إسلاميو موريتانيا يقيلون القيادي ولد الحاج من نيابة رئاسة الجمعية الوطنية

16 مايو, 2016 - 09:31

في خطوة اعتبرت مهادنة للسلطة وتعاملا مع تهديدات بحل حزبهم 

أكد قرار اتخذه أمس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المحسوب على الإخوان المسلمين يقضي بإعفاء القيادي الإسلامي البارز النائب محمد غلام ولد الحاج الشيخ من منصب النائب الأول لرئيس الجمعية الوطنية واستبداله بإحدى نائبات الحزب، أن إسلاميي موريتانيا بدأوا جراحات سياسية داخلية لمواجهة تهديد السلطات بحل حزبهم الذي حصلوا على ترخيصه بصعوبة بالغة.

فقد فضل الإسلاميون أن يجعلوا من عملية إقالة النائب محمد غلام الشيخ، أبرز خصوم النظام، قربانا للسلطات لتهدئة الخلاف المحتدم بينهم مع نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز. ويواجه الإسلاميون الموريتانيون المنضوون في حزب التجمع، منذ أكثر من أسبوع حملة سياسية مركزة من طرف السلطات التي حملتهم وزر إساءة تفسير بعض مضامين خطاب ألقاه الرئيس الموريتاني يوم الثالث مايو/أيار الجاري وبخاصة ما يتعلق بحديث الرئيس عن مجموعة «الحراطين».
ولدحض التفسير الذي أعطاه محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع لخطاب الرئيس خلال برنامج «في الصميم» الذي بثته قناة «المرابطون» المحسوبة على الإخوان، والذي أكد فيه أن الرئيس أساء لمجموعة «الحراطين»، تقوم اثنتان وعشرون بعثة سياسية يقودها أعضاء الحكومة الموريتانية منذ أيام بعقد سلسلة مهرجانات داخل العاصمة وعلى مستوى مدن الداخل لشرح مضامين خطاب الرئيس وتفنيد ما روج له الإسلاميون بخصوص استهداف الرئيس لمجموعة «الحراطين» وتأكيدهم بأن الرئيس أرجع فقرها لكثرة تناسلها.
ونقل موقع «زهرة شنقيط» الإخباري المقرب من الإسلاميين خبر إقالة محمد غلام ولد الحاج الشيخ من منصبه نائبا أول لرئيس الجمعية الوطنية، مؤكدا أن «الحزب يتجه لاختيار النائبة أفو بنت الميداح خلفا له».
وأكد الموقع «أن قرار إقالة ولد الحاج الشيخ اعتمد على اللائحة الداخلية التى أقرها المكتب السياسى لحزب التجمع قبل أشهر، وهي اللائحة التي استبدل بموجبها رئيس الكتلة البرلمانية للحزب المختار ولد محمد موسى بالأمين العام للحزب حمدي ولد ابراهيم».
واعتبر، «أن إعفاء محمد غلام ولد الحاج من منصبه جاء بعد أيام من انتقادات حادة وجهها إليه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في خطابه الأخير ضمنيا دون أن يسميه».
«ويرفض الحزب، يضيف الموقع، أي تأثير للتوتر القائم مع السلطة على قراراته الداخلية، لكن إعفاء ولد الحاج الشيخ من ثاني منصب يمتلك الحزب في هرم السلطة القائمة وفي هذا التوقيت، يثير الكثير من الأسئلة حول مدى خضوع الحزب للضغوط الخارجية التي تمارسها الحكومة وبعض الأطراف القريبة منه، وذلك في خضم جدل متصاعد بشأن الحوار ومتطلباته».
ويحتاج قرار إقالة النائب محمد غلام إلى تصويت الأغلبية داخل البرلمان من أجل تمريره، وهو ما سيجري بسهولة بحكم خلاف الرجل مع أقطاب الأغلبية داخل البرلمان وخارجه ولكون النائب يتزعم التيار المتشدد في رفض سياسات الحكومة داخل البرلمان.
ويثير النائب محمد غلام جدلا كبيرا داخل الساحة الموريتانية وذلك بتصريحاته النارية المعارضة لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز والتي يشبه فيها ولد العزيز بعبد الفتاح السيسي أكبر خصم للإخوان.
