حين يسقط المثقف في فخ التزلف/أحمد جدو ولد حني

21 أكتوبر, 2025 - 13:43

كان جميل منصور يوما ينظر إليه بوصفه مناضلا من طراز خاص يمثل النموذج الذي يجسد وعي المثقف الملتزم بقضايا أمته الساعي إلى ترسيخ قيم العدالة والحرية ومقاومة الفساد غير أن المتابع اليوم يلحظ تحولا مؤلما في مواقفه وخطابه تحولا يبدو أنه ابتعد به عن ذلك النهج النضالي الذي ميزه في بداياته.
إن أخطر ما يمكن أن يصيب المثقف هو أن يفقد استقلاله الأخلاقي والفكري وأن يتحول من ناقد للسلطة إلى مبرر لها ومن حامل لمشعل الوعي إلى أداة لتجميل الواقع الفاسد فحين يتنازل المثقف عن دوره النقدي ويستبدل لغة الحق بلغة التبرير فإن خسارته لا تكون شخصية فحسب بل تمتد لتطال صورة النخبة الثقافية بأسرها
وليس المقصود هنا التشهير أو النيل من الأشخاص بل الإشارة إلى ظاهرة عامة تتكرر في واقعنا المويتاني: مثقفون كانوا صوت الضمير الحر فإذا بهم ينقلبون إلى جزء من آلة التبرير يسعون إلى التقرب من أصحاب النفوذ أو ركوب موجة الرأي السائد إن هذا الانحدار أيا كانت مبرراته يمثل خيانة لرسالة الفكر التي تقوم أساسا على الصدق والاستقلال والشجاعة؟ في قول الحق.
إننا بحاجة اليوم إلى أن نستعيد معنى “المثقف المناضل”؛ ذاك الذي يقف مع الحقيقة مهما كان الثمن ويواجه الانحراف والفساد لا يبرره ويظل وفيا لقيم الحرية والعدالة حتى وإن خذله الجميع. فالمثقفون الحقيقيون لا يعرفون بمواقعهم بل بمواقفهم ولا بقربهم من السلطة بل بقدرتهم على قول كلمة الحق في وجهها.
أ
.