لقد أبانت الأجواء و الظروف التي سبقت مراحل تحضير و تنظيم الحوار السياسي الحالي عن حالة من الارتباك السياسي و التنكر لروح الشراكة الوطنية التي يجب أن يتسم بها الفعل السياسي لأي سلطة.
كما لم تراع إجراءات التحضير و لا جلسات النقاش روح التوافق و الانسجام التي تعتبر لازمة لإنجاح أي حوار سياسي يتسم بالشمولية و يُعزز معاني التوافق و يحقق قيم التسامح التي تعتبر البلاد في أمس الحاجة إليها في الظرفية الراهنة، بحكم السياسات المرتبكة للنظام، و التي ساهمت بشكل كبير في تصدع نسيجنا الوطني و الاجتماعي،وعمقت حالة من القطيعة بين مكونات رئيسية في المشهد السياسي.
لقد كنا و لازلنا في مؤسسة المعارضة الديمقراطية نتطلع لحوار تشارك فيه كافة مكونات المشهد السياسي، و تناقش فيه الإشكالات الجوهرية التي تواجه البلد، لكن إرادة النظام أبت إلا أن تؤكد نهجها الأحادي في التعاطي مع قضايا الشأن العام.
لقد استغربنا تجاهل النظام المستمر للقوانين و تهميشه الدائم التي يمنحها القانون حق إبداء الرأي للسلطة في القضايا الكبيرة، وذلك وفق مقتضيات المادة 12 من القانون رقم:2008-019 صادر بتاريخ 08 مايو 2008 يلغي و يحل محل الأمر القانوني رقم 024-2007 بتاريخ 9 ابريل 2007 المتضمن نظام المعارضة، و التي تنص علي ضرورة استشارة الرئيس و الوزير الأول للزعيم الرئيس و مجلس الأشراف حول المشاكل الوطنية و القضايا الكبرى للأمة من اجل تشجيع الحوار السياسي بين الحكومة و المعارضة.
و مع أن المؤسسة غير معنية بالحوار الحالي، إلا أن طرح بعض القضايا الحساسة في جلسات النقاش الداخلي كالمواضيع المتعلقة بتغيير المواد المحصنة دستوريا، و الدعوة الصريحة للمساس بالرموز الوطنية وتكريس سلطة الفرد من خلال المطالبة بتحصين تصرفات رئيس الجمهورية أثناء ممارسته لمهامه،وفي حالة مغادرة الكرسي يجعلنا نسجل ما يلي:
-اعتبار الدستور وثيقة حاكمة لا ينبغي تعديلها إلا حالات إجماع وطني.
-اعتبار المساس بالمواد المحصنة دستوريا خطا أحمر، باعتباره مكسبا وطنيا إجماعيا يعزز الديمقراطية و يحول دون الاستبداد و التسلط,
-تثميننا لمواقف القوي الوطنية التي عبرت عن رفضها المساس بالمواد المحصنة دستوريا، و رفضها العبث بالرموز الوطنية، و عدم قبولها بتحصين تصرفات رئيس الجمهورية لما تشكله من خطر علي أمن و حياة المواطنين و ممتلكاتهم و الثروات الوطنية.
-دعوتنا لكافة القوي السياسية و المدنية الغيورة علي استقرار البلد و تنمية ديمقراطيته لاتخاذ موقف سياسي موحد يساهم في التصدي لمحاولات العبث بالدستور.
-تنبيهنا للرأي العام الوطني أن ما يجري في قصر المؤتمرات ليس إلا محاولة لصرف أنظار المواطنين عن مشاكلهم و همومهم المتمثلة في غلاء للأسعار و انتشار للبطالة و استشراء للفساد و المحسوبية و غياب للأمن.
مؤسسة المعارضة الديمقراطية
نواكشوط 12 أكتوبر 2016