شنقيط مدينة في موريتانيا تقع في شرق ولاية أدرار. وكانت تمثل مركز إشعاع علمي وثقافي منذ القرن 10 هـ حيث شهدت نهضة ثقافية شاملة إلا أن أهلها لم يهتموا بتدوين حركتهم العلمية وتوثيق أحداثها والتأريخ لها.
سبب التسمية
ورد اسم شنقيط موثقا في تاريخ السودان للسعدي، ونجد النسبة إليها في شجرة النور الزكية عند ذكـــــــر محمد الشنقيطي.
اختلف في وجه اشتقاق كلمة شنقيط :
قيل هي كلمة من اللغة الأزرية ذات أصل "بربري" ومعناها عيون النخيل التي تشرب منها.
وقيل هي كلمة عربية أصلها: (سن قيط) أي طرف جبل قيط وهو جبل مجاور .
وقيل أصلها الشنقيط وهي كلمة عربية فصيحة دالة على نوع من الأواني الخزفية كان منتشرا في المنطقة
يرى كثير من المؤرخين [بحاجة لمصدر] أن مؤسس مدينة شنقيط هو حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة باعتبار أنه حفر بئرا في هذا الموقع إبان حملته في الصحراء سنة 116هـ ولا يستبعد إذن أن يكون قد أطلق عليها اسما عربيا .
ترجح بعض المصادر [بحاجة لمصدر]أن اسم شنقيط يرجع إلى نوع من الأواني الخزفية يسعى "الشقيط" كانت تشتهر به وان مؤسسها حبيب بن عبيدة الذي حفر بئرا في هذا المكان أثناء حملته بالصحراء سنة 116 هـ . وهناك رواية أخرى [بحاجة لمصدر] تقول بأن كلمة "شنقيط" ذات أصل "بربري" ومعناها باللغة البربرية"عيون الخيل".
لمحة تاريخية
نيت شنقيط القديمة سنة 160 هـ/ 776 م وعاشت قرونا ثم اندثرت لتنهض على أنقاضها مدينة شنقيط الحالية بما تحويه من كنوز التراث الثقافي المنسي فلا زالت مدينة حية تقاوم الظروف الصعبة والعزلة القاتلة.
كانت شنقيط مدينة واحات ومحطة هامة من محطات تجارة الصحراء وكان الحجاج يتجمعون فبها ثم ينطلقون في قافلة واحدة لأداء فريضة الحج فسمي سكان هذا القطر "الشناقطة" نسبة إلى مدينة شنقيط التي تعزز دورها التجاري والديني في أوائل القرن 11هـ حتى أصبحت العاصمة الثقافية لذلك البلاد. ويحكون أنه خرج يوما من شنقيط اثنان وثلاثون جملا محملة بالملح عشرون منها لأهل شنقيط واثنا عشر لأهل تيشيت فباعت الرفقة في ( زارا) قرب كنبي صالح فتعجب الناس أي البلدين أعمر مع اتفاق الكلمة.
لقد سبق العرب إلى إفريقيا وبلاد المغرب وحكموها أكثر مما حكمها أهلها الأقدمون، وأكثر مكان حكمه العرب كان بلاد شنقيط ودام الصراع الثقافي فترة طويلة. ورغم ذلك فلم يحدث انصهار عرقي ثقافي مثل الذي حدث في المجتمع الشنقيطي، وتحدث جميع الشناقطة اللهجة الحسانية العربية التي جاءت بها قبيلة بني حسان قبل ستة قرون فانتشرت واكتسحت اللغات القديمة ثم تولت القبائل الصنهاجية التي انسخلت عن لغتها القديمة تعميم العامية العربية الحسانية ونشرها وتطويرها ولعلها بذلك بذلت من الجهد وأنجزت ما لم ينجزه بنو حسان أنفسهم.
