بعد رد “حماس”: انهيار مشروع اليمين الصهيوني محمد سليم قلالة

5 أكتوبر, 2025 - 10:58

اتفق جميع المحللين بما في ذلك أعداء حركة حماس أن ردها من حيث المحتوى كان في مستوى تطلعات الشعب الفلسطيني، ومن حيث منهجية الطرح والأسلوب كان قمة في الذكاء والنضج السياسي والمسؤولية، وهو ما يؤكد أن جميع فصائل المقاومة في فلسطين التي شاركت في الرد كما كانت قمة في الأداء العسكري كانت قمة في الأداء السياسي والدبلوماسي وستكون قمة في المراحل القادمة التي ستَتبَع وقف هذا العدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني.
لقد تمكنت المقاومة من خلال المبادرة بمعركة طوفان الأقصى، وما تبعها من هجوم ظالم على المدنيين في قطاع غزة من كسب معركة الرأي العالمي أولا، ومن إحياء القضية الفلسطينية في قلوب ملايير البشر بعد أن كادت تدخل طي النسيان ثانيا. وما استمرار المظاهرات الكبرى في الكثير من عواصم العالم إلى اليوم سوى دليل قاطع على التحول الحاصل على الصعيد العالمي في هذا المستوى، خاصة بعد الاعتداء السافر على أسطول الصمود واختطاف المشاركين فيه واقتيادهم ظلما إلى السجون الاسرائيلية.

كما تمكن الشعب الفلسطيني من خلال صموده ورفضه سياسة التهجير وصبره على سياسة التجويع الصهيونية المقيتة، وتقديمه عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى تباعا، من انتزاع اعتراف الحكومات الغربية الأساسية بحقه في تقرير المصير وإنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة على أرضه المحررة. وهكذا باتت الدول الرافضة أو المؤجِّلة للاعتراف بالدولة الفلسطينية معزولة وأقلية مقارنة بمجموع دول العالم التي لم تتردد في إعلان تأييدها لحل الدولتين.

وظن الكيان الصهيوني بأنه سيلغي جميع هذه المكاسب بمناورة يُقدِّمها تحت غطاء أمريكي من خلال مبادرة “ترامب” للسلام فإذا بسحره ينقلب عليه ويُدخله في حالة صدمة لم يسبق أن عرفها من قبل بعد أن أمر الرئيس الأمريكي بوقف فوري لإطلاق النار بعد وقت وجيز من استلامه رد المقاومة الفلسطينية على مبادرته، بل زاد عن ذلك بأن نشرها على حسابه في منصة تروث سوشيل وكتب بوضوح: “استنادا إلى البيان الذي أصدرته حماس للتو، أعتقد أنهم مستعدون لتحقيق سلام دائم. يجب على إسرائيل أن توقف فورا قصف غزة، حتى نتمكن من إخراج الرهائن بأمان وسرعة. في الوقت الراهن الوضع خطير جدا للقيام بذلك. نحن بالفعل في مناقشات حول التفاصيل التي يجب التوافق عليها. الأمر لا يتعلق بغزة وحدها، بل يتعلق بالسلام المنشود منذ زمن طويل في الشرق الأوسط”.

ولذلك جاءت تصريحات اليمين الصهيوني في الكيان صادمة كقول بعضهم أن “ترامب باع إسرائيل” أو أنه بات “يحب حماس”! كما لم يستطع نتن ياهو ولا وزرائه تقديم أي تعليق مباشر من هول الصدمة التي ألحقها بهم رد حماس وموافقة الرئيس “ترامب” عليه! ولحفظ ماء الوجه، أصدر ديوان نتن ياهو بيانا يقول فيه بأنه أمر قواته بوقف العلميات الهجومية والاستمرار في العمليات الدفاعية، ناسيا أنه كان قبل أيام يُمنِّي النفس باحتلال كل القطاع وتهجير سكانه إلى أي مكان في العالم! وناسيا أنه كان أيضا منذ أيام قليلة، وعلى لسان وزرائه المحبَطين يُبشِّر ببناء مستوطنات جديدة في غزة كدليل على احتلالها الكامل والسيطرة عليها، ناهيك عن الضفة الغربية التي بات يُنظَر لها كجزء من “إسرائيل” الكبرى لا يمكن التنازل عليه…

كل هذا انهار بين عشية و ضحاها، لا شروطه الخمسة تحققت ولا هو كسب الرأي العام العالمي! فلا أسراه تتحرروا من خلال القوة العسكرية، ولا المقاومة استسلمت، ولا السلطة الفلسطينية تم إبعادها كلية من مشروع الحل، ولا جيشه سيطر أمنيا على غزة، ولا هو أقام سلطة عميلة له في القطاع كما كان يتوقع! بل العكس هو الذي حدث تماما، التفاوض والتبادل كان طريق قبول المقاومة تحرير الأسرى، وهذه المقاومة هي التي استقبل ترامب مقترحها ونشره في حسابه، وهي التي طالبت في ردها بإشراك جميع القوى الفلسطينية -ضمن موقف وطني جامع- في حكم غزة وفي كل ما يتعلق بالملف السياسي لمستقبل الدولة الفلسطينية، وهي التي أوصلت المفاوضات مع ترامب عربيا ودوليا إلى أن يرفض التهجير (بعد أن كان من دعاته) ويرفض احتلال غزة بعد أن أطلق يد الجيش الصهيوني للقيام بذلك في بداية عهدته…

لذلك قلنا في كل الحالات انتصرت المقاومة وانهزم اليمين الصهيوني وسيتبدد إلى غير رجعة…

 

الفيس بوك

بث مباشر