لا تختلف "اتحادات الكتّاب العربية" عن بعضها البعض كثيراً؛ فإضافةً إلى افتقاد الكثير منها للاستقلالية عن حكومات بلدانها، وغيابها عن الفعل الثقافي، وعن المشهد العام ككلّ، لا تكادُ تحضرُ إعلامياً إلّا من خلال أخبار الصراعات القائمة في بيوتها، وغالباً ما تكون المناصب والمسؤوليات سبباً مباشراً لإشعال فتيلها، بينما من النادر أن نسمع عن خلافاتٍ فيها بسبب مواقف من قضايا فكرية أو مواضيع تعني الحياة العامّة.
هكذا، باتت الأخبار القادمة من أكثر من بلد متشابهةً، لدرجة أننا لو أخفينا اسم البلد، لاعتقد الناسُ بأن الأمر يتعلّق بـ "اتحاد" واحد.
في موريتانيا، أدّت الأزمة الحادّة التي نشبت في بيت "اتحاد الأدباء والكتّاب الموريتانيين"، واستمرّت على مدار الأسابيع الماضية، إلى تدخّل القضاء ليحكم بوجوب انعقاد مؤتمره العاشر الذي تكرّر تأجيله عدّة مرّات، بسبب صراعٍ على رئاسته بين فريقين؛ هما: "كتلة الوفاق" التي يقودها محمد ولد أحظانا، و"كتلة الإبداع الأدبي" بقيادة ناجي محمّد الإمام.
بناءً على الحكم القضائي الذي صدر مطلع يونيو/ حزيران الماضي، عُقد المؤتمر ، مسفراً عن انتخاب الجمعية العامة مكتباً تنفيذياً جديداً يضمّ ولد أحظانا رئيساً، وأوليد الناس ولد الكوري ولد هنون نائباً له، وأحمد ولد الوالد أميناً عاماً.
في أوّل كلمة به بعد انتخابه، قال ولد أحظانا (1958)، إن الاتحاد سيعمل على دعم الإبداع الأدبي وتشجيع الشباب، عبر نواديه وجمعياته، على تنظيم المهرجانات الثقافية والتظاهرات الأدبية، وأيضاً المشاركة في التظاهرات الثقافية الدولية، مشيراً إلى أن الاتحاد شهدت انضمام أعداد كبيرة من "المبدعين الشباب".
ويَجمع ولد أحظانا بين الكتابة والعمل الأكاديمي، ومن بين مؤلّفاته: "معقول اللامعقول في الوعي الجمعي العربي"، و"الإسلام والحضارات الأخرى: تصادم أم حوار"، و"التشاكل في الوعي الثقافي العربي من خلال الحكاية الشعبية"، و"مقالة في الفعل العربي: قراءة أصلية في العلاقة بين نسق الخطاب الإسلامي والمنطق الضمني للغة العربية".
وعُقد المؤتمر تحت إشراف قضائي، وصوّت على المكتب الجديد 498 عضواً من أصل 697 عضواً. لكن "كتلة الإبداع" غابت عنه، ما يؤشّر على أن انتخاب رئيس ومكتب تنفيذي جديدين للاتحاد قد لن يضع حدّاً نهائياً للأزمة، بل سيفتح فصولاً جديدةً منها.
وبدأت الأزمة، العام الماضي، برفض المكتب التنفيذي السابق انتساب أعضاء جدد إليه، بحجّة أن ذلك "محاولة لإغراقه بمنتسبين وهميين، قصد التأثير على العملية الانتخابية"، وهو ما دفع عدداً من الكتّاب الموريتانيين إلى رفع دعوى قضائيةً ضدّ رئيس الاتحاد السابق عبد الله السالم ولد المعلى، الذي وصفوا قراره بالـ "المجحف"، متّهمين إياه بأنه يسعى إلى فرض مرشّح بعينه، كما أعلنوا عزمهم تأسيس اتحاد جديد للكتّاب.
نقلا عن " العربي الجديد"