موريتانيا: إغلاق حقل النفط الوحيد يقضي على أحلام الثراء

27 نوفمبر, 2017 - 11:42

شكل قرار الحكومة الموريتانية أخيراً، إغلاق حقل "شنقيط" النفطي، صدمة كبيرة لدى الموريتانيين الذين كانوا يعوّلون على أول بئر للذهب الأسود بالدولة، في تحسين الوضع الاقتصادي، لا سيما بعد الزخم الإعلامي الكبير الذي رافق بدء العمل في القطاع النفطي، وإعلان السلطات أن بلادهم في طريقها لأن تكون سادس أكبر منتج للنفط في أفريقيا.

وأوضح وزير الاقتصاد الموريتاني، المختار ولد أجاي، قبل أيام، أن معدل النمو الاقتصادي للعام المقبل 2018، من المتوقع ألا يتجاوز 3%، مبرراً ذلك بأن "هذه السنة تشهد حدثاً سيؤثر على اقتصادنا وهو غلق بئر شنقيط التي كانت تنتج كميات جيدة من البترول وكانت مساهمتها بمعدل النمو الاقتصادي أزيد من 2.5% في السنة الحالية".
وشكل قرار إغلاق البئر النفطي مفاجأة لخبراء الاقتصاد الذين اعتبروه قراراً متسرعاً سيؤثر لا محالة على إيرادات الدولة ويزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي في البلاد.
وكانت الدراسات تؤكد أن إنتاج النفط الموريتاني الذي بدأ عام 2006 سيصل إلى 75 ألف برميل يومياً في العام الأول، لكن الإنتاج لم يصل إلى هذا المستوى وظل في حدود 50 و60 ألف برميل يومياً. 
وبعد ثلاث سنوات تراجع إلى قرابة 35 ألف برميل، ثم سجل تراجعاً بشكل متزايد ولم يعد يتعدى حالياً نسبة 10% من الكمية الأصلية التي انطلق إنتاج النفط بها قبل عشرة أعوام.
وتكشف تقارير حديثة أن الإنتاج اليومي لحقل "شنقيط" الرئيسي الواقع في مياه المحيط الأطلسي على بعد 65 كيلومتراً قبالة العاصمة نواكشوط، سجل في الأشهر الأخيرة من عام 2016 إنتاجاً يتراوح بين 6 آلاف ثم تراجع هذا العام إلى 4.8 آلاف برميل يومياً، ما دفع شركة "بتروناس" الماليزية التي تملك حقل شنقيط إلى التفكير في إغلاقه، لأنها كانت تستهدف إنتاج 75 ألف برميل يومياً حين اشترت حقل "شنقيط" عام 2008 من العملاق الأسترالي "وود سايد".
ويقول الخبير الاقتصادي أحمدو ولد محمد السالم، إن هناك تراجعاً مستمراً في إنتاج حقل "شنقيط"، لكن ذلك لا يبرر إغلاقه بشكل نهائي دون دراسات متخصصة حوله ومحاولات تعميق البئر وتطويرها.
ويشير في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أنه في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي بلغ إجمالي إنتاج النفط 146 ألف برميل بمعدل يومي بلغ 4707 برميل، وهو ما حقّق للصندوق الوطني لعائدات النفط إيرادات بلغت حوالى 717 ألف دولار، وهو ما يمثل العجز في ميزانية الدولة خلال هذا الشهر.
ويعتبر الخبير أن الحكومات الموريتانية لا تجيد التعامل مع الشركات الأجنبية خاصة العاملة في مجال النفط، فبعد العقود المجحفة التي وقعت مع شركة "وود سايد" الأسترالية التي اضطرت فيما بعد إلى دفع 200 مليون دولار إضافية لتعديل العقود وتعويض موريتانيا عن الضرر البيئي، جاءت شركة "بتروناس" الماليزية بقرارها المفاجئ بإغلاق البئر ثم بعدها جاء إعلان شركتي "تيل ويل" و"استرلينغ إنرجي" عن انسحابهما منالتنقيب عن النفط والغاز جنوب البلاد ابتداء من 29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في حالة لم يتم التمديد لهما.
ويضيف السالم أن الشركتين لم تفيا بمواعيد الحفر، فالاتفاق الذي ينص على حفر بئر استكشافية واحدة على الأقل قبل 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، لم يتم حتى الآن، في الوقت الذي تطالب فيه الشركتان بمنحهما مهلة عام إضافي من أجل إنجاز مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد قبل اتخاذ قرار بالحفر.
وأجرت الحكومة الموريتانية تعديلات للتشريعات المطبقة في مجال المحروقات الخام، للسماح بمنح رخص التنقيب في مناطق واعدة بالمقدرات النفطية لتعويض انخفاض إنتاج النفط في حقل شنقيط.
وفي السياق، يقول الباحث الاقتصادي بياده ولد المحفوظ: "الشركات العاملة في مجال التنقيب عن النفط تستغل عدم الخبرة وسوء التسيير والفوضى والفساد في الإدارة من أجل فرض سياساتها، فعدم مراقبة عمل الشركات يجعل الدولة ضعيفة أمام مطالب هذه الشركات، في المقابل ثمة لوبيات فساد مستعدة دائماً للدفاع عن مصالح الشركات لأنها تتقاضى من أجل تمرير القرارات والموافقات على حساب مصلحة المواطن".
ويعتبر الباحث أن "الإعلان ضخّم حجم الثروة النفطية، فبعد أن أُعلن أن إنتاج حقل شنقيط سيسجل في البداية 75 ألف برميل يومياً على أن يرتفع تدريجياً إلى 250 ألف برميل، ظل الإنتاج في البداية عند حدود 50 ألف برميل، وبعد ثلاث سنوات تراجع إلى حدود 35 ألف برميل، ثم إلى ما دون 4 آلاف حالياً".
وكانت الشركات المستثمرة في مجال النفط قد علّلت تراجع الإنتاج النفطي في حقل "شنقيط" الواقع في مياه المحيط الأطلسي على بعد 65 كيلومتراً قبالة العاصمة نواكشوط، بالمشاكل الكثيرة التي واجهت عملية استخراج النفط، ومع فشلها في الوصول إلى إنتاج يقارب التوقعات كشفت الشركات أن الانخفاض يرجع إلى أسباب فنية وأخطاء في طريقة عمل الخزان النفطي، وسوء تحديد مواقع بعض الآبار.
وقبل سنتين دافعت السلطات الموريتانية عن ثروتها النفطية وأكدت أن أسباب تراجع الإنتاج النفطي لا تعود لانخفاض احتياط الحقل المقدر بـ 120 مليون برميل، وإنما لأخطاء في حفر الآبار وذلك بسبب ضعف الشركات التي تولت الاستخراج، اضافة إلى وجود صعوبات هيكلية لا تزال تشكل عائقاً في وجه وتيرة الإنتاج النفطي.

 

العربي الجديد