نواكشوط ـ «القدس العربي»: احتفلت موريتانيا أمس بتسجيلها عشر نقاط في سلم مؤشر مناخ الأعمال (داوونغ بيزنس) لعام 2018، وفقا لنتائج التقرير السنوي الصادر قبل أيام عن البنك الدولي بهذا الخصوص.
وعرضت وزارة الاقتصاد والمالية في حفلة نظمتها بالمناسبة، نبذة مفصلة عن تقرير البنك الدولي، وعن الخطوات الإصلاحية التي قامت بها الحكومة الموريتانية من أجل تحسين مناخ الأعمال الذي بموجبه تقدمت موريتانيا عشر نقاط، حيث انتقلت من الرتبة 160 إلى الرتبة 150. وقدم وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد اجاي «شكر الحكومة الموريتانية لشركائها الفنيين والماليين كافة خاصة مجموعة البنك الدولي لدعمهم المشهود لها في تحرير ووضع وتنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال «.
وأضاف «إن النتائج المشرفة في تقرير ممارسة الأعمال للبنك الدولي لتعبر من جديد عن الإرادة المعلنة والجهود التي تبذلها الحكومة لترسيخ مسار الإصلاح في البلد عموما وفي مجال تحسين مناخ الأعمال خصوصا».
وأشار الوزير «إلى أن نتائج السنة الماضية أثبتت تسارع عملية إصلاحات تحسين مناخ الأعمال لتصل إلى خمسة إصلاحات خلال هذه السنة بعد تحقيق أربعة إصلاحات خلال السنة الماضية وشملت هذه الإصلاحات نصف المجالات التي تغطيها مؤشرات تصنيف ممارسة الأعمال حيث تحققت الإصلاحات في مجالات تسيير إنشاء المؤسسات، وحماية الملكية، وتيسير دفع الضرائب، وتسهيل التجارة عبر الحدود».
وأوضح الوزير «إن جملة من الإصلاحات ستبدأ في الأيام المقبلة شاملة مجالات عدة بينها تبسيط وتعزيز الشفافية في الإجراءات الإدارية، وتحديث العدالة التجارية، وتحسين حل المنازعات، وتبسيط الضرائب، وتعزيز النفاذ إلى القروض».
وفي كلمة خلال حفلة الاحتفال، أشاد الممثل المقيم للبنك الدولي في نواكشوط لوران مسلاتي، بالتقدم الذي حققته موريتانيا في مجال تحسين مناخ الأعمال الذي يشكل دعامة أساسية للتنمية، مثمنا الإصلاحات التي قامت بها الحكومة الموريتانية لتحسين مرتبة موريتانيا على المستوى الدولي».
وجاء احتفال موريتانيا بهذا الإنجاز، بعد أن عرضت ممثلية البنك الدولي في نواكشوط أمام رجال الأعمال والاقتصاد والمستثمرين، مضامين مؤشر تحسن مناخ الأعمال لسنة 2017، التي أكدت تقدم موريتانيا 10 درجات إضافية زيادة على الرتب التي كانت تشغلها طوال السنوات الماضية».
وكان وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد اجاي، قد أعلن أمس الأول عما سماه «إصلاحات جديدة ستتم صياغتها انطلاقا من الأهداف الاستراتيجية التي تبنتها الحكومة لـتحسين مناخ الأعمال».
وتحدث عن «إجراءات إصلاحية»، قال إن الحكومة الموريتانية قامت بها في السنوات الأخيرة من بينها تجميع مختلف المصالح الإدارية المعنية بإنشاء المؤسسات، واعتمادها في إطار شباك موحد، ومن بينها كذلك إصدار قانون تجاري منقح ومكمل عبر اعتماد نصوصه التنفيذية، إضافة لتسهيل التجارة عبر الحدود، وإصدار قانون استثمار وصفه بالمحفز للمستثمرين المحليين والأجانب.
ويأتي احتفال الحكومة بهذا الإنجاز متزامنا مع انتقادات الخبير الاقتصادي المعارض ووزير الاقتصاد الأسبق محمد ولد العابد، للحالة الاقتصادية في موريتانيا وذلك في محاضرة قدمها ضمن النشاط الموسمي لمنظمة «المشروع الوطني» غير الحكومية، تحت عنوان «قراءة نقدية للاستراتيجية التنموية في موريتانيا خلال العقدين الأخيرين». وقدم ولد العابد خلال المحاضرة قراءة نقدية للاستراتيجية التنموية في موريتانيا خلال العقدين الأخيرين، مركزا على مكامن الضعف في الاستراتيجيات التنموية المنفذة.
وأكد «أن الكل مجمع على أن حالة تطور البلد اليوم لا تترجم حجم الموارد المستثمرة».
وأكد «أنه لم يحدث خلال العقدين الأخيرين أي تقدم ملموس على المستوى التنموي في موريتانيا، لأن السياسات المتبعة، يقول الوزير العابد، لم تكن بالحجم المطلوب لتحسين أداء اقتصاد البلد.»
وأوضح ولد العابد خلال العرض «أن السياسة المتبعة من طرف الحكومة، اعتمدت استراتيجيات تحاول تسريع وتيرة النمو عبر التركيز على القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار عن طريق الاستقرار الاقتصادي».
وعن الوضعية الحالية، أكد «أن مؤشر التنمية البشرية يضع موريتانيا في المرتبة 157 من أصل 180 دولة، كما يضعها في المرتبة الخامسة والعشرين على مستوى أفريقيا وهذا مؤشر ضعيف»، حسب تعبير الوزير.
«وحسب المسح الأخير للظروف المعيشية للبلد، يضيف الوزير، فإن نسبة الفقر تراجعت من 42% سنة 2008 إلى 31% سنة 2015، وهو ما اعتبره العابد تراجعا غير منطقي لأن التطور الحاصل يجب أن ينعكس على الفقراء، وهو ما لم يحدث»، حسب قوله.
وقال «إن نسبة البطالة حسب إحصاءات أخيرة وصلت إلى 12.3% وهذا ما تفنده الحقائق حسب تعبيره، مقدرا أن النسبة الحقيقية للبطالة قد تصل إلى 30%».
وأكد ولد العابد «أن الخلل يكمن في توزيع الموارد وتخصيصها حيث أن الحكومة لا تقوم بذلك حسب الأولويات الوطنية المطروحة».
وأسهب الوزير الأسبق والقيادي المعارض في الحديث عن سوء التسيير، حيث أكد «أن الفساد مازال ينخر جسم الدولة بشكل غير مسبوق».
وتتنازع رؤيتان متضادان النظر للحالة الاقتصادية في موريتانيا، فبينما ترى الحكومة الموريتانية أن سياساتها الاقتصادية والاجتماعية ناجحة بشكل كبير، تجزم المعارضة بأن موريتانيا تشهد منذ سنة 2008، وضعا اقتصاديا مرتبكا ومختلا يطبعه الفساد.