موريتانيا: «ميثاق الحراطين» يدعو الحكومة للاستفادة من تقرير مبعوث الأمم المتحدة

28 مايو, 2016 - 11:12

 حذر ميثاق الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للحراطين أمس الحكومة الموريتانية من «الاستمرار في نفي وجود مشاكل حقيقية في البلد وبالأخص العبودية ومخلفاتها».

واستنكر الميثاق وهو هيئة غير حكومية تجمع تيارات واسعة مناهضة للرق في موريتانيا «تجاهل الحكومة الموريتانية للملاحظات الموضوعية التي أوردها المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف بالفقر المدقع وحقوق الإنسان في تقريره الأولي عن زيارته الأخيرة لموريتانيا، وعدم استعداد الحكومة لتصحيح المسار».
واستغرب الميثاق في بيان وزعه أمس «عدم وعي الموريتانيين بالمخاطر التي تهدد بلدهم و التي من أبسطها عزل موريتانيا دولياً وتسليط العقوبات عليه لممارسته التمييز ضد جزء من شعبه»، مستنكراً في ذات الوقت «قيام بعض الموريتانيين بتزوير الحقائق لأغراض غير معلنة رغم أنهم أدرى من أي أحد آخر بما يجري في بلدهم من تهميش وإقصاء لمجموعة الحراطين».
وأكد الميثاق «أن تصريحات فيليب آلستون المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الفقر المدقع وحقوق الانسان في ختام زيارته لموريتانيا في الفترة ما بين 2 إلى 11 أيار/مايو الجاري، أثارت زوبعة من الاستنكارات الخارجة عن السياق والصادرة في مجملها عن طيف واسع من المنظمات والجهات غير المعنية أصلاً بالأمر، لكنها مدفوعة تزلفاً بأن تكون أكثر ملكية من الملك».
«إن سياسة التنكر للحقائق المتبعة من طرف الحكومة كما يعلم الجميع، يضيف الميثاق، والتي تأتي على خلفية تصريحات النعمة، ستقودنا حتماً إلى باب مسدود فقد كان الأجدر بقادتنا مواجهة المشاكل المطروحة بدل شن الحملات على من يطرحون هذه المشاكل».
وأضاف الميثاق «أن المهمشين والمقصيين في موريتانيا استخلصوا من حملة النفاق الشعواء وغير المجدية هذه، أن حكومتهم ومن يناصرها لا يكتفيان بعدم الاكتراث بشأن مجموعة الحراطين فحسب، بل إنهم يعادون كل من يتجرأ على إظهار جزء ولو كان بسيطاً من معاناتهم اليومية».
«وبدل التحامل على الآخر واتهامه بالمساس بالوحدة الوطنية، يضيف الميثاق، كان الأجدر بهذه المنظمات أن تعي أن تصرفاتها هي التي تمثل مساساً بالمصلحة العليا لموريتانيا وهي التي تمثل خطأ أخلاقياً وتاريخياً سيطارد مرتكبيه إلى الأبد».
«إن المقرر الخاص للأمم المتحدة لم يتطرق، يقول الميثاقيون، إلا لجزء بسيط من الإختلالات الجمة التي يعرفها الجميع والتي سطر الميثاق جلها في وثيقته المنشورة بتاريخ 29 نيسان/ابريل 2013، ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا لم تتجرأ أية جهة رسمية أو غير رسمية على الرد على هذه الوثيقة الأكثر شمولية ودقة من التقرير الأولي للسيد فيليب آلستون».
وخلص الميثاقيون لتأكيد ّأن الأوان قد آن لوضع حد لسياسة النعامة ومواجهة مشاكلنا وحلها بما يخدم مصلحة بلدنا، ولن تؤدي أي مقاربة أخرى سوى إلى المزيد من تأزيم الأوضاع وتمزيق نسيج المجتمع وبالتالي الإضرار بالوحدة الوطنية التي يدعي الجميع حرصه عليها».
هذا ويندرج بيان ميثاق الحراطين ضمن زوبعة أثارها تقرير أولي نشره فيليب ألستون المقرر الخاص للأمم المتحدة للفقر المدقع وحقوق الإنسان في ختام زيارة أداها قبل أسبوعين لموريتانيا.
وأكد في تقريره «أن استقرار موريتانيا التي تقع في منطقة شديدة الاضطراب، مهدد إذا لم يوزع ريع التنمية بشكل أكثر إنصافاً بين السكان».
وقال «إن على الحكومة الموريتانية أن تبذل جهوداً إضافية للوفاء بالتزاماتها المتعلقة بمكافحة آثار الرق، وأن تتجاوز مقاربة الصدقات والمعونات إلى مقاربة أخرى ترتكز على أن لكل موريتاني حقاً أساسياً في الماء والعلاج والتعليم والغذاء».
واعترف المقرر الأممي الخاص بأن «موريتانيا حققت إنجازات كبيرة في السنوات الأخيرة وبخاصة في المناطق الحضرية إلا أنه حذر من «كون نسبة 44 في المئة من سكانها الريفيين لا يزالون يعيشون في فقر مدقع وبالذات سكان ولايات غورغول والبراكنه والترارزة التي زارها هو بنفسه واطلع على أحوالها».
وقال «إن السكان المتحدرين من مجموعة الحراطين (أرقاء محررون) ومن مجموعات الزنوج، مغيبون من مواقع السلطة الحقيقية كما أنهم محرومون من جوانب عدة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية مع أنهم، بحسب الخبير الأممي، يمثلون أكثر من ثلثي السكان»، مشيراً إلى «سياسات حرمان غير مرئية مطبقة عليهم».
وانتقدت المفوضية الحكومية لحقوق الإنسان والعمل الإنساني ملاحظات ألستون وبخاصة ما سمّته «محاباة هذا الخبير الذي تفترض فيه الاستقلالية عبر تبنيه لأطروحات بعض الأوساط والمنظمات غير الحكومية المعادية التي تعمل على تقويض التماسك الوطني والإنجازات الهامة التي تحققت في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
وعدّد البيان جوانب من الطابع الانحيازي للخبير الأممي بينها «الاختيار المتعمد للأماكن والمواقع التي تمت زيارتها والأشخاص الذين تمت مقابلتهم، والإحصائيات المغلوطة التي لا تستند لأي مصدر موثوق (تحقيق، إحصاء) وبخاصة ما يتعلق بمكونات المجتمع وسلم الفقر في الوسط الريفي».
ودافعت المنظمات الوطنية لحقوق الإنسان في موريتانيا (شبه معارضة) عن تقرير فليب ألستون وأكدت «أن تقريره الأولي، تقرير محايد وأن اتصالات المبعوث الخاص التي أجراها لجمع المعلومات عن حالة الفقر، كانت طبيعية وعادية ومحايدة».
وتخشى الأوساط الرسمية الموريتانية أن يقوض التقرير الذي سيقدمه فليب ألستون لمجلس حقوق الإنسان في دورته المقررة في حزيران/يونيو 2017، عن حالة حقوق الإنسان في موريتانيا، جهوداً كبيرة بذلتها الحكومة على مدى السنوات الماضية لترميم سمعة النظام الموريتاني في المجال الحقوقي.
القدس العربي