دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ، النواب الموريتانيين إلى رفض مشروع القانون الجديد الذي يجعل عقوبة الإعدام إلزامية في حق المرتدين.
في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، تبنّت حكومة الرئيس، محمد ولد عبد العزيز، مشروع قانون يلغي إمكانية تعويض عقوبة الإعدام بالسجن في حال توبة المتهم، كما ينصّ على ذلك القانون الحالي.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن: "بدل إلغاء تجريم الردة، كما تنص على ذلك المعاهدات الدولية التي وقعت عليها موريتانيا، باتت السلطات الموريتانية تسير في الاتجاه المعاكس بإلغاء أي بدائل عن عقوبة الإعدام".
جاءت الخطوة التي اتخذها مجلس الوزراء بعد أسبوع من حكم محكمة الاستئناف بسجن محمد الشيخ ولد امخيطير، مدوّن مدان بالردة.
قبلت المحكمة بتوبته كأساس لإلغاء عقوبة الإعدام التي أصدرتها محكمة أخرى لنشره مقالاً يدين فيه استخدام الدين لتبرير التمييز في موريتانيا. وجذبت القضية اهتماماً دولياً، مع دعوة بعض الشخصيات الإسلامية والأحزاب السياسية البارزة في موريتانيا إلى إعدامه.
ويفرض القانون الجنائي الموريتاني الحالي، في المادة 306، عقوبة الإعدام على المرتد، لكنه يسمح بعقوبة أخف إذا أعلن المتهم توبته.
وفي حال أقرت الجمعية الوطنية الموريتانية مشروع القانون، ستفرض الصيغة الجديدة للمادة 306 عقوبة الإعدام، دون إمكانية التخفيف، على أي مسلم يستهزئ أو يسبّ الله أو القرآن أو النبي محمداً أو الملائكة أو الأنبياء. وما زال القانون يسمح للناس بتجنب عقوبة الإعدام الناتجة عن الارتداد عن الإسلام، أو الاعتقاد به علناً وإنكاره سراً، شريطة توبة المتهم في ظل ظروف محددة.
وذكرت "هيومن رايتس ووتش" أن توقيت عرض مشروع القانون مرتبط بوضوح بالحكم الصادر ضدّ المدوّن في جلسة الاستئناف.
وحكمت محكمة ابتدائية على امخيطير بالإعدام بسبب الردة في ديسمبر/كانون الأول 2014 بسبب مقالته التي انتقد فيها موريتانيين آخرين لاستشهادهم بقصص من سيرة النبي محمد لتبرير التمييز في موريتانيا. وينتمي امخيطير إلى شريحة "المعلمين" التي يُنظر إليها على أنها طبقة اجتماعية دنيا. وأيدت محكمة الاستئناف بدورها حكم الإعدام.
لكن في 31 يناير/كانون الثاني 2017، أرسلت المحكمة العليا القضية لمحاكمة جديدة. في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، خفضت محكمة الاستئناف في نواذيبو عقوبة سجن امخيطير لتصبح عامين وغرامة. لكن النيابة العامة طعنت على الفور بقرار محكمة الاستئناف أمام المحكمة العليا.
وكان ينبغي أن تؤدي العقوبة المخفّضة إلى الإفراج عن امخيطير، لأنه كان محتجزاً احتياطياً ما يقرب من 4 سنوات. لكن في الأيام التي تلت صدور الحكم، لم تتمكن محامية الدفاع فاطمة إمباي من تحديد مكان موكلها. وأفادت تقارير أن مستشاراً رئاسياً ذكر أنه لم يُطلق سراح امخيطير، وسيظل محتجزاً إلى حين مراجعة المحكمة العليا. ما زال مكان وجوده مجهولاً.
واعتبرت المنظمة أن مشروع القانون الموريتاني الجديد بشأن الردة، وفشل السلطات في الإفراج الفوري عن امخيطير وإبطال التهم الموجهة إليه بسبب تعبيره السلمي، كلها انتهاكات لضمانات القانون الدولي التي تحمي حرية التعبير، مثل تلك المكرسة في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وموريتانيا طرف فيه منذ 2004.
في تعليقها العام رقم 34، توضح "لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان" - هيئة الخبراء المستقلين التي ترصد امتثال الحكومات للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – أن "تكريس التقييد في القوانين التقليدية أو الدينية أو غيرها من القوانين العرفية يتنافى مع العهد"، ما لم تحرّض على التمييز أو العداوة أو العنف.
وتشجع المعايير الأممية والأفريقية لحقوق الإنسان، المتعلقة بالحق في الحياة، الدول على التحرك نحو إلغاء عقوبة الإعدام. وتوضح أن على الدول التي تبقي على عقوبة الإعدام أن تقصرها على أخطر الجرائم ولا تفرضها إلا بعد محاكمة عادلة. وذكرت "اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب": "على الدول التي لم تلغ عقوبة الإعدام بعد، أن تستخدمها فقط لأشد الجرائم خطورة وهي القتل العمد".
وقالت ويتسن: "بدل وضع قوانين تشدّد العقوبة على الردة، على موريتانيا توضيح الوضع القانوني لمحمد الشيخ ولد امخيطير ومكان وجوده. ما كان يجب سجن ولد امخيطير يوماً واحداً بسبب كتاباته".
(العربي الجديد)