بيروت ـ حلب ـ (أ ف ب) – انسحب مقاتلو المعارضة السورية بعد ظهر الاثنين من ستة احياء كانت لا تزال تحت سيطرتهم في جنوب شرق مدينة حلب، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان مشيرا الى “انهيار كامل” في صفوف الفصائل.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “انسحب مقاتلو الفصائل بعد ظهر الاثنين بشكل كامل من احياء بستان القصر والكلاسة وكرم الدعدع والفردوس والجلوم وجسر الحج” متحدثا عن “انهيار كامل” في صفوف المقاتلين مع وصول “معركة حلب الى نهايتها”.
واحرزت قوات الجيش السوري والمجموعات الموالية لها الاثنين تقدما جديدا في مدينة حلب، حيث باتت سيطرة الفصائل المعارضة تقتصر على اقل من عشرة في المئة من الاحياء الشرقية، تزامنا مع نزوح اكثر من عشرة الاف مدني خلال الـ24 ساعة الاخيرة.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان “المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حاليا لا تشكل الا جزءا قليلا، ومن الممكن ان تسقط في اي لحظة”. واضاف “يمكن القول ان معركة حلب بدأت الدخول في المرحلة الاخيرة، بعد سيطرة قوات النظام على اكثر من تسعين في المئة من مساحة الاحياء الشرقية”.
ومن شأن خسارة حلب ان تشكل نكسة كبيرة وربما قاضية للفصائل المقاتلة، في حين قال الرئيس السوري بشار الاسد ان حسم المعركة لصالحه سيشكل “تحولا في مجرى الحرب” و “محطة كبيرة” باتجاه انهاء النزاع المستمر منذ اكثر من خمس سنوات.
وتمكنت قوات الجيش السوري الاثنين وفق المرصد وتحت غطاء جوي كثيف، من السيطرة على حي الشيخ سعيد الاستراتيجي في جنوب الاحياء الشرقية بعد معارك مستمرة منذ اشهر.
كما تمكنت من استكمال السيطرة على حي الصالحين الذي كانت تسيطر على اجزاء منه وعلى اجزاء كبيرة من حي كرم الدعدع، وباتت تسيطر ناريا على حي الفردوس، وفق المرصد.
وأكدت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان وحدات من الجيش والقوات الرديفة اعادت “الامن والاستقرار الى عدد من الاحياء والمناطق فى الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة حلب” بينها الشيخ سعيد والصالحين وكرم الدعدع.
ونقلت عن مصدر عسكري ان وحدات الجيش “تتابع تقدمها باتجاه احياء الكلاسة وبستان القصر وسوق الهال”.
وذكرت مراسلة فرانس برس الموجودة في غرب حلب ان دوي الغارات والقصف على القسم الشرقي لم يتوقف طيلة الليل بشكل عنيف ومكثف.
وبحسب عبد الرحمن، تحتفظ الفصائل المقاتلة حاليا “بسيطرتها بشكل كامل على حيين اثنين هما المشهد والسكري في حين تتقاسم السيطرة مع قوات النظام على الاحياء الاخرى المتبقية”، علما ان ثلاثة منها على الاقل مقسومة بين الطرفين منذ العام 2012، وهي احياء صلاح الدين والعامرية وسيف الدولة.
ويرى كبير الباحثين في مركز كارنيغي للشرق الاوسط يزيد الصايغ ان السيطرة على مدينة حلب “ستشكل انجازا كبيرا للنظام” فضلا عن انها “ستكسر ظهر المعارضة المسلحة (…) ويصبح من الممكن اخيرا تجاوز التفكير بامكانية الاطاحة بالنظام عسكريا”.
– خشية على المحاصرين-
احرزت قوات الجيش السوري والمجموعات الموالية لها منذ بدئها هجوما في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، تقدما سريعا في شرق حلب. ودفعت المعارك المستمرة عشرات الالاف من المدنيين الى النزوح من الاحياء الشرقية، معظمهم الى احياء تحت سيطرة قوات النظام.
واحصى المرصد الاثنين نزوح اكثر من عشرة الاف مدني من الاحياء التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل الى القسم الغربي او الاحياء التي استعادها الجيش مؤخرا.
وبات عدد المدنيين الذي فروا منذ منتصف الشهر الماضي نحو 130 الفا وفق عبد الرحمن، الذي اشار الى ان “بعض الاحياء تحت سيطرة الفصائل باتت خالية تماما من السكان، فيما تضم احياء اخرى عشرات آلالاف من المدنيين الذين يعانون من اوضاع إنسانية مأساوية”.
واكد عبد الرحمن وجود “مخاوف حقيقية على من تبقى من المدنيين في احياء المعارضة والذين يقدر عددهم بعشرات الالاف”، معتبرا ان “كل قذيفة تسقط تهدد بارتكاب مجزرة في ظل الاكتظاظ السكاني الكبير”.
وحذرت منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) الاحد من ان “جميع الاطفال” في مدينة حلب “مصدومون”.
وقال مدير مكتب المنظمة في حلب رادوسلاف رزيهاك الذي يعمل منذ 15 عاما مع المنظمة لوكالة فرانس برس “لم ار في حياتي هذا الوضع المأساوي الذي يعانيه الاطفال في حلب”.
ومنذ بدء هجوم قوات النظام، قتل 415 مدنيا بينهم 47 طفلا في شرق حلب فيما قتل 139 مدنيا بينهم اربعين طفلا جراء قذائف اطلقها مقاتلو المعارضة على غرب المدينة.
– اعدامات في تدمر –
يتزامن تقدم قوات الجيش السوري في شرق حلب مع تراجعها في وسط البلاد، حيث تمكن تنظيم الدولة الاسلامية من السيطرة على مدينة تدمر الاثرية بعد ثمانية اشهر على طرده منها بغطاء جوي روسي.
وافاد المرصد الاثنين “بإعدام التنظيم ثمانية مسلحين موالين للنظام في تدمر، فيما قتل اربعة مدنيين بينهم طفلان جراء إصابتهم بطلقات نارية خلال تمشيط التنظيم للمدينة”.
وتمكن الجهاديون اثر سلسلة هجمات شنوها الخميس في ريف حمص الشرقي من التقدم في المنطقة والدخول الى تدمر السبت لساعات قصيرة قبل انسحابهم منها تحت وابل الغارات الروسية الكثيفة فجر الاحد.
الا ان التنظيم تمكن مجددا الاحد من السيطرة على المدينة برغم القصف الجوي الروسي، وذلك اثر انسحاب الجيش السوري منها باتجاه الريف الجنوبي، وفق المرصد.
وقال عبد الرحمن ان التنظيم احرز ليل الاحد الاثنين تقدما في محيط تدمر من الجهتين الغربية والجنوبية الغربية.
ويخوض الطرفان الاثنين معارك عنيفة قرب مدينة القريتين ومطار التيفور العسكري، تزامنا مع غارات روسية عنيفة تستهدف مناطق الاشتباك.
واسفر هجوم الجهاديين منذ الخميس عن مقتل مئة عنصر على الاقل من قوات النظام والمسلحين الموالين.
واستعاد الجيش السوري السيطرة على مدينة تدمر في آذار/مارس باسناد جوي روسي وتمكن من طرد الجهاديين الذين كانوا قد استولوا عليها في ايار/مايو 2015.