المغرب يعزّز استثماراته مع موريتانيا وسط منافسة جزائرية

17 ديسمبر, 2018 - 11:03

يبحث رجال أعمال مغاربة وموريتانيون، عن فرص جديدة للمبادلات التجاريةوالاستثمارات، بعد عودة الدفء إلى العلاقات بين البلدين، خلال الفترة الأخيرة، وسط منافسة جزائرية مستمرة على السوق الموريتاني. 
ويقود رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، صلاح الدين مزوار، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال في المملكة، وفدا من المستثمرين في مختلف المجالات، من أجل المشاركة في المؤتمر الاقتصادي المغربي/ الموريتاني، الذي بدأ أمس ويختتم أعماله غداً في العاصمة نواكشوط. 
ويستهدف المؤتمر استكشاف فرص الأعمال والاستثمارات، وإعطاء دفعة جديدة للمبادلات التجارية بين الفاعلين في القطاع الخاص في البلدين. وتعقد على هامش هذا المنتدى الاقتصادي، لقاءات ثنائية بين رجال الأعمال، كما ستنظم زيارة للمنطقة الحرة في نواديبو، حسب بيان للاتحاد العام لمقاولات المغرب. 
وتتناول مباحثات المشاركين في المنتدى تنمية المبادلات في قطاعات مثل الصيد البحري، والتجارة والخدمات، والطاقة، والمعادن، والزراعة، والصناعات الغذائية، والبناء والأشغال العمومية، والمصارف والمال، والتأمينات، والنسيج، والسياحة، والأدوية. 
ويعتبر المغرب أول مستثمر من القارة السمراء في موريتانيا، حيث تنشط الشركات المغربية في قطاعات الاتصالات والمصارف وتوزيع الوقود، وكذلك تحويل المنتجات السمكية. 
وحسب بيانات رسمية، تصل المبادلات التجارية بين البلدين إلى حوالي 203 ملايين دولار سنوياً، غير أن الميزان التجاري يميل لصالح المغرب، الذي تبلغ قيمة صادراته إلى موريتانيا 200 مليون دولار، بينما لا يستورد من الجارة الجنوبية سوى بـ 3 ملايين دولار. 
ويأتي هذا المنتدى في سياق عودة نوع من الدفء إلى العلاقات بين البلدين المغاربيين، حيث جرى تبادل العديد من الزيارات والرسائل بين مسؤولي البلدين، في الفترة الأخيرة، وهو ما وضع حدا لحالة الجمود التي طبعت العلاقات بين الجارين خلال فترات سابقة. 
وخصص وزير الخارجية الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بعد تعيينه، أول زيارة له للمغرب، في سبتمبر/أيلول الماضي، بينما حمل وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، رسالة من العاهل المغربي محمد السادس، في مستهل نوفمبر/تشرين الثاني، إلى الرئيس محمد ولد عبد العزيز، حيث تناولت العلاقات الثنائية والوضع الإقليمي. 
ويعتقد خبراء أن العلاقات بين البلدين تمر بفترات توتر وهدوء منذ عقود، غير أنهم يرون أن أسباب التوتر تذكيها أكثر الجزائر، التي عملت على دفع موريتانيا إلى تبنّي مواقف تتجه نحو معاداة المغرب في قضية الصحراء. 
وتسعى الجزائر إلى استمالة موريتانيا من أجل تبنّي موقفها الداعم لأطروحة جبهة البوليساريو الداعي إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي، بينما يحدد المغرب الحكم الذاتي سقفا لحل النزاع. 
وحاولت الجزائر، في الفترة الأخيرة، إعطاء دفعة قوية لعلاقاتها الاقتصادية مع موريتانيا، الأمر الذي اتضح في فتح معبر حدودي بين البلدين، وهو ما برر رسميا بالرغبة في "بعث حركية اقتصادية وتجارة جديدة"، غير أن فتح ذلك المعبر نظر إليه من قبل مراقبين في المغرب كمحاولة لمنافسة معبر "الكركرات بين المملكة وموريتانيا". 
ويرى المراقبون أن العلاقات التجارية بين المغرب وموريتانيا قوية ولا يمكن للجزائر أن توفر لنواكشوط احتياجاتها الكبيرة، معتبرين أن مركز "الكركرات" الحدودي بين المغرب وموريتانيا، معبر لا يمكن الاستغناء عنه للسلع الغذائية والنسيج والتجهيزات الكهربائية، كما أصبح ممراً للسياح والمسافرين. 

ويتصور الباحث في العلوم السياسية طارق بوتقي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن لعب الجزائر بورقة الاقتصاد في سعيها للمنافسة على السوق الموريتانية مع المغرب، لا يسنده أداء اقتصادها، على اعتبار أن الجزائر ليست منتجا خالصا للسلع الغذائية التي يحتاجها بلد مثل موريتانيا، مقارنة بالمملكة التي تتوفر على فوائض على مستوى إنتاج الخضار والفواكه واللحوم توجه للتصدير. 

 ويرى أن الحدود المغربية/ الموريتانية، تعد معبرا بريا مهما، في ظل سعي المملكة للتوجه إلى أسواق دول أفريقيا جنوب الصحراء، مشددا على أن المغرب بلور رؤية واضحة فيما يتصل بالاستثمارات والتجارة مع تلك البلدان، ما يبرر نوعا من الشراكة مع موريتانيا. 

ويعتبر مدير المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية، ثابت ديدي ولد السالك، أن المغرب وموريتانيا "يمتلكان الكثير من المصادر المتنوعة، ويوفران فرصا واعدة للاستثمار، خاصة في موريتانيا، إلى جانب تراكم خبرات بشرية في مختلف المجالات لدى المغرب، وما يعزز من فرص نجاح تلك الشراكة أكثر". 
وأكد ولد السالك، في مؤتمر حول العلاقات بين المغرب وموريتانيا، في الأسبوع الماضي، أنه من أجل تحقيق التعاون والاندماج بين موريتانيا والمغرب وتسريع خطواته، ينبغي إقامة منطقة حرة على الحدود بين البلدين، والعمل على تشييد الطريق السريع المغاربي عبر الأراضي الموريتانية، وبناء جسر على نهر السنغال، الذي يربط بين موريتانيا والسنغال، وكذلك إطلاق جملة من المشاريع التي تعزز استمرارية ذلك.

العربي الجديد