عند المدخل الشرقي للعاصمة نواكشوط، يرابط عشرات المتطوعين الشباب بشكل شبه يومي لتحسيس المسافرين عبر طريق الامل بمخاطر حوادث السير، يقدمون ارشادات وتوجيهات لسالكي الطريق الوحيد الذي يربط نواكشوط بسبع محافظات موريتانية ويمتد على اكثر من 1200 كلم.
وجود هؤلاء الشباب الذين يسخرون جل أوقاتهم للتعريف بمخاطر حوادث السير ،يأتي بعد أن فقد أغلبهم أخا أو صديقا أو عزيزا جراء الحوادث المميتة التي أصبحت مشهدا مألوفا على مختلف الطرقات والشوارع الرئيسية اوالفرعية في البلاد.
أرقام صادمة
تشير إحصائية رسمية حصلت عليها أصوات الكثبان أن 22 حادث سير يقع يوميا في موريتانيا، بمعدل حادث سير كل ساعة وست دقائق.
وتقول نفس الاحصائية إن 8 أشخاص يصابون بجروح كل يوم، أي بمعدل جريح كل ثلاث ساعات، ويموت شخص كل 42 ساعة، وهو المعدل اليومي للخسائر التي تسببها حوادث السير في موريتانيا.
وتؤكد الاحصائية أن السرعة المفرطة وعدم احترام قوانين المرور و تهالك الطرقات وقِدمها ، أسباب مباشرة لارتفاع حوادث السير التي أصبحت تفتك بالموريتانيين أكثر من الأمراض الخبيثة.
فوضوية قاتلة
أغلب الطرق الموريتانية بها تشققات وحفر خاصة محور نواكشوط -بوتيلميت
يعتبر الناشط بالمجتمع المدني “أحمد ولد الراضي” أن الفوضوية التي ترافق منح رخص السياقة في موريتانيا ساهمت بشكل كبير في ارتفاع حوادث السير، خاصة أن أغلب الموريتانيين يحصلون على رخصة السياقة دون اجراء أي اختبار، مضيفا أن التساهل في تطبيق قوانين السير أدى أيضا إلى “تجاوزات خطيرة” ،غالبا ما تسفر عن حوادث مرورية قاتلة.
ويحمل “ولد الراضي” الحكومة الموريتانية مسؤولية حوادث السير ، من خلال ترك الطرق الرئيسية دون تعهدها بالصيانة الضرورية ،حيث تتآكل جنباتها وتظهر على اغلبها التشققات والحفر.
ويوجه “ولد الراضي” اصابع الاتهام الى نقاط التفتيش التي تتحمل العبء الاكبر من مسؤولية حوادث الطرقات سواء من خلال تغاضيها المستمر عن الحمولة الزائدة للسائقين وقبولها رشاوى على ذلك ،مضيفا الى ذلك التهاون في مراقبة الحالة الفنية للمركبات من قبل الجهات المعنية وتزايد مظاهر السمسرة في ذلك ،وهي أمور من بين أخرى ساهمت بشكل كبير في تزايد ضحايا حرب الطرقات.
معا من أجل الحد من حوادث السير
جسامة كوارث السير ،دفعت بالمزيد من الشباب للتعريف بمخاطر الطرقات
أمام استفحال ظاهرة حوادث السير في موريتانيا ،ظهرت مبادرات شبابية تحت شعار “معا من أجل الحد من حوادث السير في موريتانيا”، ويقول ناشطون في هذه الحملة إنها تهدف الى تحسيس الراي العام بمخاطر هذه الكوارث التي تحصل على الطرقات ،الى جانب الضغط على السلطات وحثها على القيام بواجباتها تجاه الموطنين الذين أصبحوا فريسة يومية لهذه الحرب الغير معلنة .
ويؤكد أصحاب هذه المبادرة أنهم تقدموا بمقترحات لقطاع الدرك الوطني تدعو الى ضرورة نشر الحصيلة اليومية لحوادث السير أولا بأول على الصفحات الرسمية وذلك من أجل لفت انتباه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والذين يزداد عددهم يوما بعد يوم، إلى الحصيلة الثقيلة البشرية والمادية التي تتسبب فيها حوادث السير.
قوانين ليست رادعة
الحمولة الزائدة لا تثير انتباه نقاط التفتيش،بعد دفع ضريبة العبور
رغم اقرار السلطات الموريتانية لقانون السير الجديد قبل عامين ،الا أن حوادث السير ظلت في ازدياد مضطرد.
وبحسب القانون الموريتاني فان مرتكبي حوادث السير يتعرضون للسجن من ثلاثة أشهر إلى سنة ،وبالحبس النافذ ستة أشهر على الأقل وبغرامة مالية قدرها مليوني أوقية في حالة ما إذا كانت هناك وفاة ناتجة عن حادث سير.
ويرى الناشط الشبابي “احمد سالم” أن القوانين الموريتانية المسلطة على مرتكبي الحوادث بقت حبرا على ورق ،بسبب تساهل السلطات مع السائقين ،وكذلك الانتقائية في تطبيق القانون ،حاثا السلطات على وضع قوانين صارمة من شأنها تشكيل رادع حقيقي للأشخاص الذين يرتكبون مثل هذه الحوادث بفعل اللامبالاة والتهور.
المصدر