تمثيل ضحايا العبودية.. قضية الانتخابات الموريتانية

27 يوليو, 2018 - 00:18

يعرب الحقوقي السبعيني ببكر ولد مسعود عن ارتياحه وسعادته بحضور جلسة يشارك فيها نخبة من مختلف مكونات المجتمع لنقاش حق فئة الحراطين (الأرقاء السابقين) التي ينتمي إليها في تمثيل انتخابي أفضل يتلاءم مع نسبتها من بين مجموع سكان موريتانيا.

ولد مسعود، وهو مهندس معماري واكب طفرة الإنشاءات الأولى بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، كان من بين الأعضاء المؤسسين لهيئات حقوقية للدفاع عن ضحايا العبودية من الحراطين، وتعرض للسجن جراء ذلك عدة مرات.

يرأس حاليا منظمة نجدة العبيد، التي رخصت في عهد الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، بعد أن قضت عشر سنوات في انتظار الترخيص، واحتضنت هذه الأيام نقاشات حول تمثيل الحراطين في المناصب الانتخابية قبل استحقاقات سبتمبر/أيلول القادم.

مؤازرة أم إقصاء
يضيف الحقوقي ولد مسعود في جلسة نقاش منظمة بنواكشوط قبيل موعد الانتخابات البرلمانية والبلدية والجهوية في موريتانيا مطلع سبتمبر/أيلول القادم، أن واقع ضحايا الاستعباد لا يزال بحاجة إلى الكثير من العمل سبيلا إلى تغييره نحو الأفضل.

ويستدرك بالقول إن تزايد الوعي جعل من واقع ضحايا العبودية قضية رأي عام تجد الدعم والمؤازرة من مختلف الأطياف السياسية، مثمنا تلاحم كافة مكونات المجتمع من أجل إنصاف الضحايا ورد الاعتبار لهم.

إلا أن محمد ولد رازكه، وهو قيادي بالميثاق من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين، -وهي هيئة أنشئت عام 2014 وضمت منتمين للمعارضة وللموالاة للعمل لضمان هذه الحقوق- يشير إلى أن معوقات عديدة تحول دون طموح الحراطين في تمثيل انتخابي يعكس نسبتهم بالمجتمع، ويصف هذه المعوقات بأنها نتيجة حتمية لعملية "إقصاء ممنهج".

يعدد ولد رازكه من بين هذه المعوقات فتاوى فقهية قال إنها تمنع أبناء فئة الحراطين من الترشح على رأس اللوائح الانتخابية في عدد من الدوائر الانتخابية، وعلى الخصوص في ولايات بالداخل الموريتاني.

طرح خاطئ
وبينما يعتبر ولد مسعود أن نقاش مظاهر اختلالات التمثيل بالمناصب الانتخابية مؤشّر إيجابي نحو تسوية المظالم الاجتماعية، يرى الأستاذ الجامعي الدكتور ديدي ولد السالك أن مثل هذا الطرح خاطئ.

ولد السالك يشير إلى أن تمثيل مكون الحراطين في المناصب الانتخابية وفي المناصب السياسية بالسلطة الحاكمة لن يغيّر من واقعهم شيئًا، حيث يدعو إلى أن ينصب الاهتمام نحو إيجاد دولة القانون التي تضمن تكافؤ الفرص.

ويستشهد بأن أحد أبناء مكون الحراطين يرأس البرلمان الموريتاني الحالي، ويرأس آخر المجلس الدستوري، كما شغل عدد منهم مناصب عليا بما فيها رئاسة الوزراء، دون أن يغير ذلك من واقعهم شيئا.

أما المحامي العيد ولد محمدن وهو رئيس ميثاق الحراطين فيشاطر ولد السالك في أن المحاصصة وما يسمّيه التقاسم الميكانيكي للسلطة ليس حلا، إلا أنه يعد وجود 11 برلمانيا من شريحة الحراطين ضمن أعضاء البرلمان البالغ عددهم 147 لا يعكس تمثيلا عادلا لفئات المجتمع في الهيئة التشريعية.

تنافس واصطفاف
ومع اقتراب موعد الانتخابات البلدية والجهوية والبرلمانية المزمع تنظيمها في موريتانيا مطلع سبتمبر/أيلول المقبل، يتزايد التنافس بين بعض الأحزاب السياسية في خطب ودّ الأصوات الانتخابية لدى فئة الحراطين بترشيح أفراد منها باللوائح في عدد من الدوائر.

ويقول أنصار حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" ذي المرجعية الإسلامية إن ربع مرشحيه في الانتخابات القادمة من فئة الحراطين، بينما أعلن حزب الصواب عن ترشيح حرطانية عانت من الاستعباد على مدى 30 سنة من عمرها.

ويقابل هذا التنافس اصطفاف سياسي على أسس عرقية وترشيحات تكاد تنحصر في فئة واحدة باللوائح التي قدمتها أحزاب أخرى، وذلك بسبب حدة الاستقطاب القبلي، خصوصا في ولايات الداخل الموريتاني.

وخلال العشرية الماضية لم تشهد قضية رأي عام بموريتانيا زخما كالذي حظيت به قضية الحراطين، وهي فئة اجتماعية عانى أفرادها من الاستعباد على مدى قرون. ورغم تجريم العبودية وفقا للقوانين الموريتانية منذ عقود، تؤكد هيئات حقوقية أن الظاهرة ما تزال قائمة.

وحسب المعطيات الرسمية الخاصة بالانتخابات المقبلة في موريتانيا فإن 1358 لائحة تتنافس على 219 بلدية، فيما تتنافس أزيد من 150 لائحة على 13 مجلسا.

المصدر : الجزيرة