واصل أثرياء موريتانيا ممن كانوا يخزنون أموالهم في منازلهم بدل البنوك، أمس مسابقتهم الزمن، فبدأوا تحويل أموالهم من العملة المحلية «الأوقية» إلى الدولار واليورو والفرنك الأفريقي.
ويأتي هذا السباق ضمن أيام قلائل قبل بدء تداول النسخة البديلة للنسخة الحالية من العملة الوطنية بقيمتها منزوعة الصفر، الذي سيبدأ مستهل كانون الثاني / يناير من العام المقبل.
ويتخوف أثرياء البلد من أن تحدد الحكومة فترة زمنية قصيرة لا تكفي لتمكينهم من استبدال أموالهم من العملة الجديدة، فاتجهوا لتأمين أموالهم بتحويلها للعملات الصعبة.
ولوحظ منذ الثلاثاء الماضي نشاط كبير للصرافات الخاصة ولأسواق العملات الموازية ضمن هذا السباق المحموم لتأمين المال بتحويله من العملة الوطنية المقرر استبدالها، بعد أقل من شهر، للعملات الدولية.
وقد أدى هذا السباق لارتفاع كبير لأسعار اليورو والدولار والفرنك مقابل الأوقية الموريتانية، حيث زاد سعر اليورو الواحد بسبع أواق دفعة واحدة، مرتفعا من 420 أوقية يوم الأربعاء إلى 429 أوقية يوم أمس الأحد، بينما زاد سعر الدولار بأوقيتين في الفترة نفسها، مرتفعا من 359 إلى 361 أوقية.
وبلغ السعر الرسمي لليورو ظهر أمس، حسب البنك المركزي الموريتاني، 416,96 أوقية للشراء و421,15 أوقية للبيع، بينما بلغ سعر الدولار 352.41 للبيع، و355.94 أوقية للشراء.
وأعلن الرئيس محمد ولد عبد العزيز «أن البنك المركزي الموريتاني سيصدر ابتداء من الفاتح من كانون الثاني / يناير 2018 مجموعة جديدة من الأوراق والقطع النقدية ستكون أكثر أمانا ضد المحاكاة والتزييف وأقوى من خلال إعادة تحديد قيمة العملة وذلك بتغيير القاعدة من 10 إلى 1، ما يسمح للأوقية وقطعها النقدية الجزئية في استعادة مكانتها في المعاملات المالية وحماية القدرة الشرائية للمواطن مع خفض في كمية النقد المتداول».
وأكد عزيز ولد الداهي محافظ البنك المركزي الموريتاني في بيان توضيحي نشره أمس «أن البنك يسعى لحل عدة إشكالات بينها التداول المكثف والاستخدام المفرط للنقد، والتداول المتزامن لسلاسل من العملات الورقية والقطع النقدية المكونة من 12 نوعا تختلف كل منها عن الأخرى من حيث الشكل والصيغة، كما يسعى لحل مشكلة ضعف قيمة القطع النقدية والتلف المتكرر للأوراق النقدية ذات القيمة المنخفضة». وأوضح المحافظ «أن إصدار نسخة جديدة من العملة الوطنية ستترتب عليه فوائد عديدة منها تبسيط المعاملات التجارية، وزيادة الثقة في العملة الوطنية حيث يفقد المتداولون عادة الثقة في العملة كلما زادت أوراقها ومن هذه الفوائد، حسب قوله، تقليص الوقت الذي يستغرقه العد والحساب والفرز، إضافة لتقليص التكاليف التي يتطلبها أمان المعاملات.
ومع أن السلطات الموريتانية تصر على تأكيد أن قرار تبديل العملة وقيمها لا يعني تخفيضها، فإن المحللين الاقتصاديين يؤكدون أن «عملية الاستبدال مجرد طريقة ماهرة لتخفيض قيمة العملة من دون أن يشعر السكان».ويرى المختصون «أن السلطات الموريتانية تتجه لتخفيض قيمة العملة بشكل تدريجي حتى لا تؤثر بشكل كبير في زيادة أسعار المواد الأساسية خاصة أن البلاد تستورد نحو 70% من حاجياتها من المواد الأساسية الغذائية والخدمية والتجهيزية».
وسبق لصندوق النقد الدولي أن دعا الحكومة الموريتانية للمزيد من مرونة العملة المحلية «الأوقية»، تفاديًا للتضخم، إلا أن نواكشوط قابلت ذلك بالرفض قبل أن تخضع في النهاية، على اعتبار أن تخفيض قيمة العملة يعتبر شرطًا أساسيًا على الدول التي ترغب بالاستمرار في الحصول على الدعم المالي من الصندوق.
ويأتي تخفيض العملة المحلية في موريتانيا كجزء من الإجراءات التي قدمها صندوق النقد الدولي للحكومة الموريتانية، من أجل إنعاش النمو في ظل انخفاض أسعار المواد الأولية على الصعيد الدولي.
وفقدت الأوقية الموريتانية خلال الثلاث سنوات الأخيرة، نحو 13% من قيمتها، ففي بداية سنة 2013 كان الدولار الأمريكي الواحد يساوي 299.8 أوقية، وفي بداية عام 2016 الجاري أصبح الدولار يساوي 339.6 أوقية.
وحذّر صندوق النقد الدولي في تقرير نشره خلال شباط /فبراير الماضي، من «صدمة عنيفة» قد تواجه الاقتصاد الموريتاني، مشيرا إلى «تباطؤ كبير في أداء الاقتصاد خلال عام 2015 بسبب تراجع أسعار الحديد والنفط».
القدس العربي