يعود دونالد ترامب للمرة الثانية إلى البيت الأبيض، بعد كفاح ونضال واستماتة في الكفاح على كل الأصعدة، إذ توبع في قضايا:أخلاقية وإعلامية وسياسية، وهذا منذ خسارته في إعادة ترشحه للمرة الثانية في الانتخابات الرئاسية لسنة 2020.
هذا الفوز يعود له شخصيا، فبعدما تفوق على مترشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون في 2016، هاهو اليوم يسحق مترشحة الحزب ذاته كامالا هاريس. كما أن الحزب الجمهوري الذي ترشح باسمه، لم يسانده بالقدر الكافي، بل هناك من سارع في عرقلته من الترشح، مقدما أسباب عديدة ومتعددة، كالقضايا التي تلاحقه في العدالة الأمريكية إلى يومنا هذا.
والاعتقاد السائد اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية حول المترشح الفائز بهذه الانتخابات 2024، يجب أن يتغير، لقد خسر منافسوه اليوم، من الحزب الديمقراطي بقدر ما فاز به ترامب.
لم تكن هذه الانتخابات الرئاسية بين ترامب وهاريس عادية، لقد كانت بمثابة الفوضى الخلاقة أمام الناخبين الأمريكيين، ليس فقط المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، وحزبها، ولكن أيضًا بين الجمهوريين مثل ليز تشيني، وكبار الضباط العسكريين مثل الجنرال مارك ميلي وجيما جون كيوي (وطائفة من الموظفين)، وأعضاء الاستخبارات وخبراء بل وحتى بعض الاقتصاديين الحائزين على جائزة نوبل، بالإضافة إلى أفراد عائلته البيولوجية وعلى رأسهم ابنة أخيه “ماري ترامب”، وهي دكتورة في علم النفس السريري (الكلينيكي)، والتي نشرت في عام 2020 كتابا خاصا بعمها دونالد ترامب تحت عنوان: “كثيرٌ جدا لكنه لا يكفي” (TOO MUCH AND NEVER ENOUGH).
بهذه الطريقة، أصبح السباق إلى الرئاسيات في الولايات المتحدة الأمريكية مثالا لما يُعرف في الاقتصاد باسم «التدمير الإبداعي». يخشى خصومه بالتأكيد أن يدمر ترامب الديمقراطية الأمريكية والتي أصبحت اليوم غير صالحة في الداخل وحتى في الخارج.
نجاح ترامب في الانتخابات الأمريكية اليوم، سيؤدي بالولايات المتحدة الأمريكية، إلى دمار وتفكك داخلي، خاصة عندما يتأكد الشعب الأمريكي الذي صوَّت لصالحه، بأن صوته قد ضاع، وأن ترامب قد خدعهم، ففي هذه الحالة سنعيش الفترة نفسها التي عاشها الإتحاد السوفياتي في نهاية ثمانينيات القرن الماضي عندما وصل على رأس الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي مخائيل غورباتشوف 1985-1991.
أما بالنسبة لمؤيديه، من أنصار الحزب الجمهوري بل وحتى من عامة الناس، والذين صوتوا بكثافة لصالح ترامب، فهذا يعني التصويت لإخلاء الطبقة القيادية الفاشلة من السلطة وإعادة إنشاء وإصلاح مؤسسات الأمة الأمريكية من جديد، بموجب مجموعة جديدة من المعايير والتدابير وأيضا رجال جدد من شأنهم أن يخدموا المواطنين الأمريكيين والدولة بشكل أفضل.
إن فوز ترامب، بالنسبة لأنصاره يعني حجب الثقة عن القادة والمؤسسات التي شكّلت الحياة الأمريكية منذ نهاية الحرب الباردة أي قبل 35 عامًا. الأسماء نفسها رمزية: ففي عام 2016، ترشح ترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري ثم في الانتخابات العامة. وقد استطاع في تلك المرة، وبكل ذكاء ودهاء ومرونة، هزم ائتلاف يضم ليز تشيني ووالدها نائب الرئيس السابق لجورج بوش الأبن، ديك تشيني.
وأولئك الذين يرون في ترامب رفضًا عميقًا لاتفاقيات واشنطن الحالية مع العالم، هم على حق.
إنه مثل الملحد يتحدى تعاليم الدين السماوي، فالتحدي الذي يقدّمه لا يكمن كثيرًا فيما يفعله ولكن في حقيقة الأمر هو يشكك في المعتقدات الحالية للسلطة. لقد أظهر ترامب أن الأرثوذكسيات المتعددة في البلاد مفلسة، وأن القادة في المؤسسات الأمريكية -الخاصة والعامة- الذين يهتمون بمطالبتهم بالسلطة على ولائهم لمثل هذه الأرثوذكسية أصبحوا الآن عرضة للخطر.
