على الرغم من كونها حصدت تمثيلاً في البرلمان والمجالس البلدية بنسبة 20 في المائة، وأصبح لها دور في معظم مراكز صنع القرار في البلد، إلا أن المرأة الموريتانية ما زالت تتطلع إلى تحقيق المزيد من المكاسب، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وتسعى إلى تجاوز مختلف العراقيل والصعوبات التي قد تواجهها في مسار تعزيز وجودها.
وفي السياق، قالت عضو البرلمان الموريتاني عن حزب التجمع للإصلاح والتنمية "تواصل"، زينب بنت التقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الطبيعة التقليدية للمجتمع الموريتاني تجعل النساء في الهامش بعيدات عن موقع قوة المال، وهو ما غيّب المرأة على المستوى الاقتصادي، إذ لا توجد سيدات أعمال بالمعنى الحقيقي والمتعارف عليه في البلد".
وعزت بنت التقي هذا إلى غياب الدعم والتمكين للمرأة، في الوقت الذي يتم فيه خلق رجال أعمال من درجة الصفر، مؤكدة أن "الرخص الاقتصادية والصفقات تمنح فقط للرجال، بينما تواجه النساء أزمة ثقة في هذا المجال، لغياب استراتيجية تُعنى بالتمكين الشامل لها باعتبارها تمثل 54 في المائة من المجتمع الموريتاني، وتميز أداءها في ما حققته من مكاسب بالجدية وعدم التفريط، إذ لم يسجل عليها ارتكاب مخالفات فساد في المجالات التي منحت لها مكاسب حتى الآن".
ولفتت المتحدثة إلى تراجع المكاسب السياسية التي حققتها المرأة الموريتانية بدل أن تواصل الارتفاع.
بالمقابل، رأت الناشطة الاجتماعية مناتة بنت محمد حيدره، أنّ المرأة الموريتانية "حققت مكاسب عديدة في المجال السياسي، كما أنها استفادت من السبق الذي يمنحها إياه المجتمع على مستوى الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني".
وأكدت بنت محمد حيدره، لـ"العربي الجديد"، أن المرأة الموريتانية تطمح للمزيد من المكاسب، خاصة المرأة الريفية التي تعاني العديد من المشاكل والمعوقات بسبب مركزية كافة القطاعات على مستوى العاصمة نواكشوط، داعية إلى الاهتمام بنساء الريف اللاتي "لا زلن ضحايا لظاهرة الزواج المبكر والتفكك الأسري، إضافة إلى تهرب الأزواج في الغالب من مسؤوليتهم وترك عبء إعالة الأبناء على المرأة".
واعتبرت بنت محمد حيدره، وهي رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية في الاتحاد العربي للمرأة المتخصصة في موريتانيا، أن نساء الريف "يفتقدن للتجربة والخبرة والمؤهلات، ما يجعل الاهتمام بهن أكثر إلحاحا وأهمية لسد المشاكل والنواقص الكبيرة التي تواجههن".
وأشارت إلى أن التقاليد لا تسمح للمرأة الموريتانية بمطالبة الزوج بالإنفاق، كما أن الأعراف الاجتماعية لا تسمح كذلك بأن تقابل المرأة زوجها في المحاكم لمطالبته بتوفير النفقة.
من جهتها، قالت الناشطة في مجال المجتمع المدني زينب بنت محمد، إنّ "المرأة الموريتانية بحاجة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية موازية لما حققته على المستوى السياسي، عبر دعمها في مجال الأعمال، سواء تعلق الأمر بالمهن الحرة أو ريادة الأعمال، الشيء الذي لا تزال المرأة الموريتانية شبه غائبة أو مغيبة عنه بشكل كبير".
وأكدت بنت محمد لـ"العربي الجديد"، أنّ مظاهر الضعف الاقتصادي لدى المرأة الموريتانية تكمن في غيابها عن المناصب الهامة وبعدها عن الأعمال التجارية الضخمة، مشيرة إلى معاناة المرأة الريفية وإلى ما تعيشه من مصاعب.
وأضافت "المرأة الموريتانية بشكل عام لا تزال تعاني من عبء التربية بسبب ما تمليه الأعراف على الرجل الذي يعمل بعيدا عن تربية الأطفال لتبقى المرأة تصارع من أجل البقاء بين الأطفال، وتزداد معاناتها أكثر إذا كانت مطلقة تتحمل ثقل تربية الأبناء وإعالتهم وحدها".
وطالبت بنت محمد بضرورة التمكين للمرأة الموريتانية حتى تمتلك نسبة 50 في المائة من حقوقها الضائعة، "وهو ما من شأنه وضع حد لظواهر كثيرة تعيق تنمية المرأة، منبعها العادات والتقاليد والأعراف التي تنتهك من خلالها حقوق النساء على كافة المستويات".
ودعت النساء الموريتانيات إلى "تعزيز المكاسب التي تحققت لهن على المستوى السياسي، والمطالبة بالمزيد من المكتسبات على المستوى الاقتصادي عبر توفير القروض المالية، والولوج إلى القطاع التجاري، ومنح المرأة فرصا في مجال الصيد والتنمية الريفية، والتشغيل، والصناعة التقليدية".
وأكدت الناشطة أنّ المرأة الموريتانية تحتاج اليوم إلى تقديم دعم تنموي، تكون النسبة الأكبر منه لصالح النساء في (القرى، والبوادي، والأرياف)، التي تعاني فيها المرأة قساوة الطبيعة، وشح المصادر وغياب الدعم والتمويل وظلم عادات وتقاليد وأعراف المجتمع الموريتاني.
نقلا عن العربي الجديد