجرة من الجمود والتقليد إلى التجديد في ظل ثوابت وقطعيات الدين.
هجرة من التسليم بالواقع إلى المبادرة لتغييره إيجابيا..
هجرة من الفقر الفكري إلى الثراء الفكري
هجرة من الوصاية الفكرية إلى بيئة تشجع التنوع وتحترم الاختلاف على منهج الإسلام الجامع..
 هجرة من الفشل إلى النجاح..
هجرة من العزلة والتبعية إلى الريادة والبناء الحضاري الذي يجمع بين خيري الدنيا والأخرى.. 
هجرة من التقهقر إلى التقدم 
نشهد يا سيدي يا رسول اللـه عليك الصلاة والسلام أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة..
الهادي بن محمد المختار النحوي 

اللهم ارفع عنا البلاء والوباء
رب اغفر لي ولوالدي ولوالديهم ولجميع المسلمين.
والصلاة والسلام على الحبيب الشفيع الرحمة المهداة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.