واصل أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني المنتمون للأغلبية، تمردهم أمس على النظام الحاكم احتجاجاً على إعلان الرئيس ولد عبد العزيز عن تنظيم استفتاء شعبي قريب لإلغاء الغرفة التي وصفها الرئيس بأنها «مجرد عرقلة أمام مسار تشريع القوانين».
ورفض شيوخ الأغلبية المصادقة على قوانين قدمتها الحكومة لغرفة الشيوخ بينها قانونان يعدل الأول منهما بعض أحكام القانون المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، فيما يتعلق الثاني بالمصادقة على اتفاقية القرض الموقعة بتاريخ 22 كانون الاول/ديسمبر 2015 في الكويت بين الحكومة الموريتانية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية والمخصصة لتمويل برنامج عمليات صندوق الإيداع والتنمية للفترة 2016.
وكشف موقع «ميادين» الإخباري عن لقاء جمع الرئيس محمد ولد عبد العزيز مؤخراً برئيس مجلس الشيوخ محسن ولد الحاج الذي نقل للرئيس احتجاجات الشيوخ على الطريقة التي يتم بها التعامل معهم، مذكراً بالدور الذي لعبوه في دعم نظامه.
وحسب «ميادين» فإن «تمرد الشيوخ» على الرئيس وأغلبيته يعرقل العمل التشريعي في موريتانيا، نظراً لكون جميع القوانين والإتفاقيات لا يمكن تمريرها بدون موافقة مجلس الشيوخ بوصفه الغرفة الثانية في البرلمان الموريتاني، ولهذا تجد الحكومة نفسها في وضعية صعبة بسبب هذه الأزمة، خصوصاً في ظل مطالبة المجلس بإقالة 14 وزيراً قادوا الحملة الأخيرة ضد المجلس».
ويضيف الموقع «بعض المراقبين يرون أن حل هذه الازمة، مرتبط بشخص الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بعد أن التقى بوزيره الأول يحيى ولد حدمين وبرئيس مجلس الشيوخ محسن ولد الحاج، ولهذا فلا بد له من اتخاذ قرار بشأنها، لكي لا يدخل البلد في أزمة كالتي وقعت بين النواب والرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله، وأدت للإطاحة بنظامه».
«وذهب بعض المراقبين للقول، إن مجلس الشيوخ في حالة عدم التوصل لتسوية للأزمة، قد يلجأ لرفع دعوى قضائية ضد أعضاء الحكومة الذين طالب بإقالتهم، بتهمة التشهير به بوصفه هيئة دستورية».
ويرفض أعضاء هذا المجلس عقد أية لقاءات مع الحكومة أو قياديي حزب الإتحاد من أجل الجمهورية، رغم ما بذل من جهود في هذا الإطار.
وكشفت بعض المصادر، حسب «ميادين» عن «مطالبة أعضاء مجلس الشيوخ المنضوين تحت لواء حزب الإتحاد من أجل الجمهورية، زملاءهم من حزب «تواصل» (محسوب على الإخوان) بعدم التدخل في الأزمة، لأنهم يفضلون بقاءها ضمن «البيت الداخلي» للأغلبية».
وفي سياق مرتبط أكد عضو مجلس الشيوخ الموريتاني والقيادي المعارض محمد ولد غده في تصريح صحافي أمس «أن عزل الوزراء الذين أساؤوا لمجلس الشيوخ شرط أساسي من أجل استئناف التعاطي مع الحكومة».
وأضاف قائلاً «الحكومة الحالية لا تفهم احترام فصل السلطات والشيوخ ماضون في رفض التعامل معها قبل أن تتم إقالة الوزراء الذين تطاولوا على المجلس».
واعتبر عضو مجلس الشيوخ «أن جميع الفرق البرلمانية في المجلس مستاءة من الهجمة التي قام بها بعض الوزراء على المجلس».
وكان الرئيس الموريتاني قد ناقش أزمة التمرد في مجلس الشيوخ يوم الجمعة الأخير مع رئيس حزب الاتحاد من اجل الجمهورية الحاكم سيدي محمد ولد محم.
وفور الخروج من مقابلة الرئيس التي استمرت لوقت طويل أبلغ ولد محم رئيس فريق الاغلبية في مجلس الشيوخ بدعوة أعضاء مجلس الشيوخ المنضوين في حزب الاتحاد من اجل الجمهورية للاجتماع صباح اليوم الاثنين».وأكدت وكالة «الطواري» التي أوردت الخبر «عدم ارتياح الرئيس للطريقة التي تصرف بها الشيوخ خلال الأيام الماضية ورفضهم لقاء رئيس الحزب الحاكم الذي هو الواجهة السياسية للنظام».
ومع أن موريتانيا لا تحتاج للمزيد من الأزمات لما تشهده من تجاذب مستمر بين النظام الحاكم والمعارضة، فقد ظهرت بوادر هذه الأزمة بعد إعلان الرئيس محمد ولد عبد العزيز مستهل الشهر الماضي عن استفتاء شعبي لإلغاء مجلس الشيوخ غرفة البرلمان العليا، التي وصفها الرئيس بأنها عديمة الأهمية وبأنها تثقل مسار سن التشريعات.
وقد استاء الشيوخ من حملة التهوين من غرفة الشيوخ والتقليل من شأنها التي يشنها الوزراء في خطابات متواصلة هذه الأيام لشرح مضأمين خطاب الرئيس الذي تضمن الإعلان عن إلغاء الغرفة.
يذكر أن الأزمة بين الحكومة ومجلس الشيوخ تعرقل الخاريطة السياسية التي أعلن عنها الرئيس الموريتاني مستهل شهر أيار/مايو والتي تشمل تنظيم حوار سياسي قريب يفضي لاستفتاء شعبي لإلغاء غرفة مجلس الشيوخ.
فلكي يتمكن الرئيس من إجراء استفتاء تعديل الدستور بغية التمكن من إلغاء غرفة الشيوخ، لا بد من موافقة ثلثي غرفتي البرلمان على ذلك ولا شك أن الشيوخ لن يوافقوا على استفتاء خاص بإلغاء غرفتهم.
«القدس العربي»