قد يكون هذا هو بالضبط ما يريده الناخبون، ومن خلال تحالفهم مع العديد من النخب والمؤسسات التي لا تحظى بشعبية ولا بتأييد الشعب، حُكم على هاريس بالفشل، فهل يعتقد الأمريكيون أن الجنرالات الذين أشرفوا على الحروب الطويلة والكارثية التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية المطاف، يعامَلون بمثل هذا الاحترام من قبل منتقدي ترامب؟ يمكن طرح السؤال ذاته على المشرفين عن المؤسسات الاستخباراتية وأيضا رجال الدولة العميقة.
ترامب لا يؤمن بالسياسات الفاشلة، ومع هذا فالدور الذي يريده الناخبون اليوم هو أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية في خدمة الشعب الأمريكي وليس لخدمة شعوب أخرى، مثلما هو الحالة اليوم مع أوكرانيا وإسرائيل، إذ أصبحت حكومة جو بايدن وعلى مدى سنوات رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية تقدّم الدعم المادي والمالي والسياسي والعسكري لحكومة أوكرانيا الفاسدة والتي يترأسها رئيسٌ فاسد، وبعد “طوفان الأقصى” يقدّم كل الدعم للكيان الصهيوني الذي يقوده الوزير الأول نتنياهو، الفاسد والمتابَع قضايا بعدة قضايا فساد وتزوير، في حين نجد الشعب الأمريكي يعاني الويلات في هذه الظروف الاقتصادية والصحية الصعبة.
وفي الاقتصادات، يحدث التدمير الإبداعي عندما تكشف إحدى الشركات الجديدة عن مدى ملاءمة الشركات الحالية لتلبية طلب المستهلكين، مثل الكفاءة في السوق، قد تؤدي المنافسة السياسية الديمقراطية إلى اضطرابات مماثلة. فإذا كان الاضطراب الذي يمثله ترامب يبدو جذريًّا بشكل غير عادي، فهذه علامة على أن السياسة الأمريكية لم تكن تنافسية منذ فترة طويلة.
لقد كانت سياسة “البروسترويكا” و”الغلاسنوست”، بداية نهاية الإتحاد السوفياتي والذي تفكَّك مباشرة بعد ذلك، فهل وصل الحال اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية إلى الوضعية ذاتها التي مرّ عليها الإتحاد السوفياتي في بداية التسعينيات من القرن الماضي؟. هناك تشابهٌ كبير في المشهد، وتقارب أكبر في الأسباب والمسببات، فلكل بداية نهاية كما يقول المؤرخون.
وقبل أن يأتي ترامب، كانت السلطة متكوِّنة من عصابات كارتل سياسي، وهي مثل عصابات السُّوق التي حذّر منها آدم سميث، تضم مؤسسات، كان ينبغي أن تكون في منافسة قوية ولكنها بدلًا من ذلك تتعاون لاستبعاد «المنتجات» أو الأفكار المنافسة الجديدة والجيدة. ففشلت سلع الكارتل باهظة الثمن والرديئة في الوقت نفسه في تلبية مطالب الجمهور.
ربما لن يلتقي ترامب والحركية التي يمثلها اليوم عندما يصل إلى البيت الأبيض الأمريكي في واشنطن في يناير المقبل، بهذه المؤسسات العتيقة واليائسة والبائسة، والتي لا تدوم مدة طويلة في السوق، فهي تكتشف فقط فرصة يستفيد منها شخصٌ آخر لاحقًا.
سيؤدي صعود ترامب اليوم إلى وضع حدٍّ للركود الذي ميز حقبة أوباما، وبعده بايدن عندما اتّبع هذا الرئيس الديمقراطي رؤية غير مجدية للشعب الأمريكي وللولايات المتحدة معًا في السياسة الخارجية، مثلما وصفه الخبراء في كلا الحزبين في التسعينيات وأيضا اليوم، بينما الجمهوريون والذين يملكون الأغلبية النسبية في الكونغرس لم يتحركوا لوضع حد للتعسف الذي قام به الديمقراطيون خاصة في المساندة المطلقة للحرب في أوكرانيا ضد روسيا، وأيضا في الإبادة الشاملة للشعب الفلسطيني وخاصة في غزة وأيضا للشعب اللبناني في لبنان. رغم أن الشارع الأمريكي تحرَّك بشكل قوي مطالبا وقف الدعم العسكري والمالي والسياسي غير القانوني للكيان الصهيوني، قام الكيان الصهيوني بحرب إبادة على قطاع غزة، محاولا الانتصار الذي لم يستطع لغاية اليوم الوصول اليه، بعد أكثر من سنة على بداية “طوفان الأقصى”.
