موريتانيا: ثورة الشيوخ متواصلة بدون حل وخيوطها تتسع لتشمل النواب

9 يونيو, 2016 - 02:04

أحاديث عن تصدع أغلبية الرئيس وتوقعات بالإعلان عن إجراءات وإقالات

يواجه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز حالياً وفقاً لاستقراءات معمقة للوضع الداخلي، صراعات داخل أغلبيته يقود رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم أحد أجنحة هذا الصراع في مواجهة رئيس مجلس الشيوخ محسن ولد الحاج.
وبالتوازي مع هذا الصراع المحتدم بين هذين الجناحين، تؤكد المصادر المتابعة لهذا الشأن، وجود صراع آخر ساخن بين رئيس الوزراء يحيى ولد حدامين وسلفه في رئاسة الحكومة مولاي ولد محمد الأغظف.
وجاءت ثورة أعضاء مجلس الشيوخ في صف الموالاة الرافضة للاستفتاء المزمع تنظيمه لإلغاء غرفة الشيوخ، لتضيف بعداً آخر لهذا التصدع الذي بات الحديث عنه الشغل الشاغل لصالونات السياسة وللمبحرين في دهاليز شبكات التواصل.
وشكلت التصريحات التي أدلى بها النائب الشهير محمد ولد ببانه والتي هاجم رئيس الحزب الحاكم ووصف تعامله مع ثورة الشيوخ بـ»الرعونة»، لتؤكد عمق هذا التصدع ولتشير بوضوح الى وجود تيار متضامن مع الشيوخ داخل نواب الجمعية الوطنية.
وكانت أغلبية الشيوخ المنتفضين قد رفضت حضور اجتماعات تصالحية دعا إليها مؤخراً رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم وهو ما اعتبره المراقبون ثاني عصيان سياسي برلماني تشهده الساحة السياسية الموريتانية، بعد عصيان نواب الأغلبية الداعمة للرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله والذي اعتمد عليه الرئيس الحالي في تنفيذه لانقلاب 2008.
وفي تعليق لها على هذه الأزمة، أكدت صحيفة «زهرة شنقيط» الالكترونية (مطلعة ومحسوبة على الإخوان) «أن أزمة الشيوخ المتصاعدة منذ منتصف أيار/ مايو 2016، كشفت عن هشاشة الائتلاف الحاكم بموريتانيا، وأظهرت تنافر القوى الداعمة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، مع تأثير ضعيف لدى مجمل أعضاء الحكومة في الأوساط التي يتحدرون منها».
وأوضحت في تحليلها للوضع «أن معطيات الصراع الجاري بين الحكومة والمجلس والحزب أظهرت أن مجمل أعضاء الحكومة الذين افتعلوا أزمة مع الشيوخ غير قادرين على جلب شيخ واحد للحزب الذى أقحموه في المعركة، بل إن الدوائر التي ينتمون إليها كان أصحابها في طليعة المناوئين للحكومة والحزب وربما الرئيس، فى مفارقة تعكس عمق التحول الحاصل في موريتانيا».
واعتبرت «زهرة شنقيط» في تحليلها «أن ثورة شيوخ حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا في وجه الحكومة والحزب تشكل أول انذار مبكر للرئيس منذ إعلانه عدم الترشح لمأمورية جديدة، وسط غموض بشأن موقف الرجل من الأزمة التي تعصف بالأغلبية منذ أسبوعين».
وذكرت «أن تنامي التنسيق مع شيوخ المعارضة، والإمعان في إهانة أعضاء الحكومة، وخلط أوراق الحزب الذي ينتمون إليه، كانت أبرز معالم الحراك الذي دشنه الشيوخ بعد إعلان الرئيس إلغاء المجلس بدون تشاور معهم بفعل تكلفته الباهظة وعرقلته للتشريع، والاستعاضة عنه بمجالس جهوية محلية».
