كيف تجعل طفلك قارئا مدى الحياة؟

14 مارس, 2021 - 15:22

يسعى كثير من الآباء باستمرار لتربية أطفالهم بطريقة تجعلهم يحظون بفرص أفضل في الحياة، ولأن يكونوا "أطفالا عالميين" يمكنهم العيش في أي بقعة من العالم بالتعليم الجيد الذي تلقّوه، وبالمهارات الكثيرة التي اكتسبوها. ويعتقد الآباء أن القراءة هي نقطة الانطلاق نحو هذا الهدف، إذ يجب أن يربوا أطفالا نهمين بالقراءة. فكيف يحدث ذلك؟ ولماذا هناك أشخاص يحبون القراءة أكثر من غيرهم ويجدون فيها متعتهم عن حق؟ هذا هو الموضوع الذي يتناوله المحرر جو بينسكر، المهتم بتغطية شؤون الأسرة والعلاقات، في تقرير نشرته مجلة "ذي أتلانتك" الأميركية.

يمكن للمرء التعرف عليهم من خلال حقائبهم المخصصة لحمل الكتب أو أكواب "محبي الكتب" الخاصة بهم أو، على نحو أكثر موثوقية، من خلال أكوام الورق المطبوعة المغلّفة التي يقلّبونها في حضنهم. يُطلَق على هؤلاء، لعدم وجود مصطلح أكثر دقة من ذلك، قُرّاء.

يبدو الانضمام إلى جماعتهم أمرا بسيطا: يكفي الحصول على كتاب ثم قراءته، وها أنت ذا تفوز بلقب قارئ دون الحاجة إلى حمل حقيبة. ولكن تكمن وراء هذه العملية البسيطة مسألة الدافع، إذ لماذا ينشأ بعض الناس مكتسبين متعة كبيرة من القراءة، بينما لا يحظى الآخرون بذلك. والسبب وراء هذا هو ربط القراءة في أوقات الفراغ بالتفوق الأكاديمي والمهني، بالإضافة إلى صعوبة شرح الأسباب بالكامل. ولكن يبدو أن العامل الرئيسي في تفسير ذلك يكمن وراء الأسرة التي يُولد منها الفرد، وثقافة القراءة التي يخلقها الآباء داخل أبنائهم.

يختلف حجم جمهور القراءة الأميركي باختلاف تعريف المرء للقراءة، ففي عام 2017 وصلتْ نسبة البالغين الأميركيين الذين قرؤوا كتابا واحدا على الأقل لا علاقة له بالدراسة أو العمل إلى نحو 53% (أي ما يعادل 125 مليون شخص) في الأشهر الـ 12 الماضية وفقا للصندوق الوطني للفنون (NEA) (وكالة مستقلة تابعة للحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة، تُقدِّم الدعم والتمويل للمشاريع التي تُظهِر التميز الفني). أجرى الصندوق الوطني للفنون قبل خمس سنوات استبانة أكثر تفصيلا، وتوصل إلى أن 23% من البالغين الأميركيين كانت قراءتهم "خفيفة" (ينتهون من قراءة كتاب إلى خمسة كتب في السنة)، و10% كانت قراءتهم "معتدلة" (يقرؤون من 6 إلى 11 كتابا)، و13% قرّاء "منتظمون" (يقرؤون من 12 إلى 49 كتابا في السنة)، وخُصصت 5% للقُرّاء "المتعطشين" (مَن ينتهون من قراءة 50 كتابا وأكثر).

تقول ويندي جريسوولد، عالمة اجتماع في جامعة "نورثويسترن": "لدى كل مجتمع فئة من البالغين، قد تصل نسبتهم إلى النصف، ممن يقرؤون كثيرا في أوقات فراغهم". وتُطلِق جريسوولد على هذه المجموعة "الطبقة القارئة" -وبإضافة نِسَب القراء "المنتظمين" و"النهمين" بحسب تصنيف الصندوق الوطني للفنون، وبالنظر إلى معدلات القراءة الجادة في بلدان غنية شبيهة، نتوصل إلى أن نحو 20% من البالغين ينتمون إلى الطبقة القارئة في الولايات المتحدة، وأقرّت جريسوولد بأن نسبة أكبر من السكان الأميركيين كانوا مؤهلين بصفتهم قرّاء مولعين بين منتصف القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين؛ الحقبة التي أصبحتْ فيها القراءة ممكنة بفضل اشتعال فتيل تكنولوجيا الطباعة وتقدُّمها وأخمدها التلفاز في النهاية.

بعض الأشخاص لديهم فرص أعلى من غيرهم في الانتماء إلى "الطبقة القارئة" بصفتهم أعضاء فيها. تقول جريسوولد: "يمكن التنبؤ بأنماط هؤلاء الأشخاص بسهولة؛ فالنمط الأول والأكثر بداهة أنه كلما زاد تعليم الشخص زادت احتمالية أن يصير قارئا، كما أن سكان الحضر يقرؤون أكثر من سكان الريف، إذ يرتبط الترف بالقراءة، والفتيات الصغيرات يقرأن في وقت أبكر من الأولاد، ويواصلن القراءة في مرحلة البلوغ".