اليوم وخلافا لعام 2016، يضم تحالف ترامب روبرت إف كينيدي جونيور وهو سياسي مخضرم ينتمي إلى اليسار الأمريكي، وتولسي غابارد وسياسيين آخرين لديهم رسالة مناهضة للفاشية، بالإضافة إلى رجال أعمال بارزين مثل إيلون ماسك وبودكاستر مثل جو روغان. قد لا يكون ترامب متناغمًا مع أيٍّ منهم، ولكن هذا هو السبب الأول: ليس هناك الكثير من الأبطال لما يمكن تسميتهم «السياسة البديلة».
تشير نجاحات ترامب منذ عام 2016 إلى اليوم – والتي تشمل تلك الهزائم التي فشلت في هزيمة تحالف الديمقراطيين مع بعض عصابات رجال الأعمال الفاسدين- إلى أن التيار الرئيسي قد فقد بالفعل الشرعية الشعبية بدرجة كبيرة وحرجة.
وأعداء دونالد ترامب وأيضا أنصاره يمكن أن يكونوا قوة للتغيير الجذري. ومع ذلك، فإن كلا من المؤيدين والمناهضين لترامب، يميلان إلى المبالغة في ما يرغب به مسبقًا في القيام به ويمكنه تحقيقه مستقبلا.
وحتى الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي لديه فترات غير محدودة في المنصب وتفويض شعبي ساحق وكبير، وجد نفسه رئيسا محدود السلطة بشكل كبير خاصة من طرف الدستور الأمريكي والدولة العميقة. وبغضّ النظر عما إذا كان روزفلت أو ترامب في البيت الأبيض، فإذا فشل ترامب وائتلافه الجديد اليوم في خلق شيء أفضل خاصة في إيجاد حل للحرب في أوكرانيا، إذ وعد بأنه سيوقف الحرب في ظرف 24 ساعة، و الشيء ذاته في حرب الإبادة التي تخوضها إسرائيل على الشعب الفلسطيني خاصة في غزة ولبنان، ممن حلوا محله من قبل، إذا فشل في ذلك، فسوف يعاني نفس المصير الذي وصل إليه كل من بوش الابن وتشيني وكلينتون واوباما وبايدن، وهو السقوط، وستظهر مجموعة جديدة للتدمير الإبداعي ربما على اليسار الأمريكي.
الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأمريكية سيحاول هذه المرة وخلافا للمرة السابقة أن يكون مبدعا وناجحا على حد سواء، خاصة وأنه استولى على السلطة المطلقة هذه المرة، إذ أن الجمهوريين يترأّسون كلًّا من المجلسين بالإضافة إلى البيت الأبيض.
ولكن هذا النجاح الكبير الذي منحه له الشعب الأمريكي اليوم، هو بالأساس، نتيجة السِّياسات العرجاء التي اتَّبعتها حكومة الحزب الديمقراطي مؤخرا والتي قادها بايدن، إذ نجد بأن عددا كبيرا من الذين صوَّتوا مع الحزب الديمقراطي في انتخابات 2020، غيَّروا وجهتهم هذه المرة خاصة العرب والمسلمين الأمريكيين، وأيضا كل الذين خرجوا في مظاهرات ضد حرب الإبادة الصهيونية في غزة.
كما أن “طوفان الأقصى” المبارك في 7 أكتوبر 2023، كشف عورة الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة السياسيين والأحزاب، إذ وقفوا مع الكيان الصهيوني ضد محور المقاومة، وفي مداخلات عديدة، تحدّث الرئيس بايدن عن مساندته المطلقة للكيان الصهيوني، بل وصل به الأمر أن تسويق أخبار كاذبة عن “طوفان الأقصى”، مثل محرقة الرضع، والكيل بمكيالين.
بالإضافة إلى كل هذا، فإن العالم اليوم تغيّر بعد “طوفان الأقصى”، ولم يعد مثل عام 2016، فحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية يعانون الويلات، فالقارة العجوز ممثلة في أوروبا تعاني الكثير اليوم، وخاصة الدول الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا.