«إن أبرز رسالة حملتها الأزمة الحالية للرئيس، تضيف، هو أن حزب الاتحاد من دون الحاكم مجرد حزب من الأحزاب الممثلة في البرلمان، وأن تماسك الأغلبية دون خوف محقق أو طمع راجح غير موجود، وأن الانضباط الحزبي صفر داخل معسكر الرئيس، وأن القوة وسلاح القبيلة أقوى من القناعة والانتماء للمشروع الذي بشر به الرئيس عشية تأسيس حزبه، لقد انكشفت أوراق القوم ولما يغادر الرئيس مقاليد السلطة وربما القادم أسوأ».
أما موقع «ميادين» الإخباري فقد حلل الأزمة الحالية في معالجة تحت عنوان «أزمة سياسية في موريتانيا.. هل يتكرر سيناريو «سيدي محمد»؟».
ورأى الموقع «أن تصاعد الأزمة السياسية بين والرئيس محمد ولد عبد العزيز وأعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني ، الذين وضعوا شروطًا قد تبدو تعجيزية للرئيس الموريتاني، تضع الرئيس في مأزق سياسي قد يودي بمستقبله كرئيس للدولة».
«وظهرت بوادر الأزمة بعد إعلان الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، مستهل الشهر الماضي، يضيف موقع «ميادين»، عن استفتاء شعبي لإلغاء مجلس الشيوخ غرفة البرلمان العليا، التي وصفها الرئيس بأنها «عديمة الأهمية وتثقل مسار سن التشريعات».
وذكرت مصادر صحافية «أن أعضاء مجلس الشيوخ المنتفضين اشترطوا لحل هذه الأزمة إقالة رئيس الحزب الحاكم وعزل 14 وزيرًا قادوا الحملة الأخيرة ضد المجلس، وهدد بعضهم في حالة عدم التوصل لتسوية للأزمة، برفع دعوى قضائية ضد أعضاء الحكومة بتهمة التشهير بالمجلس».
وأكد موقع «ميادين» الإخباري «أن الرئيس الموريتاني يوجد حالياً بين المطرقة والسندان حيث أن عرقلة عمل مجلس الشيوخ الموريتاني تضر كثيرًا بالنظام الحاكم وتعوق العمل التشريعي في موريتانيا، إذ لا يمكن تمرير أي قانون أو اتفاقية بدون موافقة المجلس عليها باعتباره الغرفة الثانية في البرلمان الموريتاني، الأمر الذي يضع الرئيس ولد عبد العزيز، في أزمة سياسية كبيرة يكون أمامه خياران أحلاهما مر، فإما أن يقبل بإقالة الـ 14 وزيرًا حسب مطالب مجلس الشيوخ، وهم يمثلون أكثر من نصف أعضاء الحكومة البالغين 27 وزيرًا، الأمر الذي يجعل الحكومة الموريتانية تنهار، أو تظل الأزمة كما هي؛ ليصبح حينها مجلس الشيوخ مُعطلًا، وبالتالي تتم عرقلة العمل التشريعي في البلاد».
وتساءل موقع «ميادين عما إذا كانت هذه الأزمة ستعيد سيناريو الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله التي نشبت في آب / أغسطس عام 2008، بين النواب والرئيس السابق، وأدت في النهاية إلى انقلاب عسكري، نتج عنه الإطاحة بنظام سيدي محمد، وهو المصير الذي حذر منه خبراء، حيث قالوا إن حل هذه الأزمة مرتبط بشخص الرئيس، محمد ولد عبد العزيز، ولهذا فلا بد أن يتخذ قرارًا بشأنها لكي لا يدخل البلد في أزمة تودي بنظامه».
ويتوقع مراقبو هذا الشأن أن يقوم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قريباً باتخاذ إجراءات لإصلاح بيته الداخلي قد تشمل إقالات وتغييرات في مواقع أبرز مساعديه.
ومنذ أن أعلن الرئيس ولد عبد العزيز في مقابلة مع وسائل إعلام إسبانية أنه سيغادر السلطة عند انتهاء مأموريته الحالية وهو يفتقد زخم الدعم السياسي داخل أوساط أغلبيته.
ويوجد أعضاء مجلس الشيوخ المستائون من إعلان الرئيس العزم على إلغاء غرفتهم، في مقدمة المتراجعين عن دعم الرئيس يليهم أعضاء الجمعية الوطنية الذين يخشون من فقد مقاعدهم النيابية في انتخابات تشريعية مسبقة قد يفرضها إلغاء غرفة الشيوخ.
القدس العربي