نواكشوط ـ سكينة الطيب
يعمل البلطجية في موريتانيا في ميادين مختلفة ويتركز عمل أغلبهم في الدفاع عن العاملين في التجارة والسياسة وفي حراسة الأحياء الفقيرة، ويختلف عملهم حسب طبيعة كل منهم، فمنهم من احترف الإجرام وأصبح مجرمًا خطيرًا يقتل ويضرب ويروع الآمنين لأتفه الأسباب ويفرض إتاوات على الناس، ومنهم من يعمل أجيرًا لكل من يريد تصفية حسابات مع غريمه حيث يتم استئجار هؤلاء البلطجية للاعتداء على شخص أو تهديده، بينما يرفض آخرون هذا العمل رغم قدرتهم الجسدية عليه، ويعملون كفتوات لحماية الأحياء الفقيرة التي يعيشون فيها.
وأدى انتشار الجرائم في المجتمع الموريتاني بشكل مخيف نتيجة التحولات الاجتماعية والظروف الاقتصادية وارتفاع نسبة السكان، إلى ازياد أعداد البلطجية وارتفاع الطلب عليهم بعد أن تضاعف معدل الجريمة في المدن، وأصبح لهؤلاء البلطجية أماكن وأسواق يتجولون فيها بحثًا عن زبائن يريدون الانتقام من شخص أو تهديده أو استرجاع أشياء منه. وقد استقطبت ممارسات البلطجية الشباب العاطل عن العمل لينضموا إلى جحافل اللصوص والمنحرفين والمشردين والمجرمين الذين احترفوا أعمال البلطجة، حيث يؤكد الباحثون أن وطأة الفقر والبطالة والأمية والتفكك الأسري وتقاعس السلطات أدى إلى دخول العاطلين عالم الإجرام واحترافهم في البلطجة التي تدر عليهم أموالًا طائلة.
ويقول علي ولد شيبوب الذي كان بلطجيًا وتاب بعد أن دخل السجن مرتين وأصبح اليوم يعمل حارسًا للعقارات والسيارات وسط نواكشوط، أن للبلطجة سوقًا رائجة هذه الأيام بسبب تنامي العنف والإجرام داخل المجتمع، وتغيّر سلوك الفرد وازدياد نسبة الجريمة لاسيما في الأحياء العشوائية التي تنتشر فيها الممارسات الخارجة عن القانون، ويضيف أن "البلطجية يفضلون هذه الأحياء حيث يبسطون سيطرتهم عليها بسبب صعوبة ضبطها أمنيًا، وهناك ينشئ البلطجية عالمهم الخاص ويفرضون قوانينهم على الناس".
ويضيف علي أن البلطجية يقومون بعدة أعمال كحماية المرشحين للانتخابات وحث الناس على التصويت لهم ومنع منافسيهم من خوض الحملة الانتخابية بهدوء، كما يقومون باسترداد أموال وديون وبضائع التجار ممن يتعاملون معهم، حيث يرغمون الضحايا على توقيع شيكات وإيصلات أمانة وتسليم النقود للتجار وسحب المشتريات والأشياء الثمينة منهم، ومنهم من يتخصص في أعمال أشد خطورة هدفها تصفية حسابات بين بعض المتنافسين".
وتهدد جرائم البلطجية بنية الأسرة والمجتمع في موريتانيا نظرًا لعواقبها الوخيمة عليهما، وتأثيرها على سلوك الفرد، حيث يؤدي تنامي العنف والإجرام وأعمال البلطجة إلى لجوء الناس إلى الانتقام من أعدائهم وعدم الشعور بالأمان في البيت والشارع والعمل، وارتفاع أعداد من يحملون أسلحة نارية لحماية أنفسهم من أي اعتداء أو حسم الصراع في خلاف بسيط.