لقد اعتنق أهل الصحراء الإسلام وتحدثوا اللغة العربية أصيلهم ودخيلهم. واحتلوا مواقع السلم الاجتماعي على أساس تمثلهم لروح الإسلام وتجسيدهم لروح البطولة العربية ما قبل الإسلام دون أن يكون للسلالة دور كبير في بلورة البيئة الاجتماعية السكانية.
دورها العلمي
قد وفد إلى شنقيط سفراء كان لهم دور في إعدادها لأداء رسالتها العلمية . ففي أواخر القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر وصل إلى شنقيط أحمد الذهبي قادما من تلمسان وهو شريف من سلالة عبد الله التلمساني , وقد مر في طريقه إلى شنقيط بمراكش حيث لقي السلطان مولاي إسماعيل ثم أقام بشنقيط يعلم الفقه وكان أول من درس مختصر خليل وترك بها ولدين , وتنتشر سلالته اليوم في موريتانيا ومنها أهل مولاي الزين .
ثم قدم إلى شنقيط بعد ذلك الشاب الشاطر في القرن 11هـ ( شاب شريف فاسي ) ذكره صاحب فتح الشكور باسم (الشريف الشاب) , وذكره صاحب الوسيط بالاسم : ( الشاب الشاطر) وبه يعرف في شنقيط والقطر . وقد انتخب من أهل شنقيط خمسة أو ستة من نجبائهم ليعلمهم العلوم في فترة قصيرة حتى يتمكنوا من تعليم الناس ومنهم : الطلب مصطفى , والطالب أحمد الغلاويان , والطالب محمد بن الأعمش , والقاضي العلويان . وقد جلب هذا الشاب معه من الأندلس إلى شنقيط كتبا لم تكن موجودة بها .[1]
المجتمع الشنقيطي
ينقسم إلى ثلاث فئات:
بنو حسان المعروفون محليا بإسم العرب وهم حملة السلاح "أصحاب الشوكة"
الزّوايا: وهم أصحاب العلم وعليهم تقع مسؤولية تعليم الناس وحل مشاكلهم الدينية اليومية وإصدار الفتاوى الشرعية كتقسيم التركة (الإرث) الي آخره.
الفئة الثالثة: تمثل قاعدة الهرم الاجتماعي وتضم المجموعات التي لا تفهم بالسيف أو القلم.
لقد كان الرباط الذي أسسه الفقيه عبد الله بن ياسين منطلقا لدولة المرابطين التي نشرت الإسلام ودرست قواعده النفسية فتعلق به أهل الصحراء صادقين إلا أن اختفاء المرابطين ترك فراغا سياسيا ودينيا. حاول بنو حسان والزّوايا أن يسدوه كل من جانبه فشكلوا قيادة ثنائية للمجتمع الشنقيطي. مارس الزّوايا القيادة الروحية والعلمية وإدارة الشؤون الاقتصادية فيما مارس بنو حسان القيادة العسكرية وكرس المجتمع هذه القيادة المزدوجة بتمجيد شأن العلم والسلاح معا واعتبروهما، رمز المجد والكرامة.
التعليم ونظام المحضرة
قامت الحركة العلمية العربية في ظل الإسلام على التلقي من أفواه الرجال مستندة على أساس صلب من الأخلاقيات التي تربى الناس عليها منذ أيام الوحي كطلب العلم من أهله والإخلاص في الصدق والرواية التي أصبحت أساس الحركة العلمية العربية خاصة أن وسائل التدوين كانت قليلة ونادرة ، فكان الطالب يتلقى العلم من شيخه، وبلغ اهتمام المجتمع بهذه الوظيفة أن البدو الرحل كانوا يصطحبون معهم شيخهم ليتولى شؤونهم الدينية والثقافية وكانوا بالمقابل يتفقون عليه وعلى أسرته بما يكفل له حياة مستقرة . كان الطلبة في المجتمع الشنقيطي يأتون إلى شيوخ العلم يحضرون دروسهم أو محاضراتهم ويعتقد البعض أنه من حضور الطلاب للدرس جاءت كلمة محضرة.
لمطالعة هذا المحتوى في مصدره اضغط هنا