صحيفة عربية تستعرض ما اعتبرته "دلائل على إنهاء المعارضة الموريتانية مهادنتها للرئيس واتجاه المشهد للسخونة"

16 نوفمبر, 2021 - 07:27

نواكشوط ـ «القدس العربي»: يتجه المشهد السياسي الموريتاني للسخونة وللتجاذب، حسبما أكدته مؤشرات وبيانات تبادلها حزب الاتحاد الحاكم مع حزبي التكتل واتحاد قوى التقدم وهما حزبان هادنا الرئيس الغزواني منذ وصوله للسلطة، غير أن قانون الرموز والبطء في التغيير المنشود يدفعانهما لإنهاء الهدنة والعودة للمعارضة الناطحة بدل الناصحة.
وعبر القيادي الإسلامي محمد جميل منصور، وهو من أنصار الرئيس، عن القلق إزاء السخونة التي تقبل عليها موريتانيا، حيث أكد في تدوينة قلق وأسف: “خلاص، دفعت المقالات التحريضية، والمظاهر المستفزة، وتمرير القوانين التي لا حاجة فيها، إلى البيانات القوية والعناوين المثيرة وإشارات التهديد، هل من عقلاء يوقفون هذا التطور غير المرغوب، آمل ذلك”.
وانتقد حزب اتحاد قوى التقدم، وهو أكثر أحزاب المعارضة قرباً من الرئيس الغزواني وتنسيقاً معه في بيان أمس، الوضع السياسي والاجتماعي، مؤكداً “أن موريتانيا تعيش على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي أزمة حادة تتجسد في تدهور القدرة الشرائية ليس فقط للفئات الهشة كالعمال، والفلاحين، والعاطلين عن العمل في القطاعات المصنفة وغير المصنفة، وإنما كذلك للطبقات الوسطى التي باتت تتخبط في تيه شديد”.
وأمام هذا الوضع، يضيف الحزب، تبقى الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية دون المطلوب ودون تأثير محسوس على الظروف المعيشية لغالبية المواطنين”.
وأضاف منتقداً سياسات الرئيس الغزواني: “إن غياب قطيعة جذرية ومعلنة مع ما طبع العشرية الماضية من تسيير كارثي يزيد من تعقيد الوضع ليس على الصعيد الاقتصادي فحسب، بل كذلك علي الصعيدين الاجتماعي والسياسي، والواقع أن الفساد مستمر، بل يتفاقم في بعض القطاعات في ظل تدوير مسؤولين ضالعين في اختلاس الممتلكات العامة، وتعيينهم لتولي الوظائف السامية” .
وتابع الحزب نقده للأوضاع: “على الصعيد السياسي يشهد التوجه نحو التهدئة، الذي انتهجه رئيس الجمهورية والذي ولد آمالاً كبيرة لدى طيف واسع من الطبقة السياسية ومن الرأي العام، تصدعاً خطيراً قد يقوض الثقة في قيام الحوار الوطني الذي اتفق عليه أقطاب الساحة السياسية والاجتماعية، ومن ذلك على سبيل المثال مصادقة البرلمان مؤخراً على قانون “الرموز الوطنية” الذي تم تأويل تأجيله خلال الدورة البرلمانية السابقة على أنه بادرة حسن نية، إلا أن الاغلبية فضلت للأسف التخلي عن روح التوافق الذي ساد في الجمعية الوطنية منذ اعتماد لجنة التحقيق البرلمانية والتنسيق في إطار مكافحة جائحة كوفيد 19″.
إن لجوء الأغلبية، يضيف حزب اتحاد قوى التقدم، لمنطق القوة والهيمنة من خلال التصويت على هذا القانون الذي ينطوي على بنود قد تنتهك الحريات، يشكل تراجعاً خطيراً عن سياسة التهدئة وعودة لجو الاستقطاب والمزايدات”.
وزاد: “إن اتحاد قوى التقدم يستهجن تهاون السلطات في تعاملها مع التوترات الاجتماعية التي تتسبب فيها الإدارة أحياناً، ويدعو القوى السياسية الوطنية وخصوصاً الأغلبية إلى تقدير خطورة التحديات التي يواجهها البلد والعمل الحازم على تجذير البحث عن إجماع وطني من أجل الإسهام في خلق الظروف المواتية لنجاح الحوار الوطني الشامل المرتقب”.