والدولار الأمريكي والذي فرض سيطرته على العالم منذ الحرب العالمية الثانية، أصبح اليوم يعاني، ولم يعد عملة صعبة دولية مثلما كان في السابق، بل أصبحت العملات المحلية تنافسه، فبعض الدول مثل روسيا الاتحادية والصين وحتى بعض الدول الأخرى أصبحت تشتري بالعملات المحلية، والدول الأوروبية التي لم تجد حلا لتخلص من شراء الغاز الروسي، فرض عليها الدفع بالروبل الروسي بدل الدولار أو الأورو، وقد فرضت روسيا على العديد من الدول الأوروبية وإلا ستقطع عنهم الغاز. كما أن ظهور مجموعة “البريكس” تعتبر حاجزا كبيرا في وجه تطور أو إعادة تطور الاقتصاد الأمريكي وتحديدا الدولار وأيضا الأورو.
إن نجاح ترامب في الانتخابات الأمريكية اليوم، سيؤدي بالولايات المتحدة الأمريكية، إلى دمار وتفكك داخلي، خاصة عندما يتأكد الشعب الأمريكي الذي صوَّت لصالحه، بأن صوته قد ضاع، وأن ترامب قد خدعهم، ففي هذه الحالة سنعيش الفترة نفسها التي عاشها الإتحاد السوفياتي في نهاية ثمانينيات القرن الماضي عندما وصل على رأس الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي مخائيل غورباتشوف 1985-1991.
لقد تولى غورباتشوف الرئاسة في وقت أخذ فيه الاقتصاد السوفياتي في الانهيار، فأعلن أن هناك أزمة خطيرة تواجه البلاد، مما يتحتم إجراء تغييرات جوهرية للسيطرة عليها. ومن أهم الإجراءات إعادة بناء الاقتصاد لتحديثه وزيادة إنتاجيته. اقترح غورباتشوف تغييرات عديدة للتحول من النظام الشيوعي الذي تسيطر الحكومة فيه على الاقتصاد سيطرة كاملة، إلى نظام أقلّ مركزية مع الحد من السيطرة الحكومية. كما قدَّم غورباتشوف أيضا عدة اقتراحات لتغيير الأنشطة السياسية والاجتماعية السوفيتية وجَعْلِهَا أكثر انفتاحا وديمقراطية. كما نادى بالحدِّ من سلطة الحزب الشيوعي، الذي كان يسيطر على النظام السياسي في البلاد، وزيادة سلطة الأجهزة المنتجة، وعُرف برنامجه للإصلاح الاقتصادي والسياسي بـ”البروسترويكا” أي إعادة الهيكلة، وعُرفت دعوته للانفتاح بـ”الغلاسنوست” أي الشفافية.
لقد كانت سياسة “البروسترويكا” و”الغلاسنوست”، بداية نهاية الإتحاد السوفياتي والذي تفكَّك مباشرة بعد ذلك، فهل وصل الحال اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية إلى الوضعية ذاتها التي مرّ عليها الإتحاد السوفياتي في بداية التسعينيات من القرن الماضي؟. هناك تشابهٌ كبير في المشهد، وتقارب أكبر في الأسباب والمسببات، فلكل بداية نهاية كما يقول المؤرخون.
ولكن الأمر المؤكد الذي دفعني إلى هذا الاستنتاج بشأن مصير ترامب والولايات المتحدة الأمريكية هو ما كتبه عدد كبير من الأمريكيين وحتى من خارج الولايات المتحدة الأمريكية من أوروبا وكندا وبريطانيا وحتى استراليا، ولكن ما كتبته ابنة أخيه ماري ترامب يستحقّ الوقوف عنده، إذ ألّفت كتابا خاصا بعمّها تحت عنوان : “كثيرٌ جدا لكنه غير كافي”. وهو كتابٌ رائع يحتاج اليوم إلى قراءته وإعادة قراءته، ومن بين ما ورد فيه: «مهما كان رأي أعمامي وعماتي، فأنا لا أنشر هذا الكتاب من أجل إغراء الكسب أو الرغبة في الانتقام. لو كانت هذه هي نيّتي، لكنت كتبت بالفعل عن عائلتنا منذ سنوات، عندما كان لا يزال من المستحيل التنبؤ بأن دونالد ترامب سيعتمد على سمعته كرجل أعمال متراكم الإفلاس ومقدِّم برامج تلفزيونية للوصول إلى البيت الأبيض.. كنت سأفعل ذلك في وقت كان فيه الأمر أكثر أمانًا، لأن عمي لم يكن في وضع يسمح له بتهديد أو تعريض المبلّغين عن المخاطر والمنتقدين له للخطر. لكن أحداث سنوات حكمه الماضية فُرضت عليَّ اليوم، ولم يعد بإمكاني التزام الصمت، إذ قمت بتأليف هذا الكتاب ونشره، لأنه ستجري التضحية بمئات الآلاف من الأرواح الأمريكية على مذبح فخره المفرط وجهله المتعمّد، وإذا تم انتخابه مرة ثانية، فستكون نهاية الديمقراطية الأمريكية