الشائع أن الناس تتمايز وتختلف فيما بينها بالأذواق، ونتيجة لهذا الاختلاف تتنوع السلع وتختلف تبعا لذلك، الأمر لا يعتمد على المأكل والملبس والمشرب فقط، ولكن يصل إلى الموسيقى والفن والكتابة ومختلف التجليات الثقافة، ولسؤال هنا أين الثابت وأين المتحول في الأذواق. هل تظل الأذواق على حالة واحدة أم تتحول. وما هي العوامل التي تتحكم بتحول أذواق البشر؟
بالنسبة للثبات في الأذواق، فالثبات نسبي، ذلك أنه لايمكن القول بتاتا بثبات ذوق معين عند شخص أو عند مجتمع، فالثبات هذا مرتبط بعوامل زمنية ومكانية، وهو يتغير بين وقت وآخر، فالأذواق مثلها مثل المعتقدات لا ترتبط بالجنس ولا بالعرق، ولكن بالعادات والتقاليد والثقافة التي ينشأ فيها الفرد، وعلى هذا فالتغير في الذوق مرتبط بالتغير في الواقع الاجتماعي والثقافي الذي يعشيه هذا الفرد، إذ أثبتت دراسة علمية "أن التمتع بأذن موسيقية لتمييز الأصوات المتناغمة من المتنافرة أو الغير المتناغمة لا يرتبط بنظام السمع لدى البشر وإنما هو مرتبط بالمجتمع الذي نشأ فيه المرء".
هذا بالنسبة للموسيقة وتذوقها بوصفها هنا نموذجا للتذوق ودور المجتمع في تشكيله.
ويمكن هنا أن نعدد أهم العوامل التي تعمل على تغير الأذواق وتحولها، بالترتيب من الأسرع إلى الأبطأ.
تغير الثقافة
يعتبر التغير في المستوى الثقافي الذي يعيشه الفرد المسؤول الأول عن تغير الذوق، في الأكل والشرب، واللبس، والموسيقى، والتعامل، وفي كل شيء. إذ يمكن لهذا التحول في التثقيف أن يحول الذائقة بدرجة كبيرة وفي بعض الأحيان يصل بها إلى مرحلة معاكسة تماما، وهذا يعتمد على مدى تفاعل الشخص مع الثقافة الجديدة التي يتعلمها، ومدى اندماجه بها، كما أن الأمر نفسه متعلق بالتداخل الثقافي، إذ يمكن تأثر ثقافة بثقافة أخرى حتى تعمل على تحويل الذوق.
عامل الزمن
ربما يكون عامل الزمن حاسما في تحول الذوق من مرحلة إلى أخرى، ولكنه يحتاج وقتا طويلا لإحداث هذه النقلة، إذ غالبا ما يكون الأمر متدرجا نوعا ما، وغير مرئي. على سبيل المثال قد يتداخل مجتمع مع آخر بفعل التبادل الثقافي ويحدث نوع من التحول في الذوق لكن مناعة المجتمعات لحماية أذواقها تعمل أحيانا على ردات فعل قوية تحاول تكريس ذوقها بالقوة، ولكن عامل الزمن يتدرج بالتحول بالذوق دون إدراك مناعة المجتمع حتى يتحول الذوق القديم إلى نوع من الإرث التاريخي الذي لا يمت للمجتمع الحالي بصلة
تيم لاين