أصبحت صفحات أشهر المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي وجهةً للموريتانيين لمعرفة أحدث الأخبار السياسية والثقافية والاجتماعية. وبدأ إقبال المبحرين على شبكة الإنترنت يتزايد على صفحات المدونين التي بدا بعضها أقرب إلى الجريدة أو الصحيفة الإلكترونية تهتم بكل جديد وتحرص على نشر الأخبار وتحليلها وعرض تفاصيلها الدقيقة بالأسماء والمعلومات والصور.
ولعلّ عدم التزام المدونين بأخلاقيات الصحافة هو السبب في الإقبال الكبير على صفحاتهم، حيث لا يبدي أغلب المدونين اهتماماً بتدقيق الأخبار والتأكد من مصادرها، كما يقومون بنشر تفاصيل الخبر كاملة بالأسماء والصور. وإضافةً إلى ذلك يلعب عامل السرعة في التفاعل ونشر الخبر دورًا أساسياً في إقبال الموريتانيين على الاطّلاع على الأخبار العاجلة من صفحات المدونين خاصةً أنها لا تلتزم ضوابط التحري عن صحة الخبر مما جعلها أحياناً كثيرة السبّاقة لنشر أهم الأخبار.
غير أنّ أهم ما يميز صفحات المدونين على موقعي "فيسبوك" و"تويتر" هو نشر الأخبار الاجتماعية التي تثير اهتمام الموريتانيين من مناسبات اجتماعيّة ووقائع لأحداث وتفاصيل كل ما يتعلق بالحدث من أسماء الأشخاص وانتماءاتهم القبليّة والسياسيّة.
وبينما اهتمّت بعض الصفحات بكشف المستور ونشر الأسرار الخاصة واختلقت أخرى أحداثاً وقصصاً لأغراض سياسيّة أو بهدف تشويه سمعة بعض الشخصيات المعروفة، كانت صفحات أخرى أشبه بصفحة من صحيفة محلية تنشر الخبر الدقيق بمصادره وتحلله وتعلّق عليه، وبدا ولع الموريتانيين بالأدب يلقي بظلاله على هذه الصفحات التي ينشر فيها أيضاً الصحافيون والكتّاب بأسماء مستعارة.
وساهم استخدام الصحافيين لمنصات التواصل الاجتماعي في إقبال الموريتانيين على صفحاتهم أكثر من الصحف التي يكتبون فيها، ولعل عدم التزام بعض الصحافيين والكتّاب في المنشورات التي يُحدّثون بها حساباتهم بأخلاقيات المهنة داخل فضائهم الإلكتروني، ساهم الى حد كبير في إقبال الناس على متابعتهم.
ويقبل بعض الصحافيين على نشر أخبار وآراء رغبة منهم بالتواصل الإنساني، غير أنّ آخرين لا يخفون تأثرهم بالعمل الإعلامي الذي يرافقهم حتى في تواصلهم الشخصي. وتثير مسألة احترام أخلاقيات مهنة الصحافة في مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً كبيرًا في موريتانيا بين من يرى أنّه من حق الصحافي استخدام صفحاته الشخصية للتعبير عن الرأي ونشر الأخبار أو البحث عن معلومة أو إجراء استطلاع، وبين من يرى أنّه من واجب الصحافي الالتزام بمعايير وأخلاقيات الصحافة حتى على صفحته الشخصية خاصّة إذا كان يعطي آراءه بخصوص الأحداث السياسية والاجتماعية مما قد يتسبب في تأطير الرأي العام حول قضايا معينة.
وقد تنبّهت وسائل الإعلام المحلية مبكرًا لهذه الظاهرة ودعت الصحافيين للالتزام بمعايير المهنة على مواقع التواصل الاجتماعي. ويقول الباحث، يحيى ولد سيد أحمد، أن المدونين وناشطي الإنترنت أصبحوا جزءاً مهماً في عالم الإعلام والأخبار في موريتانيا وهو ما دفع بعض الصحافيين وناشري الصحف الى تخصيص صفحاتهم الشخصية لنشر الأخبار والصور والترويج لما ينشر في الصحيفة وتحويل حساباتهم الى صحيفة بديلة.
ويضيف، أنّ استعمال مواقع التواصل الاجتماعي كمنصة إعلاميّة أثار جدلاً واسعاً في أوساط المجتمع الموريتاني وتباين الآراء بخصوصه، خصوصاً بعد أن تفرّدت بعض الصفحات في تغطية بعض الأحداث بطريقة أكثر عمقاً وشمولاً من وسائل الإعلام، وناقشت موضوعات تعتبر من الطابوهات في السياسة والدين والميدان الاجتماعي وبدأت تنافس بقوة وسائل الإعلام التقليدية المقيدة بالرقابة الذاتية على كل ما ينشر.
ويشير إلى أنّ مستخدم الإنترنت يمكن أن يصبح صحافياً أو كاتباً محترفاً، إذا كان يملك موهبة الكتابة أو العمل الصحافي، حيث إنّ المدونات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في تخريج إعلاميين جدد، وبالمقابل تسببت في عمليات قرصنة وسرقة الموضوعات خاصة التي تحتوي على سبق صحافي، حيث تستسهل الصحف نقل الموضوعات التي يكتبها المدونون وتكتفي في أحسن الأحوال بالقول إنها منقولة من الإنترنت.
العربي الجديد