الشاي الأخضر.. كنزٌ في ثوب دواء!

22 مارس, 2019 - 12:02

إنَّ جسمَ الإنسان كونٌ كبير، منظوم التفاعل، محكم التشغيل، والطعام والشراب اللذان نرسلهما داخله، ليسا مجرد صورة حيوية تمدنا بالطاقة اللازمة للعيش؛ فهما سلاحان فتاكان لما يمثلانه من أهمية، بالغة التأثير على أعضاء الجسم ووظائفه، وإنهما إما أن يكونا نعمة، تسري من عضو إلى عضو عبر الدم، أو نقمة، يستجهد الجسم السبل للتخلص منها، ومن ثم فإنه ليس غريبًا أن نقول: 

"إن غذاءك دواؤك"، ومن بين الأغذية والأشربة الكثيرة التي تعج بها حياتنا، وتهبط إلى المعدة في كل وقت، شراب صحي جدًا، فوائده عظيمة، وصحبته غنيمة، والمداومة عليه مفازة كبيرة، يتنعم بها الجسم، وخلاياه، وكيف لا؟ وهو المشروب الأكثر تناولًا بعد الماء على كوكب الأرض، طبقًا لتقريرٍ أعده the Journal of the American College of Nutrition إنه الشاي الأخضر، الكنز الدوائي، الذي غفلت عنه العيون، وجفت منه البطون، السحر الذي يحافظ على سلامة الجسم من السرطان، ويحميه من أمراض القلب، ويبعده عن شر السمنة، فلماذا لا تحضر كوبًا من الشاي الأخضر، لتعرف معي تاريخه، وماهيته، ومكوناته، وفوائده الصحية، الكثيرة المتنوعة، وبعض الاحتياطات اللازمة لتناوله كغيره من الأدوية؟

تاريخ الشاي الأخضر

لا تعرف البشرية موطنًا للشاي الأخضر غير شرق آسيا، خاصة في الصين، فمنذ آلاف السنين، تشير السجلات إلى أنه قبل 3000 عام كان الشاي الأخضر مشروبًا شائع الاستخدام، في أجزاء من جنوب غرب الصين، قبل أن ينتشر على مدار القرون التالية إلى الهند ثم اليابان، ليشق طريقه إلى باقي دول العالم في خفة، وتسلل، حتى بات جزءًا لا يتجزء من حياة شعوب الأرض جميعًا؛ فاليوم، يُنتج ما يقدر بنحو 2.5 مليون طن من أوراق الشاي سنويًا في جميع أنحاء العالم ، 20 بالمائة منها عبارة عن شاي أخضر، والذي لم يصبح شائعًا أو موزعًا على نطاق واسع خارج آسيا حتى أوائل القرن العشرين.

ما هو الشاي الاخضر؟

الشاي الأخضر والأسود والشاي الصيني يأتون جميعًا من أصل نباتي واحد Camellia sinensis، ويتكون الشاي الأخضر خلافًا للشاي الأسود من الأوراق التي لم يتم تخميرها بحيث تحتوي على أعلى نسبة من مضادات الأكسدة، وعلى سبيل المثال، تمثل مضادات الأكسدة الفلافونويد حوالي 30 في المائة من الوزن الجاف لأوراق الشاي الأخضر، كما يحتوي على بعض مضادات الأكسدة Healing Compounds وTannins تشمل البوليفينول والكاتيكين وأنواع أخرى مختلفة من الفلافونويد، وعلى الرغم من أنه يحتوي على كميات صغيرة من الكافيين، إلا أنه يحتوي على نسب مختلفة من:
Vitamin B
Vitamin C
Vitamin E
Saponins
وهي مواد لها خصائص مضادة للالتهاب، لذلك يرتبط استهلاك الشاي الأخضر بفوائد صحية أكثر من العديد من الأطعمة الصحية المتوفرة لدينا، ولقد وجدت الدراسات أن فوائد الشاي الأخضر ترجع إلى حقيقة أن الشاي الأخضر يحتوي على Healing Compounds أكثر من العديد من الأعشاب والتوابل والفواكه والخضروات الأخرى، مما يجعله حقًا "كنزًا دوائيًا".

الشاي الأخضر وتقليل الإصابة ببعض أنواع السرطان!

سبب السرطان هو النمو الزائد وغير المنضبط للخلايا، إنه أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، ومن المعروف أن الأكسدة تساهم في تطور السرطان وأن مضادات الأكسدة قد يكون لها تأثير وقائي منه، ويعتبر الشاي الأخضر مصدرًا ممتازًا لمضادات الأكسدة القوية، لذلك من المنطقي أنه يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالسرطان، كأنواع:

سرطان الثدي: وجد التحليل البياني للدراسات القائمة على الملاحظة أن النساء اللائي شربن الشاي الأخضر أقل عرضة بنسبة 20 إلى 30 بالمائة للإصابة بسرطان الثدي، وهو أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء.
سرطان البروستاتا: وجدت إحدى الدراسات أن الرجال الذين يتناولون الشاي الأخضر يقل لديهم خطر الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 48 بالمائة، وهو أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الرجال.
سرطان القولون والمستقيم: أظهر تحليل من 29 دراسة أن أولئك الذين يتناولون الشاي الأخضر كانوا أقل عرضة بنسبة 42 بالمائة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

أظهرت العديد من الدراسات القائمة على الملاحظة أن الذين يشربون الشاي الأخضر هم أقل عرضة للإصابة بأنواع عديدة من السرطان، ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحوث عالية الجودة لتأكيد هذه الآثار، يجب أن تعلم أن وضع الحليب في الشاي قد يكون فكرة سيئة، لأن بعض الدراسات تشير إلى أنه يقلل من قيمة مضادات الأكسدة.

