أضحى "الفايسبوك" أو الفضاء الأزرق، جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، والدخول إلى حساباتنا من الأمور البديهية التي نقوم بها عشرات المرات في اليوم، بغية التعرف على جديد العالم، أو التحدث مع الأصدقاء أو أفراد العائلة، أو لمعرفة أخبار أُناس لا نستطيع التواصل معهم.
ولا يمكن إنكار أن موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" قد شكل نقلة نوعية في التواصل، وجعل العالم مجرد قرية صغيرة يتم التواصل فيها بكل سهولة، سواء لمعرفة أخبار العالم أو الحديث مع أشخاص في مختلف الدول والبلدان على رغم آلاف الكيلومترات الفاصلة.
لكن كأي شيء له إيجابيات وسلبيات، فالفايسبوك له أيضاً مجموعة من السلبيات التي طغت على كثير من إيجابياته، خاصة على مستوى الأسر والتواصل بين أفرادها، إذ طغى التواصل الإلكتروني على التواصل الإنساني، وأضحى كل فرد من الأسرة لديه جهاز هاتف أو "آيباد" متصل بالإنترنت وعليه تطبيق فايسبوك، فيغوص كل واحد منهم في عالمه الخاص، تاركين التواصل الإنساني المباشر.
ويتأثر الأطفال والمراهقون بشكل كبير بالفايسبوك، لدرجة انقطاع التواصل بينهم وبين الآباء وباقي أفراد الأسرة، ويمكن أن يتعرفوا على أشخاص أو محتوى غير لائق على التطبيق الاجتماعي، مما يؤثر على سلوكياتهم وحتى دراستهم، في غفلة من أولياء الأمور.
وحتى بين الأصدقاء، شكل الفايسبوك مساحات فراغ كبيرة بينهم، فحتى في جلساتهم يتم ترك التواصل الإنساني المباشر، ويكتفي كل فرد منهم بالانغماس في عالمه الخاص بالتطبيق الاجتماعي، لتتلاشى شيئاً فشيئاً العلاقات القوية بينهم، بسبب تفضيل كل فرد منهم هاتفه أو جهازه الإلكتروني على الحديث مع صديقه.
ويتسبب الفايسبوك في إهدار الكثير من الوقت، ويستغرق الفرد في حسابه ساعات، ما يفقده الإحساس بالوقت، فيعيش في عالم افتراضي وفقدان الشعور بالواقعية، ما يؤدي إلى دخوله في حالة اكتئاب وانطواء، فيبتعد عن التواصل الحقيقي وتنقطع بالتالي علاقاته الاجتماعية.
وأشارت بعض الدراسات المتخصصة، ومنها الدراسة التي أجراها الباحث ميشيل فانسون العام 2010 للتعرف على أثر استخدام الفايسبوك والإنترنت على العلاقات الاجتماعية، والتي أجريت على 1600 شاب، وأكدت أن أكثر من نصف الشباب يدمنون استخدام الإنترنت والفايسبوك بشكل خاص، ما يؤثر على علاقاتهم الاجتماعية مع أسرهم وكذا مع أصدقائهم.
وكذا دراسة أرين كاربنسكي، التي اهتمت بالتعرف على أثر استخدام الفايسبوك على الطلبة، والتي أكدت أن التحصيل العلمي أو نتائج امتحانات الطلبة الذين يستخدمون الفايسبوك، تكون أقل بكثير من الطلبة الذين لا يتوفرون على حسابات فايسبوك أو غير مدمنين على مراجعة حساباتهم مرات عديدة في اليوم.