المعارضة ترفض «حوار الأجندة الأحادية» وكتابها ينتقدون

27 مايو, 2016 - 12:02

موريتانيا: الرئيس يعلن عن بداية وشيكة للحوار ويدعو الجميع للمشاركة
المعارضة ترفض «حوار الأجندة الأحادية» وكتابها ينتقدون

 أعادت تصريحات أدلى بها أمس الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على هامش تدشين فرقاطتين عسكريتين مستوردتين من الصين، قضية الحوار السياسي بين النظام والمعارضة إلى واجهة الأحداث.

فقد أعلن أمس «عن انطلاقة وشيكة لحوار سياسي شامل ومفتوح أمام الجميع». وقال «إننا نتمسك بتنظيم الحوار السياسي في وقته المحدد سلفاً، فالحوار ضروري للبلد، ويطلب من الجميع أن يشارك فيه».
وكان الرئيس الموريتاني قد حدد في خطاب ألقاه يوم الثالث من أيار/ مايو الجاري أجلا للحوار لا يتجاوز أربعة أسابيع وهو ما يجعل من المتوقع البدء في إجراءات التمهيد الحوار مستهل الأسبوع المقبل.
ونقل موقع «زهرة شنقيط» عن مصادره «أن الجلسة الأولى للحوار الذي دعت له الحكومة ستعقد يوم الأربعاء الاول من حزيران/يونيو 2016 بنواكشوط الغربية».
وأكدت شنقيط «أن الجلسة الأولى ستكون جلسة تمهيدية، وستشارك فيها أطراف فاعلة عدة في الأغلبية والمعارضة، وستخصص لبحث جدول الأعمال والفترة الزمنية وحسم الأطراف المشاركة في الحوار وتحديد جهة الإشراف المشتركة».
وذكرت «زهرة شنقيط» نقلاً عن مصادرها « أن الجلسة الأولى ستكون مغلقة أمام وسائل الإعلام، وسيتم الإعلان عن نتائجها عبر مؤتمر صحافي».
وإذا كان حزب التحالف الديمقراطي بقيادة يعقوب ولد امين المنشق عن حزب تكتل القوى الذي يرأسه أحمد ولد داده قد أعلن عن قرار مشاركته في الحوار المرتقب، فإن المعارضة الراديكالية أكدت أمس على لسان القيادي البارز محفوظ ولد بتاح «رفضها المشاركة في حوار بأجندة أحادية، مفتقد للمقومات الجدية والانضباط كافة والتطلع للتفاهم السياسي».
وأكد ولد بتاح في تصريحات لقناة «الساحل» الخاصة «أن لدى نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، غرضاً خاصاً من تنظيم الحوار».
واستغرب ولد بتاح «إعلان جهات سياسية تنسب للمعارضة عن مشاركتها في حوار قبل الاطلاع على أهدافه وأجنداته».
ونفى بشدة اتهامات الأوساط الحكومية لمنتدى المعارضة القائلة بأن ّالمعارضة تريد نتائج الحوار قبل حدوثه»، مؤكداً أن «ما يريده قادة المنتدى المعارض وما عبروا عنه مراراً هو مجرد إقرار مسبق لاتفاق مكتوب على آليات ومجريات الحوار من أجل التزام الأطراف به، إضافة لعودة النظام إلى تطبيق قوانين الدولة المعطلة من طرفه».
وفيما ترتب الحكومة لحوار بطريقة تظهر انفتاحها وانغلاق معارضيها، انتقد عدد من كبار قادة المعارضة في مقالات أمس اندفاع الرئيس الموريتاني في تنظيم حوار لا يشمل المعارضة الجادة.
وانتقد محمد فال ولد بلال القيادي المعارض ووزير الخارجية الأسبق في مقال بعنوان «مفارقات موريتانية بامتياز»، دعوة الرئيس الموريتاني إلى حوار «شامل» مع المعارضة، يستثني فيه حتى الآن «مؤسسة زعيم المعارضة الديمقراطية»، التي هي مؤسسة قانونية مهمة من مؤسسات الدولة الرسمية، وهدفها الوحيد هو تطوير الديمقراطية وتعزيز دور ومكانة المعارضة في البلاد».
وأضاف «ومن المفارقات أن ينهمِك الرئيس في الدعوة للحوار، ويرفض الرد على وثيقة المعارضة ولو بسطر واحد يُعطي موقفه من القضايا الوطنية المطروحة، وتصوره بوضوح لمجريات الحوار المرتقب».
«والأعجب من ذلك كله، يضيف ولد بلال، أن يستمر الرئيس في دعوته للحوار، بدون أن يتورع عن وصف معارضيه على رؤوس الأشهاد بـ «العجزة»، و«أعداء الوطن»، و«المخربين»… و كأن «الوطنية» عنده صفة لا يستحقها إلا من آمن به ولياً، وبحزبه مرشداً…أو كأن انتماء الأفراد لوطنهم والتزامهم بالوطنية يقاس بقدر مطلق الولاء والتبعية لشخصه».
وتابع ولد بلال قائلاً «ومن المفارقات الغريبة كذلك أن تقبل أحزاب سياسية بالدخول في حوار مفتوح مع سلطة عسكرية لم يتبدد بعد دخان انقلابها على رئيس مدني منتخب ديمقراطياً، و ترضى بأن يكون رأس الانقلاب شريكاً لها في اللعبة السياسية ومرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية، وما أن ينقشع غبار معركة الانتخابات حتى يحل التوتر والتأزيم والرفض المتبادل محل الاتفاق… ويعود الجميع إلى نقطة الصفر… وإلى الدعوة إلى الحوار من جديد».
«ولكن الأغرب من ذلك، هو أن يتغلغل العداء إلى المشهد، ويتحكّم فيه، ويتجذّر، ويتفاقم إلى درجة تُفضي إلى غياب تلك الأحزاب عن حوار آخر مع تلك السلطة في وقت تلوح فيه بشائر التناوب السلمي على السلطة في الأفق مع انتهاء المأمورية الثانية والأخيرة لرأس النظام بحسب الدستور».
«ومحل المفارقة هنا، يقول ولد بلال، هو قبول المشاركة في حوار قد يفتح باب الرئاسة في وجه رأس انقلاب عسكري، والغياب بعد ذلك عن حوار يُفترض أن يفتح له باب الخروج بطريقة دستورية وهادئة…إلى أن يثبت عكس ذلك، على الأقل !؟ أمام هذه المفارقات، أخي القارئ، من حقك أن تقلق وتخاف وترتبك لو أنك في بلد عادي…أمّا وأنك في موريتانيا، فابشِرْ واضحك والعٓب وانْسٓ الدنيا! إنك في بلد المفارقات بامتياز!؟ّ».

«القدس العربي»