الشاي الأخضر يقلل من الإصابة بالنوع الثاني من السكري!

مرض السكري من النوع الثاني هو أحد أمراض القرن فقد وصل إلى مستويات وبائية في العقود القليلة الماضية وأصيب الآن بنحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم به، هذا المرض ينطوي على ارتفاع مستويات السكر في الدم في سياق مقاومة الأنسولين أو عدم القدرة على إنتاج الأنسولين، تشير الدراسات إلى أن الشاي الأخضر يمكن أن يحسن حساسية الأنسولين ويقلل مستويات السكر في الدم، وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على الأفراد اليابانيين أن أولئك الذين شربوا الشاي الأخضر أقل عرضة بنسبة 42 بالمائة للإصابة بمرض السكري من النوع 2، ووفقًا لمراجعة 7 دراسات شملت ما مجموعه 28601 شخصًا، كان من يشربون الشاي الأخضر أقل عرضة للإصابة بمرض السكر بنسبة 18 بالمائة.

الشاي الأخضر يقلل من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية!

تعد أمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك السكتة الدماغية، أكبر أسباب الوفاة في العالم، تشير الدراسات إلى أن الشاي الأخضر يمكن أن يحسن بعض عوامل الخطر الرئيسية لهذه الأمراض. وهذا يشمل الكوليسترول الكلي والكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، فيزيد الشاي الأخضر بشكل كبير من قدرة مضادات الأكسدة في الدم، والتي تحمي جزيئات LDL من الأكسدة، والتي هي جزء واحد من المسار نحو أمراض القلب، وبالنظر إلى الآثار المفيدة على عوامل الخطر، فليس من المستغرب أن نرى أن من يشربون الشاي الأخضر لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أقل بنسبة 31 بالمائة.

الشاي الأخضر يساعدك على إنقاص الوزن!

بالنظر إلى أن الشاي الأخضر يمكن أن يعزز معدل الأيض على المدى القصير، فمن المنطقي أنه يمكن أن يساعدك على فقدان الوزن، وزيادة حرق الدهون، لما يحتويه من مكونات فعالة، وتشير العديد من الدراسات إلى أن الشاي الأخضر يؤدي إلى انخفاض الدهون في الجسم، وخاصة في منطقة البطن، كانت إحدى هذه الدراسات تجربة عشوائية محكومة لمدة 12 أسبوعًا على 240 رجلاً وامرأة، في هذه الدراسة، كان لدى مجموعة الشاي الأخضر انخفاضات كبيرة في نسبة الدهون في الجسم ووزن الجسم ومحيط الخصر والدهون في البطن، ومع ذلك، فإن بعض الدراسات لا تُظهر زيادة ذات دلالة إحصائية في فقدان الوزن بالشاي الأخضر بشكل قاطع، على كل الشاي الأخضر لن يجدي نفعًا وحده، يجب أن تمارس الرياضة وتتبع نظام غذائي سليم.

فوائد أخرى

ويمكن أن يكون للمركبات النشطة بيولوجيًا في الشاي الأخضر تأثيرات وقائية مختلفة على الدماغ، قد تقلل من خطر كل من مرض الزهايمر وشلل الرعاش، وهما الاضطرابات العصبية الأكثر شيوعًا في العالم. قد يمنع الكاتيكين في الشاي الأخضر نمو البكتيريا وبعض الفيروسات، هذا يمكن أن يقلل من خطر الالتهابات ويؤدي إلى تحسينات في صحة الأسنان، وانخفاض خطر تسوس الأسنان.

مخاطر الاستخدام

لا توجد آثار جانبية أو موانع معروفة لشرب الشاي الأخضر للبالغين. ومع ذلك، ينبغي توضيح المخاطر أو المضاعفات التالية:
حساسية الكافيين: أولئك الذين لديهم حساسية شديدة من الكافيين يمكن أن يعانون من الأرق، والقلق، والتهيج، والغثيان، أو اضطراب في المعدة.
سيولة الدم: أولئك الذين يتناولون الأدوية المضادة للتخثر مثل الوارفارين يجب أن يشربوا الشاي الأخضر بحذر بسبب محتواه من فيتامين K، يوصى أيضًا بتجنب الشاي الأخضر والأسبرين، لأنهما يقللان من فعالية تخثر الصفائح الدموية.
المنشطات الأخرى: إذا تم تناوله مع الأدوية المنشطة، يمكن أن يزيد الشاي الأخضر من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.

تحتوي مكملات الشاي الأخضر على مستويات عالية من المواد الفعالة التي يمكن أن تؤدي إلى آثار جانبية وتتفاعل مع غيرها من الأعشاب أو المكملات الغذائية أو الأدوية، لذلك اقرأ المكونات جيدًا، وراجع الطبيب أو الصيدلي قبل التناول. على وجه الخصوص، يجب ألا تتناول النساء الحوامل أو المرضعات، اللائي يعانين من مشاكل في القلب أو ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل في الكلى أو الكبد أو قرحة في المعدة أو اضطرابات القلق، مكملات أو مستخلصات الشاي الأخضر دون إشراف طبي.

محمد الخشاب

طالب بصيدلة حلوان