بيوت الشعر تعيد ديوان العرب إلى القمة

2 ديسمبر, 2017 - 11:52

في إطار إشكاليات العولمة الثقافية التي تطرحها بشكل متنام على الثقافات في العالم، خصوصاً تلك التي توجد في ما يسمى الدول النامية، تبرز ضرورة المحافظة على الشخصية العربية بلغتها وثقافتها الأصيلة، وهي مهمة قام بها منذ بدايات التاريخ الثقافي العربي الشعر العربي بوصفه ديواناً للعرب.
هذا الشعر تعرض في فترات كثيرة من تاريخنا المعاصر، وبفعل عوامل كثيرة ترتبط بالضعف الثقافي العام، وضعف المناهج التعليمية، وغياب تدريس صحيح وتربوي للغة العربية، إلى مزاحمة شديدة من قبل الشعر الشعبي وبقية الأشكال الثقافية المحلية التي تمهد من حيث لا تقصد طبعاً لتواري وتضاؤل مكانة اللغة العربية والشعر العربي.
انطلاقاً من وعيه كمثقف ومؤرخ بكل تلك الإشكاليات وارتباطها الوجودي بمصير الأمة العربية وبمستقبلها، بادر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في لقائه بالشعراء المشاركين في مهرجان الشارقة للشعر العربي 2014 بالتوجيه لإنشاء بيوت للشعر في الوطن العربي كله.

وهكذا خلال سنوات قليلة جداً افتتحت بيوت شعر في عدة مدن عربية كالأقصر في مصر، والمفرق في الأردن، والقيروان في تونس، والخرطوم في السودان، ونواكشوط في موريتانيا، وتطوان في المغرب وغيرها.
وبات خبر تنظيم مهرجان للشعر العربي في بيت شعر الخرطوم، أو بيت شعر الأقصر، أو بيت شعر المفرق، خبراً يتكرر بانتظام تقريباً وبكثرة، ولا يزال العمل متواصلاً بين الافتتاحات والمهرجانات والأنشطة الأسبوعية والسنوية في عدة مدن وعواصم عربية..
الشعر العربي بخير
وقد تنادى الشعراء إلى هذه المبادرة واحتفوا بها، فحين افتتح أول بيت شعر في مدينة المفرق استبشر شعراء المفرق به، وجاؤوا إليه يُحيُّونه ويُحْيون أمسياته لأنهم رأوا فيه أملاً في مستقبل شعري زاهر، ورأوا فيه حضناً إبداعياً يجمعهم على القول الشعري الجميل، وليس شيئاً غيره، وكذلك كان حال الشعراء في الدول الأخرى مع البيوت التي افتتحت فيها، فقد استشعروا نبل الهدف، وسمو المرام، وأن هذه هدية لهم من حاكم عربي مثقف يعشق الثقافة ويقدرها حق قدرها، ولا يريد جزاءً ولا شكوراً على ذلك.
مرحلة ثانية 
كما هو واضح مما تم حتى الآن فلا تقتصر مبادرة بيوت الشعر على عواصم البلدان العربية فقط، ولن تقتصر على مدينة واحدة، في الدولة الواحدة، فمن المتوقع والمخطط له حين تنتهي هذه المرحلة الأولى، وتعم البيوت ما يمكن أن تعمه من البلدان العربية، أن تكون هناك مرحلة ثانية يفتتح فيها أكثر من بيت في دولة واحدة، ذلك هو فحوى المبادرة، وهو ما يعد به المسؤولون في دائرة الثقافة

 هذا واحتفى بيت الشعر في نواكشوط، أمس الأول، بيوم استقلال موريتانيا السابع والخمسين، فيما ناقش «أدب المقاومة والاستقلال» في ندوة أدبية، حاضر فيها د.محمد المختار سيدي محمد،ود.محمد الشيخ الرباني، بحضور حشد من المثقفين والأدباء ورواد البيت.
هنأ د.عبد الله السيد مدير البيت الموريتانيين بمناسبة الذكرى 57 لاستقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وقال: «أتقدم باسم بيت الشعر بالتهنئة إلى جميع الموريتانيين، في هذا الحدث الاستثنائي الذي صنعه شعبنا».
وتطرق سيدي محمد خلال الندوة إلى تباين وجهات النظر بشأن أساليب المقاومة، معتبراً أن كتابة التاريخ يجب أن تكون بمستوى أكاديمي احترافي، وضرب مثلا في هذا المجال بسبل كتابة تاريخ المقاومة في بعض البلدان العربية، حيث تم اللجوء إلى المرويات الشفهية باعتبار أصحابها شهوداً، ثم الوثائق والأحداث، وكل وسائل تدوين التاريخ.

وسرد المحاضر تاريخ انطلاق المقاومة ومراحلها والعمليات التي قامت بها ضد الاستعمار، كما خصص جزءا مهما من محاضرته للمقاومة الثقافية التي شكلت ظاهرة فريدة في موريتانيا.
وركز الرباني في ورقته على أدب المقاومة خلال جميع مراحل الاستعمار والاستقلال، متحدثاً عن وعي أدبي مبكر انتهجه الموريتانيون، وتجلى بشكل مركزي في الشعر.
واعتبر أن الشعر اللاحق على فترة الاستقلال كرس ثقة الموريتانيين بأنفسهم ودولتهم وحضارتهم، وكان شعرا يرتقي إلى الهدف وبث روح المعرفة والثقافة باعتبارها القوة الجوهرية للإنسان. 

الخليج الاماراتية