واستجوب ولد الحاج الشيخ بنبرة قاسية، وزراء الداخلية والخارجية والشؤون الإسلامية والتجهيز والتجارة حول العديد من القضايا الحساسة المثارة داخل قطاعاتهم.
وحسب موقع «زهرة شنقيط» فإن «ولد الحاج فجر أزمة داخل الجمعية الوطنية حينما اتهم رئيسها صراحة محمد ولد ابيليل وبعض مساعديه بسوء التسيير، وطالب بالكف عن خرق القوانين الداخلية وتسيير الأمور المالية للجمعية الوطنية بشفافية أكبر».
ويعتبر ولد الحاج الشيخ أحد رموز الإخوان المسلمين في موريتانيا وأحد أبرز سياسييهم ومن أكثرهم حضورا في المشهدين السياسي والإعلامي في موريتانيا. كما أن محمد غلام هو المرشح لخلافة رئيس حزب التجمع محمد جميل ولد منصور الذي تنتهي ولايته في المؤتمر المقبل للحزب.
وقد جاء اتخاذ قرار هذه الإقالة بعد أن تحدى رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية محمد جميل ولد منصور تهديدات بالحل أعلنها مستشاران للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، حيث أكد في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي «أن حزب التجمع « فكرة قبل أن يكون حزبا»، وأن المنتمين إليه وقادته يؤمنون بفكرة ويعتبرون أنها الأصلح لإدارة الشأن العام وعلاج مشاكل المجتمع».
وأضاف «نحن متشبثون بالعمل داخل المؤسسة الحزبية التي نوجد فيها الآن، لكننا نؤكد أن نضالنا وحماسنا وعملنا إذا لم يتضاعف خارج الحزب لن ينقص بحله»، مضيفا قوله «نحن قوم لا نهدد ولكننا لانقبل أن نهدد».
وقد اهتم كتاب ومحللون عديدون بالتجاذب المحتدم حاليا بين النظام الموريتاني والإسلاميين.
وكان التحليل الذي نشره الباحث والمفكر الإسلامي اكناته ولد النقره تحت عنوان «تواصل بين ألق الطرح وواقعية الممارسة»، أبرز ما نشر في هذا الصدد حتى الآن.
فقد أكد ولد النقره «أن ولادة حزب التجمع كانت عسيرة لأنه حزب لم يَتَخَلقْ في رحم السلطة ولم يرضع من لبانها ولم يَحْظَ بالعناية المركزة اللازمة رغم الأعراض الجانبية الكثيرة ومحاولات الإجهاض المستمرة، ومع ذلك تمت الولادة وخرج المولود « تماما غير خداج « وحصل الحزب على الاعتماد القانوني الضروري للعمل بوصفه « تجمعا سياسيا مدنيا « في الثالث من آب/ أغسطس 2007 بعدما حرم منه طوال عقدين ماضيين».
وبخصوص التهديدات بحل هذا الحزب، أوضح اكناته ولد النقره «أن البعض ممن استطاب الجلوس على المقاعد الوثيرة، قد يظن أن حلَّ المشكلات ودفع المظلمات، هو في حل حزب «تواصل» وإزاحته من جغرافيا السياسة ودائرة التأثير بجرة قلم، وهي حلول غريبة، يضيف الكاتب، لا تتسق مع أي منطق مقبول سوى منطق الأنظمة الشمولية الفاشلة التي تند عن العقلية والمسلك ذاته من ردات الفعل غير المحسوبة في التعاطي مع الخصوم المنافسين حين يشتد خناق الأزمات من حولها وتزداد عزلتها الداخلية فتستبد بها الباطنة الكائدة وتستولي على بعض قرارها فتدس لها السم في العسل وتغريها بخصومها نكاية بها وتوريطا لها في مزالق الفتن وورطات الشقاق».
«ما من سبيل أمام حزب «تواصل»، يضيف الكاتب، القريب بطبعه من نبض الجماهير سوى الانحياز إلى صفوفها وتبني مطالبها المشروعة في الإصلاح الشامل في لحظة سياسية لا تحتمل الكثير من التأويل وهي الجماهير الواعية التي مجت الخطابات الشعبوية المحنطة للسلطة ووعودها الجوفاء ببناء «مدينة الفقراء الفاضلة».

القدس العربي