"أمجبور": تقليد موريتاني للاحتفال والتظاهر بالقوة

2 يناير, 2019 - 11:25

فوق راحلته المجهزة على الطريقة التقليدية القديمة يتمايل عالي ولد أسويدي، فرحاً وهو يشارك بجمله المفضّل في تجمع "أمجبور" الذي سيّرته مجموعته القبلية للتعبير عن موقفها السياسي، وتأكيد محورية دورها الاجتماعي، في إحدى مقاطعات الشرق الموريتاني، أثناء زيارة الرئيس محمد ولد عبد العزيز وبعض كبار المسؤولين إلى المنطقة. 
يتبادل ولد أسويدي، التعبير عن الفرح مع زملائه وهم يسيرون وسط ركبان "أمجبور"، وعشرات الجمال تسابق الريح، وتجوب مداخل المدينة ووسطها، تعبيرا عن فرح المجموعة القبلية التي ينتمون إليها، في أحد المظاهر التقليدية التي لا تزال سائدة بقوة داخل المجتمع الموريتاني.
ويقول أسويدي لـ "العربي الجديد"، إن "أمجبور" تعبير تقليدي لدى الموريتانيين تقوم به المجموعات القبلية، سواء بمناسبة الفرح، أو للتجمع قديما في حالات الحرب، إذ جرى استغلال الجمل، وسيلةً لتنقّل أفراد القبيلة، الذين يركبون العشرات، أو المئات من الجمال، ويسيرون في قافلة جماعية من أجل المشاركة في الحرب أو السلم.
ويضيف ولد أسويدي أن "أمجبور" يعتبر تجمعا للمجموعة القبلية على ظهور الجمال، ويكون أكثر فلكلورية في حالة السلم، إذ يجري إعداد "رواحل" الجمال، بطريقة مختلفة تعتمد الزخرفة والتلوين، لتعطي للمشهد طبيعته، وللموقف قدره من الاحتفال والفرح والتظاهر بالقوة والوجاهة داخل المجتمع المحلي.
وفي وسط "أمجبور"، حيث نجد عشرات الرجال يركبون جمالهم المجهزة بآلة "الرحل" القديمة، يشير محمد ولد بونه إلى رفاقه بضرورة الإسراع ومواصلة السير إلى أطراف المدينة لإظهار قوة مجموعتهم القبلية وقدرتها على حشد أكبر عدد من الجمال في "أمجبور". 
ويقول ولد بونه لـ "العربي الجديد"، إنه جاء برفقة عدد من رجال المجموعة القبلية وهم يركبون جمالهم من أجل المشاركة في "أمجبور"، وللتعبير عن استمرارية هذا التقليد الذي دأب عليه الموريتانيون في حالات التعبير عن الفرح والاستعداد لدخول الحرب مع العدو أيا كان.

ويرى سيدي ولد عالي، وهو أحد المهتمين بالحياة التقليدية الاجتماعية في موريتانيا، أن "أمجبور"، يطلق على خمسة ركبان فما فوق، وهو خاص بركبان الجمال، ويستعمل في حالة التعبير عن الفرح بتفوق قبيلة على أخرى قديما وقت الحرب، كما ينظم "أمجبور"، بالجمال وقت الفرح، سواء في المناسبات الاجتماعية أو السياسية، ويختلف الاحتفال في حالات الحرب التي يعتمد فيها على "أمجبور"، للتجمع والتماسك والظهور بمظهر القوة والعزم أمام العدو.
ويضيف ولد عالي لـ "العربي الجديد"، أن الجمل في موريتانيا يعتبر جزءاً أساسياً من تاريخ الحروب في القدم، كما أن له دورا كبيرا في حالات السلم، إذ يستعمل بكثرة في الترويح عن المجتمعات، عندما يكون "أمجبور" الجمال (العشرات من الجمال فما فوق)، تجمع بهدف الاحتفال بمناسبة اجتماعية (عرس مثلا)، أو في مهرجان ثقافي، حيث يستمتع الموريتانيون بسباق الإبل، فيحوّل "أمجبور" إلى سباق بين الركبان، كل جملين يتسابقان ليثبت الركبان أي الجمال أفضل في السباق.

ويرى ولد عالي أن للإبل نصيبا كبيرا في الحياة الاجتماعية لدى الموريتانيين، بدءاً من شرب لبنها وأكل لحومها وإكرام الضيوف منها، واتخاذها وسيلة للتنقل بين المسافات البعيدة، نظرا لما تتحمله الجمال من متاعب حتى باتت تطلق عليها تسمية "سفينة الصحراء".
ويتخذ الموريتانيون (البدو خصوصا)، من سباق الجمال في مواسم الأعياد تقليدا، إذ يتجمهر أفراد "لفريك" (من يسكنون الخيام في البادية)، ويسيرون "أمجبور" من الجمال، ثم يدور الركبان بالمتجمهر مرات عدة ويعودون لانتقاء أسرع الجمال من خلال سباق ثنائي، يسمى الجمل الفائز فيه على بقية الجمال "أمجبور" باسم "أموكف"، وتعني أنه لم تستطع الجمال الأخرى أن تسبقه، فيحوز إعجاب الحاضرين، الذين يحاول بعضهم شراءه من مالكه بثمن باهظ، وفي الغالب يعتذر صاحب الجمل الذي فاز في السباق عن بيعه، ويعلن تمسكه به ليشارك مرات عدة في السباق".

ويسير "أمجبور" خلال المناسبات الاجتماعية في البوادي من أجل الترفيه، والتعبير عن الفرح وخصوصا لدى أهل العريسين، حيث يجمع أهل الرجل والمرأة ما تيسر من الجمال لتركبها مجموعة من الرجال تتقن فن سباق الإبل، ويضفي السباق المزيد من الفرح والسرور على الحاضرين للعرس، كما يعد تمسكا بالعادات والتقاليد القديمة التي تتخذ من سباق الجمال في الأعراس تقليدا لا غنى عنه".

نقلا عن " العربي الجديد"