احتجت الأحزاب الموريتانية التي طالها قرار الداخلية الموريتانية القاضي بحل الأحزاب التي تتخلف عن المشاركة في استحقاقين بلديين متواليين، أو تشارك فيهما وتحصل على أقل من 1% من الأصوات.
ونجم القرار المذكور عن حل 76 حزبا سياسيا من أصل 103 حزبا مرخصا اعتمادا على تشخيص لنتائج الانتخابات البلدية التي نظمت في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وكذا نتائج الانتخابات البلدية التي نظمت سنة 2013.
وبتطبيق هذا القرار لم يعد عدد الأحزاب السياسية المرخصة في موريتانيا يتجاوز 27 حزبا.
واعتبر محفوظ ولد بتاح رئيس حزب اللقاء الوطني الديموقراطي الذي شمله الحل، “أن قرار حل حزبه قرار “تعسفي”، حيث إن القانون الذي يحل الأحزاب لا ينطبق على حزبه ولا على أحزاب أخرى شملها قرار الحل”، حسب قوله.
وتوعد ولد بتاح في تصريح له “بأخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة قرار حل حزبه حزب اللقاء لأنه غير قانوني حسب رأيه”.
وينص القانون على أنه “يمكن لمنتخبي الأحزاب التي تم حلها، أن يلتحقوا بأي حزب سياسي ممثل في الجمعية الوطنية دون أن يؤثر ذلك على النتائج التي حققها الحزب المذكور في الانتخابات النيابية”.
وأكد المحامي الموريتاني البارز محمد المامي مولاي علي في تعليق قانوني له على قرار الحل، “أن وزارة الداخلية استعجلت وحلت 76 حزبا سياسيا على أساس تطبيق قاعدة حل الأحزاب غير الحاصلة على 1% في اقتراعين بلديين، والواقع أن القاعدة غير منطبقة الآن على أي من الأحزاب السياسية التي طالها الحل”.
وأكد المحامي “أن المادة 20 جديدة من القانون رقم 2012-024 الصادر بتاريخ 28 فبراير 2012، كانت تنص على أنه: (يتم بقوة القانون حل كل حزب سياسي قدم مرشحين لاقتراعين بلديين اثنين وحصل على أقل من 1% من الأصوات المعبر عنها في كل اقتراع أو الذي لم يشارك في اقتراعين بلديين اثنين متواليين)، وهذه المادة نشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 30 ابريل 2012، أي أن سريانها بدأ من هذا التاريخ، بينما ألغيت بالمادة الأولى من القانون رقم 031-2018 الصادر بتاريخ 18 يوليو 2018 التي تنص على أنه: (تلغى أحكام المادة 20 جديدة من القانون رقم 024-2012 الصادر بتاريخ 28 فبراير 2012 … وتحل محلها الأحكام التالية…)، ثم يأتي النص بالمادة 20 جديدة التي تحل محل المادة 20 جديدة القديمة، وتتضمن ضمن مقتضياتها المقتضى المتعلق بحل الأحزاب، وهذا القانون منشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 أغسطس 2018 أي أن سريانه بدأ من هذا التاريخ”.
وأضاف المحامي مولاي علي: “معنى ما سبق أن مجال تطبيق قاعدة حل الأحزاب الحاصلة على أقل من 1% من الأصوات المعبر عنها في اقتراعين أو التي لم تشارك في اقتراعين بلديين اثنين متواليين، ينحصر في الفترة ما بين (30 ابريل 2012 إلى 15 أغسطس 2018) بمقتضى النص الأول، و (من 15 أغسطس 2018 في اتجاه المستقبل) بمقتضى النص الثاني الذي ألغى الأول وحل محله”.
وقال: “في ظل سريان القاعدة الأولى جرت انتخابات بلدية واحدة سنة 2014 وألغيت القاعدة قبل أن تجري الانتخابات البلدية لسنة 2018، بينما في ظل سريان القاعدة الأخيرة جرت انتخابات 1 سبتمبر 2018 ولم تجر بعدُ انتخابات بلدية أخرى، مما ينفي إمكانية تطبيق أي من القاعدتين الآن “.
وأكد الخبير القانوني “أن مرد كل ذلك يعود لقاعدتين قانونيتين شهيرتين، أولاهما كون القانون لا يسري بأثر رجعي، ولا يسري مفعوله إلا على المستقبل، والثانية أن القانون الملغي لا يسري بعد إلغائه إلا على النزاعات التي عرضت على القضاء في ظله ولم يبت فيها بعد”، مضيفا: “أن القاعدتين تبلغان من الشهرة والقوة ما يجعلهما عصيتان على التجاوز، خصوصا إذا ما نشر نزاع بشأنهما أمام المحكمة العليا المختصة”.
ومع احتجاج الجهات التي شملها قرار الحل، فقد قوبل تطبيق الداخلية الموريتانية لقانون حل الأحزاب ضعيفة الأداء، بارتياح كبير في الأوساط السياسية الموريتانية الحريصة على تنظيف الساحة من الأحزاب المجهرية الصغيرة التي ليس لها دور يذكر.