في خطوة وثيقة الصلة بالتحقيقات القضائية المستمرة مع الرئيس السابق وعدد من أقربائه وأعوانه، أعلن قادة منظمات مجتمعية مدنية موريتانية، أمس، عن انطلاق أنشطة تحالف وطني مختص في محاربة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة، وترسيخ الشفافية وترقية الحكامة الرشيدة.
وأكد محمد الأمين الفاضل، رئيس التحالف، أن “هذه الهيئة ستقوم بعدة أنشطة لتحقيق أهدافها، بينها التنسيق مع منظمات المجتمع المدني وكافة القوى الحية المهتمة بمحاربة الفساد، لخلق رأي عام وطني رافض للفساد، وضاغط من أجل ترسيخ الشفافية في الحياة العامة”.
وأكد “أن التحالف سيطلق حملات توعية وتحسيس في مجال الحكامة الرشيدة ومحاربة الفساد، منفتحاً في ذلك مع شركاء موريتانيا في التنمية للعمل معهم في كل ما من شأنه أن يساهم في الحد من الفساد وترسيخ الشفافية واستعادة الأموال المنهوبة”.
وقال: “تحالفنا سيتموقع في الساحة كطرف مدني كلما دعت الحاجة إلى ذلك، لاستعادة أموال الشعب الموريتاني المنهوبة”.
وأوضح مؤسسو التحالف في بيانهم التأسيسي “أن إطلاق التحالف يأتي باعتبار ما يتسبب فيه الفساد وسوء الحكامة من إعاقة للنمو الاقتصادي، وإهدار لموارد الدولة، وانهيار لهيبتها وهيبة مؤسساتها، وانعدام لثقة الأفراد والجماعات فيها، كما جاء نظراً للتأثير المباشر وغير المباشر لتداعيات الفساد الاقتصادي والإداري والسياسي على اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي والسلم الأهلي”.
“ويأتي إطلاق هذا التحالف أيضاً، حسب المؤسسين، بالنظر لخطورة غياب العدالة والمساواة وعدم تساوي الفرص الناتج عن استشراء الفساد، وبالنظر لقناعة المؤسسين الراسخة بأن لا تغيير ولا إصلاح ولا تنمية دون حرب جدية على الفساد”.
وشدد المؤسسون على “أن مبادرتهم تأتي وعياً منهم بأهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به المجتمع المدني في التصدي لمخاطر وتبعات الفساد”.
وقد تأسس التحالف الوطني المختص في محاربة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة، على أساس نداء الحادي والثلاثين من آب/ أغسطس 2020 الذي طالبت فيه عشرات الهيئات المهتمة بمكافحة الفساد بضرورة تشكيل تحالف وطني واسع، يعمل على ترسيخ الشفافية ومحاربة الفساد تقوده منظمات المجتمع المدني الفاعلةُ في المجال”. ويرتبط تأسيس هذا التحالف بالتطورات الناجمة عن محاكمة متوقعة للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، حيث سيمارس أعضاؤه ونشطاؤه جميع الضغوط من أجل ضمان إرجاع الأموال التي يتهم الرئيس السابق بنهبها خلال فترة حكمه لموريتانيا التي استمرت من 2008 إلى 2019.
ويقول المحامي أمين ولد عبد الله رئيس منظمة “انشروا ما تصرفونه” غير الحكومية وهي عضو في التحالف الجديد “المهم عندنا هو إعادة الأموال المنهوبة بطريقة غير شرعية، والحيلولة دون أن يتكرر نهب المال العام في المستقبل”. ويرى أنصار ومحامو الرئيس السابق “أن التحالف لا يعدو كونه استغلالاً يقوم به النظام لعدد من منظمات المجتمع المدني، حتى لا يفهم الرأي إعلام الوطني بأن ما يتعرض له الرئيس السابق مجرد تصفية حسابات سياسية لا غير”.
لكن ينفي هذه التهمة ويؤكد أن التحالف الوطني لمحاربة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة لا علاقة له بالسلطة القائمة وهو مستقل تماماً عن النظام الحاكم، وما يجمع بين أعضائه هو القناعة الراسخة بضرورة استرجاع أموال الشعب الموريتاني المنهوبة بطرق غير شرعية.
يذكر أن الرئيس يواجه منذ الثاني عشر آذار/ مارس الماضي لائحة اتهام شملت الفساد، واستغلال النفوذ، والإثراء غير المشروع، وغسيل الأموال، وتبديد المال العام، وإعاقة العدالة.
وتقع هذه التهم تحت طائلة القانون رقم 014/2016 المتعلق بمكافحة الفساد، الذي صادق عليه البرلمان في آذار/ مارس 2016.
ورفض الرئيس السابق الرد على المحققين خلال جلسات عديدة استدعي لها من طرف شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية متذرعاً بأنه “محصن بالمادة 93 من الدستور التي تجعل محاكمته من اختصاص محكمة العدل الخاصة وليس القضاء العادي”.
ويخضع الرئيس السابق، منذ 11مايو الجاري، لإقامة إجبارية في منزلية تحت إشراف النيابة العامة.