أحمد الأمين-نواكشوط
تحتضن فاطمة بنت محمد المختار صورة ابنها الصحفي إسحاق ولد المختار، تستحضره في تلك الصورة بعد ثلاث سنوات من اختفائه بشمال سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2013 حين كان يغطي الأحداث على مشارف مدينة حلب لقناة "سكاي نيوز عربية" الإماراتية.
تخنقها العبرات وهي تتحدث للجزيرة نت، فتكفكف دموعها لتبعث رسائلها في كل الاتجاهات: لمختطفيه، وحكومة بلاده، والقناة التي كان يعمل بها، لعل تلك الرسائل توقظ ضمائرهم "فيرحموا ألم أم يعتصرها الحزن منذ أكثر من ألف ومئة يوم"، حسب تعبيرها.
معاناة فاطمة المستمرة منذ ثلاث سنوات أثقلت كاهلها كما تقول، وضاعف المرض تلك المعاناة، وباتت أمنيتها أن ترى ابنها قبل أن تفارق الحياة، وألا يظل إسحاق غصة في حلقها، أو مجرد ذكرى يستحضرها زملاؤه في هذا الشهر من كل سنة.
زملاء إسحاق يحاولون تخفيف هذه المعاناة، والإبقاء على قضيته حية، من خلال تنظيم أسبوع للتضامن معه في الذكرى الثالثة لاختفائه، بدأت فعالياته بزيارة أسرته، ووقفة احتجاجية أمام بيتها، شارك فيها نقيبا الصحفيين والمحامين الموريتانيين، وجمع من الإعلاميين والحقوقيين والفاعلين السياسيين.
ويتضمن الأسبوع الذي انطلق أمس الثلاثاء فعاليات تضامنية، تشمل وقفات احتجاجية وندوات وأنشطة تعبوية، هدفها التذكير بقضية إسحاق، والسعي لدى السلطات العمومية من أجل القيام بجهود أكبر لإنهاء هذه المعاناة، وفقا لرئيس اللجنة المنظمة لهذا الأسبوع عبد الرحمن ولد حرمة.
جهود متواصلة
ويقول ولد حرمة في حديث للجزيرة نت إن "اللجنة تبذل جهودا متواصلة منذ اختفاء الزميل إسحاق، وكانت هناك اتصالات مع السلطات الموريتانية على مستويات عليا، لكننا نطمح إلى أن تفعل الحكومة إمكانياتها وتفتح قنوات مع الهيئات والحكومات التي يمكن أن تساعد في تحرير إسحاق، كما تحرر أحمد ولد عبد العزيز ومحمدو ولد صلاحي، السجينان السابقان بغوانتانامو".
ورغم مضي ثلاث سنوات على اختفائه، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اختطافه، ولم تتوفر أي معلومات رسمية أو مؤكدة عن مصيره حتى الآن.
وفي ذكرى اختفائه الثالثة لا تجد والدة إسحاق سوى التوجه إلى مختطفيه قائلة "ابني ليس خصما لكم، جاء إلى سوريا لنقل معاناة المظلومين، هو شاب ملتزم، ومساره يشهد له بالاستقامة، وتؤكد البرامج التي أنتجها هذه الحقيقة، كما هي حال برنامجه في المديح النبوي، والمسابقات في حفظ القرآن الكريم".
وكما استعطفت مختطفيه، طالبت حكومة بلادها بالتحرك بشكل أكثر فاعلية لإنهاء محنتها، وناشدت رئيس الجمهورية لتشكيل لجنة متابعة برئاسته، تضم القطاعات والأجهزة المعنية، وتكثيف الاتصالات مع البلدان والجهات التي يمكنها أن تساعد في إطلاق سراح إسحاق.
تقصير القناة
وبلغة لا تخلو من مرارة، تطالب بنت محمد المختار قناة سكاي نيوز "ببذل جهد يناسب مستوى المسؤولية التي تتحملها، باعتبار إسحاق صحفيا بها، وكونه اختطف أثناء مهمة لها في منطقة خطرة وصل إليها لخدمتها، وما قامت به حتى الآن لا يرقى إلى درجة حجم المعاناة ومسؤوليتها فيها".
السلطات الموريتانية أكدت أكثر من مرة اهتمامها بملف إسحاق ومتابعته، لكشف مصيره وإطلاق سراحه.
وقال النائب في البرلمان الموريتاني من الموالاة الشيخ بويا ولد شيخنا الذي شارك في الوقفة وزيارة الأسرة إن "السلطات العمومية تتعاطى مع هذه القضية بوصفها قضية وطنية، وتعمل بكل جد ومسؤولية لإنهاء محنة إسحاق، ونتمنى أن توفق هذه الجهود ويعود إلينا كما عاد الأخوان أحمد ولد عبد العزيز ومحمدو ولد صلاحي من معتقل غوانتانامو".
المصدر : الجزيرة