وفي إطار علامات إنهاء المعارضة الموريتانية لمهادنة الرئيس الغزواني ما أكده حزب تكتل القوى الديمقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، في بيانه الذي نددّ فيه أمس “باعتماد البرلمان لقانون حماية الرموز في الوقت الذي ينتظر فيه البلد انطلاق حوار وطني شامل، سيتطرق لموضوع ترسيخ دولة القانون”.
ونبّه حزب التكتل في بيانه “الحكومة إلى أنّ الأسلوب الأحادي، بواسطة أغلبية أتوماتيكية في البرلمان، خاصة فيما يتعلق بمواضيع حسّاسة، يتنافى مع روح الانفتاح والتشاور التي تنشدها السلطة التنفيذية منذ قدومها”.
وأضاف: “نعبّر عن خشيتنا من عودة الممارسات الاستبدادية التي عرفها البلد في الماضي، وندعو كافة القوى الوطنية إلى رصّ الصفوف للدفاع عن دولة القانون”.
ولم يتأخر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في الرد على بيانات المعارضة، حيث أكد في بيان أمس “أنه في الوقت الذي تستعد فيه كل القوى الحية في البلاد لتنظيم تشاور وطني يتعرض لكل القضايا الوطنية الكبرى، يطل علينا بيان موقع من حزب اتحاد قوى التقدم، متجاهلاً كل ما تم إنجازه حتى الآن منذ تسلم فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد الأمور في البلد، ومتناسياً ما تحقق للفئات الهشة، وفي عهده فقط، من تحسين ظروف معاش وتأمين صحي، ودعم لأسعار المواد الغذائية في موسم الغلاء العالمي الذي نمر به حالياً”.
إن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، يضيف البيان، إذ يؤكد مرة أخرى أن قانون الرموز المصادق عليه أخيراً لا يشكل أي مساس بالحريات الفردية ولا الجماعية، بقدر ما يحافظ على حماية رموز ومقدسات الوطن، ولا نرى مبرراً موضوعياً للاعتراض عليه، وأن الشعب الموريتاني مدعو اليوم قبل أي وقت مضى إلى حماية مقدساته ورموزه الوطنية، مع الحرص على حماية الحريات التي لا ينبغي أن تخضع للمزايدات ولا الديماغوجية السياسية”.
وجاءت تدوينة المحلل السياسي الدكتور أبو العباس برهام لتعطي تفسيراً للانعكاسات المحتملة لقانون الرموز على نظام الرئيس الغزواني فقال: “الطعنة التي وجّهها ولد غزواني للحقوق العامّة ليست، بالنهاية، سيئة، لأنّها ستحرّر القوى الفاعِلة المبدئيّة من الاغترار بالنظام، وبالتالي ستفتَح الباب لمعارضة حقيقيّةـ فإلى حدّ الآن ظلّت معارضة غزواني معارضة شعبوية غير محترِفة، لا تعرِف التمييز بين النقد والهجاء وبين الوقائع والخيال”.
وقال: “هذا الحدَث (التصديق على قانون الرموز) سيُنهي الشرعية المعنوية التي تمتّع بها غزواني وسيظهر القانون أنّ غزواني فقير الحصيلة، ليس لديه إنجازٌ يحمي به سمعته، والآن ليس عليه إلاّ حمايتها بالقوة والقمع؛ إنّها مرحلة مألوفة في كلّ الدِّيكتاتوريات الوطنية: تأتي على صهوة الأمل، ثمّ مع الوقت يذوي الأمل، فتهرع للعصا، إنّها مرحل تآكُل الجزرة، مرحلة مُظلِمة، لكنّها ليست سيِّئة للكفاح”. وقال: “هذا الوقت، وقت سقوط قناع النظام: فهو وقتٌ مناسِب للهجوم”.

إضافة تعليق جديد