التار ولد احمده، موريتانيا (CNN)– أصبحت مدينة نواكشوط تشهد ظاهرة جديدة علي المجتمع الموريتاني مرتبطة بشهر رمضان الكريم، فقد أضحت بعض ملتقيات الطرق المعروفة في نواكشوط تشهد نصب خيام لإفطار الصائمين، فيما يعرف بالإفطار الجماعي أو “موائد الرحمن ” كما يحلو للقائمين عليها تسميتها .
محمد باباه رئيس جمعية بسمة و أمل وهي جمعية موريتانية عاملة في المجال الإنساني يقول:”موائد الرحمن هي فكرة استحدثتها جمعيتنا “بسمة وأمل” وقد أقامتها لأول مرة في موريتانيا سنة ،2009 وكان الهدف منها هو توفير الفطور لأكبر عدد ممكن من عابري السبيل الذين تقطعت بهم السبل و جن عليهم الليل قبل وصولهم إلى منازلهم”.
ويضيف باباه لموقع CNN بالعربية:” خيام الجمعية مفتوحة كذلك للفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم، فنقوم بنصب الخيام في أكبر ملتقيات الطرق في العاصمة وأمام المستشفيات لذوي المرضى ونقدم فيها إفطارا متكاملا مكونا من تمر ولبن ومياه معدنية وحلويات وطبقا رئيسيا من اللحم “
ويتابع باباه: “الإقبال علينا يتضاعف كل سنة وحجم الحضور دائما ما يكون فوق المتوقع ، أحيانا نضطر إلي تقديم الفطور خارج الخيام التي ننصبها نظرا لاكتظاظها، والسلطات العمومية و المجالس المنتخبة، تدعمنا و تقدر مجهودنا وتساعدنا في نقل المواد عبر سياراتها الخاصة التي وفرتهم لنا طيلة الشهر الفضيل، كما أنها تتولى إصدار التراخيص عنا”.
الداه ولد جمال صاحب عربة يبيع عليها الفواكه قرب السوق المركزي يقول إن هذه الخيام أصبحت ملجأ له خلال الشهر الكريم ويشرح: “لأني أعيش وحيدا في المدينة نظرا لكون عائلتي في البادية، فقد أصبحت أنتظر شهر رمضان ترقبا لهذه الخيام التي توفر لنا الغذاء و المأوي، أحضر إلى هنا بعد صلاة العصر وأتطوع مع بعض المتطوعين في تحضير الوجبات، وأحيانا أتولى إعداد الشاي”.
عبد الرحمن ولد محمد فال إمام جامع في مقاطعة ” الرياض” وهي إحدى أكبر المقاطعات الشعبية يثني علي هذه العملية و يقول : “موائد الرحمن فكرة حديثة على المجتمع الموريتاني، وهي عبارة عن إقامة إفطار جماعي وهي تجسد معنى التضامن و التكافل الاجتماعي الذي حث عليه الدين، وقد لاقت رواجا كبيرا و إقبالا مشهودا من طرف فقراء المجتمع و ضعفائه”.
ويتابع عبد الرحمن:”خلال وقت الفطور أصبح الحضور كثيفا جدا مقارنة بالسنوات الماضية التى لم نكن نقيم فيها هذا الافطار، الإقبال على هذه الموائد فاق التوقعات، الجامع أصبح قبلة لكل من لا يحصل علي ما يفطر به ، والناس تقبل علينا من جميع أطراف المقاطعة”.
هذه الظاهرة التي عرفها المجتمع الموريتاني حديثا أصبحت منتشرة بشكل لافت وعرفت دخول جمعيات أخري في هذا المجال، منها جمعية” العطاء الثقافي الاجتماعي” التي يتحدث مسئول الإعلام فيها ماجد أمين عن هذه الظاهرة، قائلًا لموقع CNN بالعربية : ” مع بداية الشهر الكريم بدأنا في توزيع الإفطار علي الصائمين تجسيدا لفكرة موائد الرحمن وذالك من أجل مساعدة الفقراء.. نقوم بهذه العملية اعتمادا علي مدهوداتنا الذاتية في جمعية العطاء، دون أن نتلقى دعما من أي جهة أخري” .
موائد الرحمن هي فكرة تجسد التضامن و التكافل بين المسلمين خلال الشهر الكريم، ولئن كانت الفكرة جديدة علي هذا المجتمع ومرتبطة بشهر رمضان، إلا أن اغلب الموريتانيين يثمنونها ويطالبون بمواصلتها حتي بعد انقضاء الشهر الفضيل.