موريتانيا: الشيوخ يحتجون على التوجه نحو استفتاء لإلغاء غرفتهم

26 مايو, 2016 - 10:39

بوادر أزمة سياسية جديدة وتساؤلات عن خطورتها على الرئيس

مع أن موريتانيا لا تحتاج للمزيد من الأزمات لما تشهده من تجاذب مستمر بين النظام الحاكم والمعارضة، فقد ظهرت أمس بوادر أزمة سياسية جديدة تتمثل في احتجاج أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني على إعلان الرئيس محمد ولد عبد العزيز عن استفتاء شعبي لإلغاء مجلس الشيوخ غرفة البرلمان العليا، التي وصفها الرئيس بأنها عديمة الأهمية وبأنها تثقل مسار سن التشريعات.
وقد استاء الشيوخ من حملة التهوين من غرفة الشيوخ والتقليل من شأنها التي يشنها الوزراء في خطابات متواصلة هذه الأيام لشرح مضامين خطاب الرئيس الذي تضمن الإعلان عن إلغاء الغرفة.
وأكدت صحيفة «ثوابت» المستقلة « نقلاً عن مصادرها «أن أعضاء مجلس الشيوخ طالبوا الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بإقالة أربعة عشر وزيراً يرون أن خطاباتهم كانت تصعيدية ضد المجلس».
وأعلن الشيوخ، حسب الصحيفة، خلال اجتماع عقدوه للنظر في موضوع الأزمة الحالية مع الحكومة والتي وصلت مرحلة غير مسبوقة من التعقيد، رفضهم لنقاش أي مشروع قانون تقدمه الحكومة الحالية، ما لم تتم إقالة الوزراء الأربعة عشر الذين يرى الوزراء أنهم تجاوزوا الحدود في التقليل من شأن غرفة ما تزال قائمة وما يزال أعضاؤها في مواقعهم».
ونقلت وكالة «صحراء ميديا» عن مصادر خاصة «أن مجلس الشيوخ شكل لجنة من سبعة أشخاص لتسوية الأزمة مع الحكومة».
وتصاعدت وتيرة الغضب داخل مجلس الشيوخ الموريتاني خلال الأيام الأخيرة بفعل الحملة التي تعرضوا لها من قبل قادة فى الحزب الحاكم وبعض أعضاء الحكومة، ولم تتمكن السلطات حتى الآن من احتواء الموقف.
وفي تحليل لأبعاد الأزمة تحت عنوان «هل تطيح ثورة الشيوخ بالرئيس؟» أكد موقع «زهرة شنقيط» الإخباري المستقل «أن الشيوخ لم يرفعوا لحد الساعة السقف بمطالبة الرئيس بالاعتذار أو الرحيل، لكن الغضبة المفاجئة لأعضاء الغرفة طالت أبرز أركان حكمه، فبعضهم جمد عضويته بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، والبعض اختار مقاطعة الأنشطة التي دعا لها الحزب، وآخرون قرروا مقاطعة زيارة الرئيس».
«ولعل المفاجئ فى اللعبة السياسية الجارية، تضيف زهرة شنقيط، هو رفض الغاضبين لأي وساطة أو حوار مع الطرف المتهم، وبالإساءة والتمترس خلف الصلاحيات الممنوحة لهم في الدستور من خلال تعطيل أعمال الحكومة كافة، في ظل عجز الرئيس عن حل المجلس أو إجباره على تغيير موقفه بفعل الضمانات الدستورية المنصوص عليها، وهو ما يشي بنذر أزمة قد تكون تداعياتها على الوضع السياسى الموريتاني جد ثقيلة».
وترى زهرة شنقيط «أن الرئيس يواجه حرجاً بالغاً فى التعامل مع الغرفة، بحكم تبريره لانقلابه عام 2008 بمس سلفه سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله من مكانة البرلمان والتنقيص من دوره، ودفاعه هو ذاته ومجمل أركان حكمه اليوم عن حراك المجلس ذاته في آخر أيام ولد الشيخ عبد الله باعتباره أحد مظاهر الحياة الديمقراطية، والتعامل مع مؤسسة الرئاسة المنزعجة من سلوك الشيوخ باعتبارها خارجة على القانون وساعية لتعطيله».
«ورغم حرص أعضاء المجلس فى خرجاتهم القليلة على حصر الأزمة مع الحكومة، إلا أن البعض لديه إحساس أو شعور، تضيف شنقيط، بتصاعد الأزمة بين الطرفين، وسط مخاوف من أن يمهد المجلس لأزمة سياسية جديدة قد تكون قادرة بالفعل على تبرير الإطاحة به من قبل بعض معاونيه، فى بلد اتسم بالتغيير السلس وغير السلس للحكام كلما انهارت الثقة بين صفوة النخبة الممسكة بتسييره».
وفي تدوينة أخرى تناولت هذه الأزمة، تساءل الصحافي امربيه ولد الديد عن السبب في احتجاج الشيوخ على الحكومة دون الرئيس، مضيفاً «لا شك أن إهانة مؤسسة دستورية والإساءة إليها والتنقيص من شأنها يعتبر امراً مخالفاً للقانون وتصرفاً طائشاً يجب سحبه والاعتذار عنه خاصة إذا كانت الهيئة المذكورة تمثل الشعب وكانت الإساءة إليها قد جاءت من أعلى سلطة في البلد: رئيس الجمهورية الذي تفترض فيه حماية المؤسسات الدستورية».
«قد يكون إحساس الرئيس، يضيف المدون، بأن المجلس منتهي الصلاحية وراء هجومه اللاذع عليه، لكن من المسؤول عن انتهاء صلاحية غرفة الشيوخ؟ أليس ولد عبد العزيز نفسه هو من فعل ذلك بإلغائه انتخابات تجديده لأكثر من مرة وتجاوزه أخيراً لخريطة الطريق المرسومة لذلك؟».
وأضاف «يبقى رفض مجلس الشيوخ للإساءة إليه أمراً وارداً وفي غاية الأهمية والمشروعية، وليت أعضاءه امتلكوا الشجاعة للاحتجاج على مصدر الإساءة الحقيقي الذي هو الرئيس محمد ولد عبد العزيز بدل مطاردة الرمية وترك الرامي بمحاولة تحميل المسؤولية لأعضاء الحكومة والحزب الذين اقتصر دورهم على مجرد شرح خطاب النعمة، وهو أمر يكشف بجلاء عجز المجلس عن القيام بدوره في تمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه في وجه سلطة تنفيذية متغطرسة»، حسب تعبير الكاتب.
يذكر أن الأزمة بين الحكومة ومجلس الشيوخ تعرقل الخارطة السياسية التي أعلن عنها الرئيس الموريتاني والتي تشمل تنظيم حوار سياسي قريب يفضي لاستفتاء شعبي لإلغاء غرفة مجلس الشيوخ.
فلكي يتمكن الرئيس من إجراء استفتاء لتعديل الدستور بغية التمكن من إلغاء غرفة الشيوخ، لا بد من موافقة ثلثي غرفتي البرلمان ولا شك أن الشيوخ لن يوافقوا على استفتاء خاص بإلغاء غرفتهم. وينضاف إلى هذا أن صلاحيات الرئيس لا تمكنه من حل مجلس الشيوخ وإن كانت تتيح له حل الجمعية الوطنية.
القدس العربي